العدد 5370 - السبت 20 مايو 2017م الموافق 24 شعبان 1438هـ

الكويت: زيادة الرسوم والضرائب لا تسد إلا 5% من عجز الموازنة

كشفت مصادر مصرفية لصحيفة «القبس» الكويتية أن نقاشات فتحت على مستويات مالية معينة حول إصدار سندات بالعملة الأجنبية (الدولار) محلياً لسد عجز الموازنة، وهذا سيكون للمرة الأولى في السوق المحلية، حيث إنه يتم الآن إصدارات بالسندات والتورق لسد العجز بالعملة المحلية (الدينار الكويتي).

وأوضحت المصادر أن النقاش قد يفتح مع بنك الكويت المركزي الذي بدوره سيناقش ذلك الأمر مع البنوك المحلية بخصوص عمليات من هذا النوع أم لا، وكيفية الإصدار والفترات، وهل ستكون طويلة المدى أم قصيرة المدى.

وأشارت المصادر إلى أن المعنيين يقومون بعملية جس نبض للسوق ومدى قابليتها للسندات الدولارية، خصوصاً أن البنوك لديها سيولة، وتسعى إلى توظيفها، مؤكدة أن النقاش مع البنوك سيشمل الفائدة والربحية التي ستحققها، وهل ستكون أقل من فائدة الإصدارات الخارجية أم ستكون متساوية؟

وأفادت المصادر بأن على وزارة المالية ان تدرس إمكانية الإصدار من قبل بنك الكويت المركزي عن طريق البنوك، أم ستقوم «المالية» بتفويض الهيئة العامة للاستثمار للقيام بهذا الدور، أم أن دور الهيئة العامة للاستثمار سيقتصر فقط على الإصدارات بالعملة الأجنبية خارج السوق المحلية.

ولفتت المصادر إلى أن الأمر الآخر المهم في النقاش هو القانون. فهل سيسمح القانون بقيام وزارة المالية بإصدار سندات بالدولار في السوق المحلية، أم أن ذلك يتطلب تعديلات على القانون المعمول به.

وأكدت مصادر مصرفية رفيعة ل‍ القبس أن لدى البنوك المحلية استثمارات بالدولار في بنوك عالمية (منها إنتر بنك) بما يوازي 8 مليارات دينار (نحو 26 مليار دولار)، وهذه الأموال يمكن أن يوظف منها جزء في إصدارات كويتية سيادية بالدولار الأميركي، سواء كان الإصدار خارجياً أو داخلياً.

وأضافت المصادر أن «المشكلة» تكمن في أي مدى يمكن أن يسمح به البنك المركزي بالسحب من السيولة المصرفية.

1.5 مليار فقط

فالمعلومات الأولية التي حصلت عليها القبس تشير إلى أن المتاح (نظرياً)، هذه السنة قد لا يتجاوز 1.5 مليار دينار لاكتتابات المصارف المحلية بالسندات والتورق بالدينار، مقابل أكثر من ملياري دينار لسد عجز ميزانية السنة المالية الماضية المنتهية في مارس الماضي والمسألة لا تتعلق بحجم السيولة، فالسيولة وفيرة نسبيا وتبلغ (بالدينار) 3.6 مليارات دينار، فالإجمالي الموظف في أدوات البنك المركزي يبلغ 7.7 مليارات دينار منها 4.1 مليارات في أدوات الدين العام الحكومية، بل ان المسألة تتعلق بما ستفعله الحكومة بالأموال المقترضة، وهل هي لدفع الرواتب والسخاء في الدعم، أم أنها ستستخدم الأموال «جسراً» تعبر عليه نحو إصلاحات حقيقية تزيد معها الإيرادات غير النفطية؟؟!

وقالت مصادر رفيعة لـ القبس، إن المشهد غامض حتى الآن، فما أجرته الحكومة من إصلاحات بزيادة أسعار البنزين وتعرفات الكهرباء والماء وزيادة رسوم أشغال أملاك الدولة.. حصيلته ضئيلة جداً ولا تسد حتى %5 من العجز، ومن غير المرجح أي إصلاح إضافي هذه السنة لأسباب متصلة بالمناخ البرلماني والشعبي المعارض لأي «زيادات» جديدة في أسعار الخدمات العامة وأي ضرائب جديدة، حتى إن ضريبة القيمة المضافة التي ستبدأ دول الخليج بتطبيقها اعتباراً من 2018 قد تتخلف الكويت عنها، علماً بأن وزارة المالية نفسها تقول «إن المنتظر من تلك الضريبة لا يمكن التعويل عليه كثيراً».

وأكدت المصادر أن وثيقة الإصلاح في مرحلة «موت سريري» الآن، وعلمت القبس أن تعليمات صدرت لجهات رسمية معنية مفادها «توقف الحديث عن وثيقة الإصلاح» لأن مجرد ذكرها يثير حفيظة نواب ومواطنين الآن. لذا، آثرت جهات حكومية ممارسة «الصمت الإصلاحي» حالياً، ريثما ينجلي غبار المعركة التي فتحها نواب ضد إجراءات وزارة المالية الرامية لزيادة الإيرادات غير النفطية.

