قال عالم الدين السيد عبدالله الغريفي في كلمة ألقاها بعد صلاة العشاءين في جامع الإمام الصادق (ع) في القفول مساء الخميس (18 مايو/ أيار 2017)، «جميل جدّاً أنْ تنشط المجالس القرآنيَّة في هذا الشَّهر الفضيل، فهي مجالس ربَّانيَّة، روحانيَّة، عباديَّة إلَّا أنَّه ممَّا يؤسف له أنَّها غيرُ مُوظَّفةٍ؛ لكي تحقِّق أهدافها الكبرى، فهي في حاجةٍ إلى ترشيد».
وانتقد الغريفي «عدم توفُّر قُرَّاء مؤهَّلين، وذلك في أغلب المجالس، عدم الإصغاء، والاستماع لتلاوة القرآن الكريم؛ لانشغال روَّاد المجالس بتبادل الأحاديث، ممَّا يُشكِّل استخفافاً بالقرآن الكريم، وإنْ كان عن غير قصد، غياب أيِّ برنامج يُوظِّف هذه المجالس توظيفاً يخدم أهداف القرآن الكريم الإيمانيَّة، والرُّوحيَّة، والثَّقافيَّة، والعمليَّة».
وتحت عنوان «نِداءُ القُرآنِ الكريم»، قال الغريفي: «نِداءُ القُرآنِ الكريم... هو عنوانٌ نطلقُهُ لموسمِ الشَّهرِ الفضيلِ في هذا العامِ، وأيُّ عنوانٍ أعظمُ من عنوانِ القرآن، وأيُّ نِداءٍ أسمى مِن نداءِ القرآن في شهر القُرآنِ: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ...) (سورة الفرقان: الآية 185)».
وتساءل الغريفي «ماذا نعني بنداءِ القُرآنِ الكريم؟»، مجيباً «نِداءُ القرآنِ الكريم هو نِداءٌ يَصْدرُ من القرآنِ يُخاطبُنا، يُطالبُنا، يُوجِّهُنا... بماذا يُخاطبُنا القرآنُ الكريم في شهرِ اللهِ؟ وبماذا يُطالبُنا؟ وبماذا يُوجِّهُنا؟ نداءُ القُرآنِ الكريم يُخاطبُنا، يُطالبُنا، يوجَهُنا أنْ نعطي للقرآنِ حضوره الحقيقي في هذا الشَّهر العظيم».
وتحدث الغريفي عن أن «شهرُ رمضانَ هو ربيعُ القرآن»، وقال: «جاء في الحديث: «لكلِّ شيء ربيعٌ ورَبيعُ القُرآنِ شهرُ رمضان» (الكافي 2/630، الشَّيخ الكليني)... ماذا يعني الرَّبيعُ؟ الرَّبيعُ هو الفصل ُالَّذي تزدهرُ فيه الطَّبيعةُ، وتُورقُ فيه الأشجارُ، وتتفتح فيه الوُرودُ والأزهارُ، ويظهر البهاءُ والجمالُ، وتنشط حركةُ الحياة، وتفرحُ النُّفوسُ، والأرواحُ. ففي شهر الله تزدهرُ الطَّبيعةُ القرآنيَّةُ. وفي شهر اللهِ يزدادُ تورُّقُ أشجارِ القرآن الكريم، وتتفتَّحُ وُرودُهِ وأزهارُهُ. وفي شهر الله يتجلَّى - أكثر - جمالُ القُرآنِ الكريم، وبهاؤُهُ. وفي شهر اللهِ تنشطُ معطياتُ القُرآنِ الكريم. وفي شهر الله تسمو الأرواحُ والنُّفوسُ العاشقةُ للقرآن الكريم. وهذا لا يعني أنَّ القرآن الكريم في غير شهر اللهِ ذابلةٌ طبيعتُه، وورودُهُ، وأزهارُه، وأشجارُهُ، وباهتٌ بهاؤُه وجمالُهُ، وخاملةٌ عطاءاتُه وفيوضاته، ولا تتعشَّقه القلوبُ والأرواح، فالقرآنُ في كلِّ الأزمانِ والأوقاتِ يحمل الرَّواءَ، والتَّورُّدَ، والازدهار، والجمال، والبهاءَ، والعطاء».
