حين الحديث عن التصنيف السياسي، فإن الموضوع لدينا محصور بمساحة الدولة/الوطن، ومنوط بأفراد شعبها، الذي هو الأصل الجامع ومصدر جميع السلطات، دون أي ربط بأي طرف خارجي، قريباً كان أو بعيداً، صديقاً كان أو عدواً، إذ إن من الطبيعي أن هذه الأطراف الخارجية، لا يعنيها إلا مصالحها، ولا شيء سواها.
وحين الحديث عن التصنيف السياسي، فإن محوره هو الموقف الشعبي من المتكأ السياسي، المتمثل في الحكم والحكومة، فهما مكون واحد، أو أنهما مكونان منسجمان متكاملان، ومن الطبيعي أن يتصنف الناس سياسياً، إلى موالٍ ومعارض أو ما بينهما، تجاه هذا المتكأ، الذي هو حقاً متكأ للجميع من حيث أن الحكومة من خلال التسهيل لها تدير أمور الدولة/ الوطن، بما هو مفترض أن يعود على جميع المواطنين بالحقوق المتساوية، بدءً من حق رعاية الأمومة والطفولة، التي تنجب بناة الوطن السَليمين، وإلحاقاً رعاية النشأ، بالرعاية الصحية والتعليمية الأساسية، ثم التمكين من الإلتحاق بدور العلم المدرسية والجامعية، وصولاً إلى حق العمل ذي المرود المادي العادل، الذي هو أساس الاستقرار والرخاء المعيشي، وهو الدافع للعمل والأداء بما يجعل جميع المواطنين رجالاً ونساء وَلّادين لأجيال متعاقبة من خيرة بناة الدولة/الوطن.
هذا من الناحية المادية والمعيشية، أما من ناحية الاستقرار الأمني والنفسي الآني للمواطن الفرد، والذي قطعاً لا بد يأمله لنسله من بعده، فيلزمه تمتع المواطن بحقوقه المدنية والسياسية، التي تحفظ له كرامته الإنسانية، وبما يأمل أحسن منها للأجيال القادمة.
فيأمن نفسه في يومه، ويستيقن أمنه لولده إيجاباً في غده، فيحوز سلامة جسده وعقله وشعوره ونفسيته، فلا يضام في إنسانيته وكرامته، ولا في حقوقه المادية منها والمعنوية، سواء بالضد لإجراء يحكمه القانون أو بسبب غيابه، ذلك القانون الذي يتوجب أن تُفَصَّل نصوصه، في تحديد الوجوب والخروج والإجراء، أو سواء بالضد لحق إنساني كفلته المعاهدات والإعلانات الدولية، بما يختص بها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وينسحب هذا الأمن على وجوب تلمس المواطن لحقيقة ومادية مساواته بالآخر في الحقوق والواجبات وأمام القانون.
وغياب تحقيق ذلك يعكس حالة من القصور في المنظومات التشريعية القانونية، والقضائية والتنفيذية، يختلف على الموقف منها المواطنون، كما هو متعارف عليه في التفريق ما بين، النظام المدني الديمقراطي والنظام الشمولي الدكتاتوري، فمتى ما سادت حالات من الشعور العام لدى كثرة من المواطنين الأسوياء، بتجاوزات القانون أو بتفاوت أحكامه ما بين أصحاب القضايا ذات الفعل المتماثل أو المتقارب، وفي حالة عدم حيادية الملاحقات القانونية، بمثل الاستماتة في ملاحقة البعض والتهاون في ملاحقة آخرين، بافتراض أن كلا الفريقين قد أتى جرماً، أو حين تجهد جهة الاتهام، في توصيف التهم على غير فعلها المادي المحدد، وذلك بالتأويل سواء لغرض تهويل الاتهام أو تهوينه، أو حين يفلت أي كان من العقاب، تقديراً وتأويلاً لفعل مُجَرَّم لو أتي به غيره، كما في إثارة الفتنة التي أشد من القتل، أو في قضايا الفساد وسرقة المال العام، وحين تشكوا هذه الكثرة من المواطنين، بتعرض بعضهم للتعذيب والمعاملة المهينة في مراكز التوقيف والتحقيق، وحين يتم إهمال شكواهم من ذلك، وحين يفلت المتهم بتعذيبهم من التحقيق الجاد المستقل، وتنتهي شكاوي المتعرضين للتعذيب والمعاملة المهينة، إلى إفلاتهم من العقاب.
وحين الحديث عن البحرين على الخصوص، تبقى الحقوق المواطنية الخاصة، التي هي أشمل من الحقوق الإنسانية العامة، لمواطني الوطن/ الدولة في أصلهم السلالي، المنتمي إلى أرض الوطن، المرتبط بأول تعداد للنفوس، وثق لمواطني الوطن/ الدولة، كما للبحرين في الإعلان رقم 20/1356 المؤرخ في الثامن من مايو/ أيار العام 1937 ميلادية.
وحين الحديث عن البحرين، فإن كل هذه الموجبات الإنسانية والمواطنية في استتبابها، وفي جدية ردع من يناهضها سواء لنفسه أو لغيره، هي مسؤولية الحكومة تجاه المواطن والمقيم، الأمر الذي يجعل المواطنين، ولكلٍ اصطفافه وأسبابه، يتصنفون سياسياً إلى سبع كُتل، بغض النظر عن مجالات عملهم لطلب العيش الكريم. (وللمقال بقية).
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 5370 - السبت 20 مايو 2017م الموافق 24 شعبان 1438هـ
تصنيفات خاطئة .. يعلم من يتعاكى معها انها تصنيفات ظالمة باهته ليس لها محل بين العقلاء
(الشعب مصدر السلطات) مسكينة هذه العبارة التي تكتب في الدساتير وتكون الواجهة لكن العمل خلافها فلا تجد لها وجود على ارض الواقع .
شعار ردّد ويردّد لكنه مغلوب على امره هو يكتب ويبروز ويعلّق ويتم التباهي به في حين انه مطرود ومغضوب عليه