أما الحديث الدائر عن جهود للجم الهدر فلا طائل كبيراً منه بدليل أن موازنة 2018/2017 أتت بإنفاق عام قريب من ذلك الذي كان في موازنة 2017/2016. وتعزو المصادر المالية ذلك إلى عدم تعاون عدد كبير من الوزارات والجهات العامة.

وأضافت: يستخدمون تعابير مثل «الترشيد» و«ضبط الهدر» لتقطيع الوقت بشعارات ظاهرها إصلاحي أما واقعها فصعب التحقيق، وإذا تحقق شيء ضئيل فيأتي بشق الأنفس.

أما حديث تحصيل إيرادات من عمليات الخصخصة فلا طائل منه أيضاً في المرحلة الحالية للأسباب عينها، أي الاعتراض النيابي والشعبي فضلاً عن عدم جدية الحكومة نفسها في المضي قدماً في هذا الطريق الوعر.

وخير دليل على عدم جدية الحكومة في الخصخصة ما جرى ويجري على صعيد تحويل الخطوط الجوية الكويتية إلى شركة خاصة فيها حصة لشريك استراتيجي. فهذا «المشروع» متداول منذ 10 سنوات ويراوح مكانه لا بل يتراجع للوراء بعدما أكدت الحكومة أنها ستبقى مسيطرة على %51 من أسهم الشركة.

وعلى صعيد الرواتب والأجور لا شيء اصلاحياً يذكر، لأن البديل الاستراتيجي مغضوب عليه برلمانياً وقد يرفض المشروع كله.

والحال هذه، سيبقى الدّيْن العام يرتفع.. يرتفع. وقد بلغ كما في نهاية السنة المالية المنتهية في مارس الماضي بحسب أرقام رسمية حصلت عليها القبس نحو 6.28 مليارات دينار، أي بارتفاع نسبته %295 في سنة، فقد كان في نهاية مارس 2016 نحو 1.59 مليار دينار فقط. وستضطر وزارة المالية إلى مزيد من الاقتراض في ظروف أصعب نسبياً من السنة الماضية، رغم العزم الذي تظهره الحكومة «على الورق» لإجراء إصلاح يطمئن المستثمرين في الإصدارات السيادية.

وفي سياق التطمين «النظري» حصلت القبس على مراسلة من مجلس الوزراء إلى وزارة المالية بشأن الإصدار السيادي الدولاري هذا نصها:

نص الوثيقة

اطلع مجلس الوزراء في اجتماعه رقم 2017/14 المنعقد بتاريخ 2017/04/03 على التوصية الواردة ضمن محضر الاجتماع رقم 2017/13 للجنة الشؤون الاقتصادية المنعقد بتاريخ 2017/03/19 بشأن الموضوع الاصدار السيادي بالدولار الأميركي، حيث اطلعت اللجنة على العرض المرئي المقدم من ممثلي وزارة المالية بشأن إصدار السندات السيادية الكويتية بالدولار.

كما تضمن العرض أهم المستثمرين في السندات الحكومية الكويتية العالميين والإقليميين، وحجم التغطية ومبلغ الإصدار مقارنة مع دول المنطقة، إضافة إلى تكاليف الإصدار، والفائدة وتكلفة الاقتراض وتأثير التصنيف الائتماني، وأسباب الاقتراض من الأسواق العالمية، إضافة إلى التوصيات التالية:

– ضرورة التواصل مع المستثمرين في الخارج لمعرفة وجهة نظرهم حول الكويت.

– ضرورة نشر الإنجازات بالأرقام وليس بالكلام.

– يجب تحديد الميزانيات التنافسية لدولة الكويت والاستثمار فيها.

– لا بد من تفعيل التعاون بين الجهات الحكومية خاصة في مجال جمع المعلومات وتوحيدها.

– توسعة الاقتصاد المحلي أمر في غاية الأهمية ويجب تحويل الشعارات والكلام إلى أرقام فعلية.

– الشفافية والدقة في الطرح واستشراف المستقبل علمياً وعملياً جوانب مهمة جداً عند التواصل مع المستثمرين العالميين.

– أن هناك حاجة لبيع سندات لفترة استحقاق 30 سنة، حيث من الممكن أن الحكومة ستلجأ للاقتراض مرة ثانية من الأسواق العالمية في ضوء استمرار العجز في ميزانية الدولة.

– هناك ضرورة ملحة على جميع الأطراف المعنية في الكويت للعمل معاً وضمن أهداف رقمية محددة لإجراء إصلاحات مالية واقتصادية واسعة والسعي لزيادة الايرادات غير النفطية إلى ثلاثة أضعاف ما هي عليه الآن وتوسعة الأنشطة الاقتصادية لابقاء مساهمة القطاع النفطي في النتاج المحلي الإجمالي دون %40.