وأضاف «في الكلمةِ عن النَّبيِّ (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم): «القرآنُ هُدًى من الضَّلالةِ، وتبيانٌ من العَمَى، واستقالةٌ من العثرةِ، ونُورٌ من الظُّلمةِ، وضياءٌ مِن الأحداثِ، عصمةٌ مِن الهلكةِ، ورُشدٌ من الغوايةِ، وبيانٌ من الفتنِ، وبلاغٌ من الدُّنيا إلى الآخرة، وفيه كمالُ دينِكُمْ، وما عَدَلَ أحَدٌ عن القُرآنِ إلَّا إلى النَّارِ» (الكافي 2/600، الشَّيخ الكليني)، هذا هو القرآنُ الكريم في كلِّ الأزمان. هذا هو القرآنُ الكريم نورٌ، وهدًى، وخيرٌ وبركةٌ، ورحمةٌ، وشفاءٌ، وعطاءٌ. نعم، وبكلِّ تأكيد للقرآنِ الكريم في شهر اللهِ خصوصيَّاتُه. وللقرآنِ الكريم في شهر الله فيوضاتُه، وللقرآنِ الكريم في شهر اللهِ بركاتُه، وللقرآنِ الكريم في شهر اللهِ عطاءاتُه، وللقرآنِ الكريم في شهر اللهِ نفحاتُه، وللقرآنِ الكريم في شهر اللهِ جمالُهُ، ورونقُه، وبهاؤُهُ، وشَذَاهُ».
وتابع الغريفي «كيف يجب أنْ نتعاطى مع القرآن الكريم في شهر اللهِ؟ لكي نحظى في شهر الله بفيوضاتِ القرآن الكريم، ولكي نعيش في شهر الله بَرَكَاتِ القرآن الكريم، ولكي نتملَّى في شهر الله عطاءاتِ القرآن الكريم، ولكي تغمرنا في شهر اللهِ تجلِّياتُ القرآن الكريم، ولكي نتنسَّم في شهر الله أَشْذَاءَ القرآن الكريم، ولكي نتمتَّع في شهر الله بجمالِ القرآن الكريم، وبهاءِ القرآنِ الكريم، وروعةِ القرآنِ الكريم، وسناءِ القرآنِ الكريم».
وقال: «مطلوب منَّا: أوَّلاً: الإكثارُ من تلاوةِ القرآن الكريم، فلنعطِ التِّلاوةَ مساحةً في برنامجنا الرَّمضانيِّ. ولنملأ بيوتَنا، ومجالسَنا، ومساجدَنا بتلاوة القرآن الكريم. قال نبيُّنا الأكرمُ (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم): «أفضلُ عبادةِ أُمَّتي قراءةُ القرآن، ...» ( شرح نهج البلاغة 1/209، ابن ميثم البحراني)، وفي هذا الشَّهر الفضيل يتضاعف ثوابُ التِّلاوة، فلا تُفرِّطوا، ولا تقصِّروا، جاء في الخطبة الرَّمضانيَّة التي ألقاها النَّبيُّ (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم) على المسلمين وهم يستقبلون شهر الله: «...، ومَنْ تلا فيه - يعني: في شهر رمضان - آية مِن القرآن كان له مِثلُ أجر مَنْ ختم القرآنَ في غيرِهِ من الشُّهور، ...» (الأمالي، الصَّفحة 155، الشَّيخ الصَّدوق)، فإنَّها تجارةٌ - أيُّها المؤمنون - وما أربحها من تجارةٍ، مغبون، مغبون مَنْ فرَّط في هذه التِّجارة، وفي هذه الأرباح، وشقيٌ شقيٌ مَنْ حُرِم هذا العطاء الكبير».
وخاطب الغريفي الشباب، قائلاً: «أؤكِّد على الشَّباب، قَوُّوا صحبتكم مع القرآن الكريم، أكثروا من تلاوة القرآن الكريم... اسمعوا - أيُّها الشَّباب - هذا الحديث الصَّادر عن إمامكم الصَّادق (عليه السَّلام) حيث قال: «مَنْ قرأ القرآنَ وهو شابٌ مؤمنٌ اختلط القرآنُ بدمِهِ ولحمِهِ، وجعله اللهُ مع السَّفَرةِ الكرامِ البَرَرةِ، وكان القرآنُ حجيزاً عنه يومَ القيامةِ، يقول: يا ربِّ، إنَّ كلَّ عاملٍ قد أصابَ أجرَ عملِهِ إلَّا عاملي فبلِّغْ به كريم عطاياكَ، قال: فيكسوه اللهُ العزيز الجبَّار حُلَّتين مِنْ حُلُلِ الجنَّةِ، ويوضع على رأسِهِ تاجُ الكرامةِ، ثمَّ يقال له - يعني للقرآن -: هل أرضيناكَ فيه؟ فيقول القرآن: يا ربِّ، قد كنتُ أرغبُ له فيما هو أفضلُ من هذا، قال: فيعطى الأمنَ بيمينه، والخُلْد بيساره، ثمَّ يدخل الجنَّة، فيقال له: اقرأ آية واصعد درجةً، ثمَّ يقال له - للقرآن -: بلغنا به، وأرضيناك؟ فيقول: نعم، ...» (الكافي 2/604، الشَّيخ الكليني)».
وتتابعاً لحديثه عن المطلوب منا، قال الغريفي: «ثانياً: امتلاك عشق القرآن الكريم، ومطلوبٌ - منَّا - أنْ نملك (عشق القرآن الكريم) أنْ تكون تلاوتنا تلاوة العاشقين الذَّائبين في حبِّ القرآن الكريم، فلا يكفي أنْ يتحرَّكَ القرآنُ الكريم على ألسنتنا، وعلى شفاهنا، بل لا بدَّ أنْ يكون القرآنُ الكريم حاضراً بعمقٍ في قلوبنا، وفي أرواحنا، وفي مشاعرنا، وإلَّا كانت التِّلاوة جافَّة كلَّ الجفاف... أيُّها الأحبَّة، التِّلاوةُ لحظةُ مثولٍ بين يدي المعشوق الأعظم، الله بقدسِهِ، وجلالِهِ يخاطبُنا، يكلِّمنا، يتحدَّث معنا، ولكي نكونَ في مقام المثول في حضرة الرَّبِّ الجليل يجب أنْ نعيش لحظة انصهار وذوبان، ولحظة عشقٍ وحبِّ، وأنْ نتحرَّر من كلِّ الارتباطات، (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ...) (سورة الأنفال: الآية 2)، (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ) (سورة الزُّمر: الآية 23)... ثالثاً: امتلاك قراءة المتدبِّرين، ومطلوبٌ - منَّا - أنْ نقرأ القرآن الكريم قراءةَ المتدبِّرين، (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (سورة محمَّد: الآية 24)، (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ...) (سورة ص: الآية 29)».
وتابع «لا قيمةَ كبيرة لتلاوةٍ راكدةٍ جامدةٍ تتعامل مع الحروفِ والكلماتِ، ولا تتعامل مع المعاني والأفكار. ولا قيمة كبيرة لتلاوة تهتمُّ بالألفاظِ دون الدَّلالات. القِيمةُ حينما تكونُ التِّلاوةُ بصيرةً، تملك تدبُّراً، وتفكُّراً، وتأمّلاً، في الحديث: «...، لا خيرَ في قراءة ليس فيها تدبُّر، ...» (الكافي 1/36، الشَّيخ الكليني)».
وتحت عنوان «شروط التِّلاوة المتدبِّرة»، قال الغريفي: «لكي نحظى بتلاوةٍ متدبِّرة نحتاج إلى حضور القلب، حضور الذِّهن، ثقافة لغة، ثقافة تفسير، ترتيل تلاوة (التَّأنِّي في التِّلاوة)، عنه (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم): «لا يكنْ همُّ أحدِكم آخر السُّورةِ» (الكافي 2/614، الشَّيخ الكليني)».
وفي النقطة الرابعة من حديثه تطرق الغريفي إلى «التَّمثُّل العمليُّ للقرآن الكريم»، وقال: «مطلوبٌ مِنَّا أنْ نعيش تمثُّلاً عمليّاً للقرآن الكريم، بمعنى أنْ يكون للقرآن الكريم حضوراً في حياتنا، في الحديث: «ما آمَن بالقرآنِ مَنْ استحلَّ محارمَهُ» (عيون الحكم والمواعظ/ الصَّفحة 482)، وفي الحديث: «رُبَّ تالٍ للقرآنِ والقرآنُ يلعنُهُ» (بحار الأنوار 89/184، العلَّامة المجلسي)».
ودعا الغريفي إلى «قراءة القرآن الكريم قراءة المتعلِّمين»، مستشهداً بقوله (صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم): «إنَّ هذا القرآن مأدبةُ اللهِ، فتعلَّمُوا من مأدبتِهِ ما استطعتم، ...» (بحار الأنوار 89/19).
وبين الغريفي أن «التِّلاوةُ الحقَّةُ تعني التَّأدُّبَ بأدبِ القرآنِ الكريم، وامتثالَ أوامرِهِ، واجتنابَ نواهيه، قال الإمامُ الصَّادق (عليه السَّلام) شارحاً قولَ الله تعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ ...) (سورة البقرة: الآية 121): «يرتِّلون آياتِهِ، ويتفهَّمون معانيه، ويعملون بأحكامِهِ، ويرجونَ وعده، ويخشونَ عذابَهُ، ويتمثَّلونَ قُصصَه، ويعتبرون أمثالَهُ، ويأتون أوامرَهُ، ويجتنبونَ نواهيه، ما هو واللهِ بحفظِ آياتِهِ، وسردِ حروفِهِ، وتلاوةِ سُورِه، ودرسِ أعشارِهِ أخماسِهِ، حفظوا حروفَهُ، وأضاعُوا حُدودَهُ، إنَّما هو تدبُّر آياتِهِ يقول الله تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ...) (سورة ص: الآية 29)» (ميزان الحكمة 3/2526، محمَّد الريشهري)».
وشدد الغريفي على أن «نداءُ القرآن الكريم لكلِّ المسلمين، أنْ يكونُوا أمَّةً واحدةً، (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (سورة الأنبياء: الآية 92)، (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) (سورة المؤمنون: الآية 52)».
وتساءل الغريفي «كيف حال المسلمين اليوم؟»، وأجاب «إنَّهم أممٌ شتَّى، شعوبٌ شتَّى، أوطانٌ شتَّى، مصالحهم شتَّى، أهدافُهم شتَّى، مواقفُهم شتَّى، مصالحهم شتَّى، أهدافُهم شتَّى، مواقفُهم شتَّى، شعاراتهم شتى، سياساتُهم شتَّى، فماذا بقي من عنوانِ الأمَّة الواحدة؟».
وبين أن «نداءُ القرآن الكريم لكلِّ المسلمين، أنْ لا يتفرَّقوا، وأنْ لا يتنازعُوا، (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ...) (سورة آل عمران: الآية 103)، (... وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ...) (سورة الأنفال: الآية 46)».
متسائلاً «كيف حال المسلمين اليوم؟»، وقال: «إنَّهم متنازِعُون، متفرِّقون، متحاربون، متقاتلون، متباعدون، متشتِّتون».
وذكر أن «نداءُ القرآن الكريم لكلِّ المسلمين، أنْ يكونوا أذِلَّةً على المؤمنين أعزَّةً على الكافرين، (... فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ...) (سورة المائدة: الآية 54)... فكيف حالُ المسلمين اليومَ؟ إنَّهم أشدَّاءُ على بعضهم، لا يعيشون الرَّأفةَ واللِّينَ والتَّسامحَ فيما بينهم، أمَّا مع أعداء الإسلام، فأذَّلةٌ، ليِّنُون، متسامحون، وهكذا انعكست الآية في واقع المسلمين فأصبحوا (أذَّلَّةٍ على الكافرين، أعزَّة على المؤمنين)».
وبين أن «نداءُ القرآن الكريم لكلِّ المسلمين، أنْ يكونُوا أقوياءَ في مواجهة التَّحدِّيات التي تهدِّد الإِسلام والمسلمين، (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ...) (سورة الأنفال: الآية 60)... فما حالُ المسلمين اليومَ؟ هل يملكون القوَّة التي تردع أعداءَ الإسلام والمسلمين؟ هل أعدُّوا القوَّةَ للدِّفاعِ عن قضاياهم العادلة؟ هل توحَّدت قوى المسلمين في مواجهة كلِّ مَنْ يريد الشَّرَ بمصالح هذه الأمَّة؟... أسئلة تحتاج إلى إجابات من خلالها يتبيَّن حالُ المسلمين».
وأوضح أن «نداءُ القرآن الكريم لكلِّ المسلمين، أنْ يعيشوا في السِّلْم كافَّة، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً...) (سورة البقرة: الآية 208)... خطابٌ للمسلمينَ أنْ يعيشوا أجواءَ السِّلم في كلِّ علاقاتهم الدِّينيَّة، والثَّقافيَّة، والاجتماعيَّة، والاقتصاديَّة، والسِّياسيَّة... فما حال المسلمين اليوم؟ أوضاعهم مأزومة، علاقاتهم متوتِّرة، أجواؤهم مرتبكة، خلافات، عصبيَّات، عداوات، كراهيات، معتركات، حساسيَّات، مشاحنات، موجات من عنفٍ، وفتنٍ، وتطرُّفٍ، وإرهاب».
وفي كلمة أخيرة، حملت عنوان «مجالسُ القرآن الكريم الرَّمضانيَّة»، قال الغريفي: «جميل جدّاً أنْ تنشط المجالس القرآنيَّة في هذا الشَّهر الفضيل، فهي مجالس ربَّانيَّة، روحانيَّة، عباديَّة إلَّا أنَّه ممَّا يؤسف له أنَّها غيرُ مُوظَّفةٍ؛ لكي تحقِّق أهدافها الكبرى، فهي في حاجةٍ إلى ترشيد... وممَّا يلاحظ على هذه المجالس: عدم توفُّر قُرَّاء مؤهَّلين، وذلك في أغلب المجالس، عدم الإصغاء، والاستماع لتلاوة القرآن الكريم؛ لانشغال روَّاد المجالس بتبادل الأحاديث، ممَّا يُشكِّل استخفافاً بالقرآن الكريم، وإنْ كان عن غير قصد، غياب أيِّ برنامج يُوظِّف هذه المجالس توظيفاً يخدم أهداف القرآن الكريم الإيمانيَّة، والرُّوحيَّة، والثَّقافيَّة، والعمليَّة، وهنا أخاطب: أوَّلاً: العلماءَ، وطلَّابَ الحوزات الدِّينيَّة، ثانياً: كلَّ حَمَلَة الثَّقافة القرآنيَّة، ثالثاً: الجمعيَّات القرآنيَّة، رابعاً: المؤسَّسات الدِّينيَّة، خامساً: مشاريع التَّعليم الدِّينيِّ، سادساً: جميع قرَّاء القرآن الكريم المتخصِّصين... أخاطبهم جميعاً: أنْ ينشِّطوا الفعاليات القرآنيَّة في هذا الشَّهر، أنْ يحرِّكوا هذا الشِّعار: (نداء القرآن) من خلال المنابر، والمحاضرات، والكلمات، واللِّقاءات، أنْ ينطلقوا بمشروع التَّوظيف الهادف للمجالس القرآنيَّة، نشر قرَّاء القرآن المؤهَّلين على مستوى المُدن والقُرى؛ ليقوموا بجولاتِ على جميع مجالس القرآن الكريم في البحرين، تشجيع تجربة المجالس القرآنيَّة الجماعيَّة، وهي تجربة رائعة وناجحة، وقد تحرَّكت في بعض المناطق».
العدد 5369 - الجمعة 19 مايو 2017م الموافق 23 شعبان 1438هـ
حفظك الله سيدنا الجليل ...
كلمات جميلة في حق القرآن الكريم .. سنرفع شعار نداء القرآن في حياتنا ...