يشارك عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في قمتين مهمتين لحاضر ومستقبل المنطقة بل والعالم، وهما قمة مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة الأميركية والقمة العربية الإسلامية الأميركية، واللتين تعقدان في المملكة العربية السعودية، يومي 20 و21 مايو/ أيار الجاري، وذلك بدعوة من العاهل السعودي جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
وتأتي مشاركة جلالة الملك لتؤكد من جديد حرص مملكة البحرين الدائم على تعزيز علاقات الصداقة والتعاون مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة تحقيقاً للمصالح والمنافع المشتركة، وتأييدها لأي جهد يصب في تعزيز الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة وفي مناطق العالم كافة.
إن القمتين تأتيان في ظروف بالغة الدقة في المنطقة والعالم الذي يواجه مخاطر الإرهاب والتطرف وغياب الاستقرار والأمن، لذلك فإن اجتماعي الرياض يكتسبان أهمية كبيرة في ظل سعي جميع المشاركين إلى بحث الطرق والأدوات الكفيلة بمحاربة الإرهاب وتعزيز الفهم الصحيح المتبادل بين الجانبين لتقديم الصورة الحقيقية عن الإسلام والمسلمين ومحاربة كل الأفكار المتطرفة.
وتعد القمة الخليجية الأميركية، قمة تاريخية غير مسبوقة كونها الأولى بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي والرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يأتي المملكة العربية السعودية في أول زيارة خارجية له منذ توليه منصبه بداية العام الجاري، ولعل تخصيص الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيارته الخارجية الأولى إلى المملكة العربية السعودية، ومشاركته في أعمال القمة الخليجية الأميركية، تعطي مؤشرات إيجابية ودلالات عميقة أبرزها، تأكيدها عبر شعارها الرسمي «العزم يجمعنا» على الشراكة الاستراتيجية الوثيقة والراسخة بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة الأميركية وبعث رسالة واضحة مفادها أن مجلس التعاون الخليجي لاعب سياسي واقتصادي مهم وصاحب دور محوري على كل المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية وخاصة فيما يتعلق بمكافحة التطرّف والإرهاب.
والتأكيد على أهمية دور المجلس في إرساء السلام والاستقرار في المنطقة، هذا الدور القيادي الذي يلعبه المجلس لمعالجة آثار الفوضى والاضطرابات التي جرت في المنطقة، وحماية شعوبها ومقدراتها، والذي جنب المنطقة ويلات عديدة وحمى أمنها واستقرارها. كما تؤكد القمة التزام مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة بالأمن العالمي وتوثيق العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية، وأيضاً تأسيس حوار وشراكة إيجابية وقراءة جديدة للواقع تتوافق وظروف المرحلة التي تمر بها المنطقة والعالم وتعزيز التعاون للقضاء على التطرّف والإرهاب، فضلاً عن فتح آفاق أرحب للتعاون في مجالات الاقتصاد والتنمية بما يخدم المصالح المشتركة للطرفين.
إن القمتين التاريخيتين فرصة لبحث محاربة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله، ولا شك فإن الدول الخليجية والعربية والإسلامية والولايات المتحدة الأميركية لها دور كبير في مواجهة الإرهاب، ويمكنهما زيادة التعاون عن طريق التحالف العسكري الإسلامي، الذي يتكون من 41 دولة والتحالف الدولي لمحاربة «داعش» بسورية والعراق، الذي يضم 60 دولة من مختلف دول العالم.
ومن الموضوعات المهمة التي ستبحثها القمتان مقاربات جديدة تجاه السياسات الإيرانية في المنطقة ووضع إطار مشترك يحفظ أمن واستقرار المنطقة عن طريق وضع حلول دائمة للأزمات التي تعاني منها المنطقة. والتأكيد أن علاقات العالم الإسلامي مع الولايات المتحدة والغرب عموماً هي علاقات شراكة وتعاون وليس علاقات توتر وعداء في ظل تقاسم الجانبين العديد من القيم المشتركة التي تهدف إلى تعزيز الأمن والسلم الدوليين.
ومن المقرر أن يُطلق زعماء القمة الخليجية الأميركية مركزاً عالمياً لمكافحة الإرهاب في الرياض وترسيخ قيم التعايش والتسامح، مع العمل على مكافحة تمويل الإرهاب وتجفيف منابعه وأيضاً إعطاء الشباب فرصاً أكبر للتعبير عن أفكارهم، وسيكون الرئيس الأميركي أحد المشاركين في منتدى المغرّدين الشباب لتعزيز التواصل وتبادل الأفكار والرؤى.
إن تعزيز الشراكة بين الدول الخليجية مع الولايات المتحدة الأميركية في جميع المجالات هو هدف خليجي أميركي مشترك في القمة التي تجمع قادة دول مجلس التعاون مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ويدعم هذا التوجه علاقات قديمة ووطيدة ومتشعبة تمتد لأكثر من نصف قرن من الزمان وكان لقاء القمة الأميركية - السعودية بين الرئيس فرانكلين روزفلت وجلالة الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه في فبراير/ شباط العام 1945 على ظهر الطراد الأميركية «كوينسي» هو بداية تأريخ تلك العلاقة ليس فقط بين المملكة والولايات المتحدة، بل مع دول الخليج كافة، إذ يمكن القول إن هذا الاجتماع ساعد على تشكيل إحدى أهم العلاقات الاستراتيجية في القرن العشرين.
وقد توطدت العلاقات الخليجية الأميركية خلال السنوات الماضية، ومن دلالات ذلك أن القمة الحالية تعد ثالث قمة خليجية أميركية خلال عامين ففي 14 مايو 2015، عقد في كامب ديفيد اجتماع بين ممثلي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأمين العام لمجلس التعاون والرئيس الأميركي باراك أوباما وأعضاء حكومته، أكد فيه القادة التزامهم بالشراكة الأميركية الخليجية طويلة الأمد وتعهدوا على الاستمرار في تعزيز الروابط بين الولايات المتحدة الأميركية ومجلس التعاون لبناء علاقات وثيقة في المجالات كافة.
ومنذ قمة كامب ديفيد، أحرز مجلس التعاون والولايات المتحدة الأميركية تقدماً كبيراً فيما يخص متابعة ما تم الاتفاق عليه فيما يخص مجموعات العمل المختلفة التي تم تشكيلها، التي تشمل: مجموعة العمل المشتركة الخليجية الأميركية لمنظومة الدفاع الصاروخي - مجموعة العمل الإمداد الخليجي الأميركي المشترك - مجموعة العمل الخليجية - الأميركية المشتركة للتدريب والتمارين العسكرية - مجموعة العمل الخليجية الأميركية المشتركة للأمن البحري - مجموعة العمل الخليجية - الأميركية المشتركة لعمليات القوات الخاصة - مجموعة العمل الخليجية الأميركية المشتركة لمكافحة الإرهاب - مجموعة عمل الأمن السيبراني الخليجية الأميركية المشتركة - مجموعة العمل الخليجية الأميركية المشتركة المتعلقة بإيران. وتم العمل على هيكلة مجموعات العمل المشتركة الحالية والاتفاق على آلية للمتابعة وتنفيذ مخرجات كامب ديفيد في اجتماعات لكبار المسئولين عقدت في 9 - 10 يونيو/ حزيران 2015، في الأمانة العامة، وفي 24 سبتمبر/ أيلول 2015، في نيويورك، وتم عقد اجتماع لكبار المسئولين تم خلاله تقييم تقدم مجموعات العمل وإعداد تقرير عنها وعرض النتائج على الاجتماع الوزاري الخامس لمنتدى التعاون الاستراتيجي في 30 سبتمبر 2015.
وعقدت اجتماعات وزارية مشتركة في 3 أغسطس/ آب 2015، في الدوحة - قطر، و30 سبتمبر 2015، في نيويورك - الولايات المتحدة الأميركية.
القمة الثانية كانت في 21 أبريل/ نيسان 2016، إذ عقد قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، في قصر الدرعية بالرياض، أعمال قمة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ورئيس الولايات المتحدة الأميركية.
ومن دلالات توطيد التعاون الخليجي الأميركي أيضاً تأسيس منتدى التعاون الاستراتيجي بين مجلس التعاون والولايات المتحدة الأميركية العام 2012، الذي عقد العيد من الاجتماعات المهمة آخرها كان الاجتماع الخامس الذي عقد في نيويورك في سبتمبر 2015.
العدد 5370 - السبت 20 مايو 2017م الموافق 24 شعبان 1438هـ