وأصدر المجلس قراره رقم 476 التالي:

أولاً: أحيط المجلس علما بالعرض المرئي المقدم من وزارة المالية بشأن إصدار السندات السيادية الكويتية بالدولار الأميركي، واثنى على الجهود التي بذلها الوفد المكلف بتسويقها.

ثانياً: التأكيد على وزارة المالية والجهات المعنية بالشأن الاقتصادي والمالي بمواصلة الجهود والخطوات الجادة لتحقيق الإصلاح المالي والاقتصادي والعمل على تنويع مصادر الدخل للحفاظ على التصنيف الائتماني الكويتي في مكانة تعكس الثقة الكبيرة لدى المستثمرين بالاقتصاد الكويتي.

تحليل الوثيقة

يتضح من تلك المراسلة أن المستثمر الأجنبي، الذي اكتتب بالإصدار السيادي بالدولار (حصيلته 8 مليارات دولار)، لم يكتتب إلا بعد أسئلة محددة طلب عليها أجوبة هي الآن التزامات برقبة الحكومة.

فمجلس الوزراء يطلب من وزارة المالية نشر إنجازات «بالأرقام وليس بالكلام»، وتحويل توسعة الاقتصاد وتنويعه إلى «أرقام فعلية وليس كلاما فقط».

وطلبت الحكومة من وزارة المالية زيادة الإيرادات غير النفطية %300، لكن لم تحدد السبيل الى ذلك، وهل سيكون عبارة عن ضرائب ورسوم إضافية على المواطنين والقطاع الخاص، أم من مصادر أخرى غير معروفة حتى الان؟!

كما طلبت الوثيقة، التي حصلت عليها القبس، إبقاء مساهمة القطاع النفطي في الناتج دون %40 من دون الخوض في تفاصيل ذلك.

 

%10 من الإصدار الدولاري من نصيب بنوك الكويت

علمت القبس أن البنوك المحلية طلبت بكثافة الاكتتاب بالإصدار السيادي الحكومي بالدولار، لكن البنك المركزي وجه بضرورة منحهم %10 فقط من حجم الإصدار، وأصرت الجهات الحكومية على أهمية أن يكون الاكتتاب دولياً ومن أسماء لامعة معينة، لأن «الاسم» يعني كثيراً لسمعة الدولة وإصدارها.

وقالت مصادر معنية ل‍ القبس: نترك البنوك المحلية لظروف أخرى ومناسبات قد لا يكون فيها المناخ الدولي مؤاتياً لإصدار ناجح بتكلفة معقولة.

وقالت: المستثمر الأجنبي يسأل: من اشترى سندات الكويت؟ وعندما يعرف تلك الأسماء التي حظينا باكتتابها يتشجع ويقبل على إصداراتنا المقبلة.

43 مليون دينار فوائد تقاضتها المصارف المحلية

توافرت معلومات لـ القبس أن الخزانة العامة دفعت فوائد دين عام (سندات وتورق) في السنة المالية المنتهية في مارس الماضي نحو 43 مليون دينار، علماً أن الدين العام ارتفع من 1.59 مليار إلى 6.28 مليارت دينار في سنة، علماً بأن السندات الدولارية أصدرت قبيل نهاية السنة المالية، وأن السندات المحلية التي اكتتبت بها البنوك كانت تصدر تباعاً، أي أن فوائدها أو العوائد عليها دخلت تدريجياً ومنها دخل بعد 6 أشهر من إصداره.

خوف متصاعد من خفض تصنيف الكويت الائتماني

حذرت مصادر رسمية في حديث خاص جداً مع القبس من امكان خفض تصنيف الكويت إذا استمر الوضع الإصلاحي متردداً كما هو اليوم، وقالت تلك المصادر المطلعة إن مؤسسات التصنيف الائتماني التي زارت الكويت أخيراً طرحت أسئلة كثيرة على عدد من الجهات الحكومية.

وستقيم ما سمعته لتقارنه بالأرقام الفعلية والحقائق الدامغة بعيداً عن أي تهويل أو تهوين، علماً أن مؤسسات التصنيف باتت ملتزمة «أدبياً» لقول الحقيقة لا سيما إلى المستثمرين الأجانب في سندات الكويت الدولارية.

بعثة صندوق النقد سمعت كلاماً متناقضاً

علمت القبس أن بعثة صندوق النقد الدولي التي زارت الكويت مؤخراً سمعت كلاماً متناقضاً بين جهة وأخرى من الجهات التي التقتها. فهناك من {أمعن} بالحديث عن إصلاحات مستمرة على قدم وساق، مقابل من أبدى تشاؤماً حيال مستقبل الإصلاحات في ضوء تزايد الاعتراض النيابي والشعبي، خصوصاً بشأن رفع الرسوم والضرائب والخصخصة والبديل الاستراتيجي. وقال مصدر: صندوق النقد سيأخذ برأي الجهة الأكثر مصداقية.. وهي معروفة.

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً