العدد 91 - الخميس 05 ديسمبر 2002م الموافق 30 رمضان 1423هـ

هل نساق إلى حرب ضد صدام؟

في وقت تعددت فيه أشكال الهجوم على الإسلام... وبدأ الإعلام ينتقد فرق التفتيش

روبرت فيسك comments [at] alwasatnews.com

سألتني سيدة اميركية اثناء حضورها محاضرة كنت ألقيها الشهر الماضي في شمال كارولينا، متى ستدخل اميركا في حرب ضد العراق؟ فأجبتها: راقبي الصفحة الاولى في كل من صحيفتي «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» في اولى حملاتهما الافترائية ضد مفتشي الاسلحة التابعين الى الامم المتحدة، وبالضبط بدأت الافتراءات في وقتها. فقد أوردت ان احد مفتشي الامم المتحدة - رجل تم تعيينه بوصية من وزارة الخارجية - متورط في صور فاضحة.

وقد أخبرنا الآن ان مسئولا كبيرا آخر - مرة أخرى تم تعيينه بضغط وزارة الخارجية - كان تم فصله من وظيفته رئيسا لوكالة السلامة النووية. أتعجب لماذا وماذا يريد الاميركيون من فريق التفتيش؟

كان يمكن ان تثار هذه التوافه في النهاية. فعلا، بدأ القرع الرسمي على وتر مفتشي الامم المتحدة في سبتمبر/ أيلول عندما اعلنت «نيويورك تايمز» في مقال جوديث ميلر ان فريق التفتيش الاول ربما يكون في «مهمة مستحيلة». وكان المصدر آنذاك «بعض المسئولين ومفتشون سابقون». الآن احدث الرئيس جورج بوش مرة اخرى ضجة كبرى عن نيران الدفاعات الجوية العراقية التي تم اطلاقها على الطيارين الاميركيين والبريطانيين - حتى لو ان نطاق حظر الطيران ليس معنية به الامم المتحدة، وفي الواقع ليس من شأن عمليات التفتيش. ويبدو ان عمليات التفتيش تسير في بغداد من دون معوقات. ولكن عن ماذا يخبرنا بوش؟ يقول: «حتى الآن المؤشرات غير مشجعة». ماذا يعني ذلك؟ يعني ان اميركا ستخوض الحرب مهما تكن نتائج التفتيش. واقنعت صحيفة «نيويورك تايمز» - التي أصبحت الناطق بلسان المسئولين الاميركيين - نفسها بان الدول العربية المجاورة للعراق يبدو انها تستعد لدعم الحملة العسكرية الاميركية. وعلى رغم كل التحذيرات التي يطلقها الزعماء العرب، والمتكررة مرات ومرات، وشهرا بعد شهر، وتحث اميركا على الا تشن حربا، فإن ذلك هو نوع من عدم الاحساس السائد في الولايات المتحدة.

وجاءت الحكومة البريطانية الآن بملف آخر من ملفاتها المشهورة عن انتهاكات صدام حسين لحقوق الانسان. نعم نحن نعلم جميعا كيف أن صدام وحشي، نعلم غرف الاغتصاب والاعدامات والتعذيب عندما ندعمه بشغف في غزوة ايران في العام 1980. اذا لماذا نثير ذلك مرة اخرى؟

نأخذ فقط نقطة واحدة في الملف البريطاني الاخير. اظهر الملف اسم شخص يدعى عزيز صالح أحمد «جندي في الجيش الجمهوري» مهمته «انتهاك شرف النساء». الآن فقط تذكرت ذلك الاسم. أليس هو عزيز صالح أحمد المذكور في الصفحة 287 من الكتاب المنشور في العام 1993 بواسطة كنعان مكية، الذي سمى نفسه رسميا سمير خليل؟. لماذا في الواقع انه هو عزيز صالح أحمد المذكور «بانه جندي في الجيش الجمهوري» - ويمكنك تخمين ذلك - «المنتهك لأعراض النساء».

انني اعلم عن غرف الاغتصابات في عراق صدام. فقد دخلت في احداها في مدينة دهوك الشمالية في العام 1991، ورأيت ملابس النساء (الداخلية) ملقاة على ارضيتها. ولكن المهم هنا لماذا نردد قصة عزيز صالح أحمد مرة ثانية وكأننا نكتشفها وهي على الاقل عمرها ثمانية اعوام - وفقا لمكية - وقد ظهرت اولا منذ اكثر من عشر سنوات. ومرة اخرى يحاول الاميركيون الربط بين اسامة بن لادن وصدام في محاولة يائسة لربط الحرب ضد الارهاب بالحزب من اجل النفط (وهي سبب كل الأزمة العراقية) ويردد نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني الاسطوانة المشروخة نفسها عن علاقة زعماء الارهاب بصدام ، على رغم ان اسامة بن لادن يمقت صدام حسين. لا يستطيع احد اطلاقا ان يثبت دليلا واحدا ولو ضعيفا ان لدى صدام علاقة بالجرائم الدولية ضد الانسانية في 11 سبتمبر/ أيلول. ولكن مازلنا نجبر على الاستماع لهذه التوافة. قبل عيدالميلاد او بعده لست متأكدا ولكنني اعتقد ان كتيبة المشاة الاميركية الاولى ستعبر جسور بغداد في غزوة اسبوع واحد.

وتظهر الصور الاولية العراقيين يرفعون العلامة «7» دليلا على الانتصار على الدبابات الاميركية، بينما تظهر الصور الثانية اعضاء حزب البعث وقد صلبوا في اعمدة الانارة بواسطة الشعب الذي اضطهدوه لسنوات.

وسنستخدم ذخيرة محشوة باليورانيوم المخصب ضد الجيش العراقي - كما حدث قبل عاما في صحاري جنوب العراق - مما اظهر الآن نوعا غريبا من امراض السرطان وسط الاطفال.

ويبدو أن كل ما يقوم به الجيش العراقي ردا على الغزو - اذ يفترض دائما انهم لا يملكون اسلحة نووية او كيماوية - هو احراز تقدم في ضربات تمويهية بواسطة المقاتلات المعتدية، وذلك كما حدث في الضربات الاميركية الفاشلة ضد صربيا في 27 مارس/آذار 1999.

وفي هذه الأثناء، يثير مستشارو السياسة الخارجية لادارة بوش قضية تصادم الحضارات. ومثالا على ذلك عضو مجلس سياسة الدفاع في البنتاغون كينث ادلمان، الذي قال ان وصف الرئيس بوش الدين الاسلامي بالدين المسالم من الامور التي يصعب اثباتها. فالاسلام في وجهة نظر ادلمان «دين عنف». اذ ان مؤسسه محمد (ص) كما يقولون محارب وليس طالب سلام، كما هو حال المسيح. كذلك هناك اليوت كوهين من مدرسة جونز هوبكنز للدراسات الدولية وعضو في مجلس البنتاغون يحتج الرجل بأن «عدو» الولايات المتحدة ليس الارهاب ولكن «الاسلام المتشدد». لم يتعاطف كل من ادلمان وكوهين ويوضحا موقف الدين الخاص بهما ولكن يستهدفان فقط وبوضوح الاسلام.

عموما تعددت اشكال الهجوم على الاسلام وبني الاسلام والمسلمين في الآونة الاخيرة. يجب ان نتجاهل كل هذا الحديث المنمق لمصلحتنا. هل يستجيب بلير ويتجاهل الافتراءات؟ أليس واضحا ان هناك اشخاصا شريرين وراء بوش؟ هل يعتقد بلير ان البريطانيين يساقون الى الحرب من خلال الملفات واعادة اثار جرائم صدام؟ ألسنا بحاجة الى ان يقوم المفتشون بعملهم؟ كلا، انني اجزم بأننا نستعد الآن للدخول في حرب. وان بريطانيا ستنضم الى اميركا مهما تكن نتائج بحث المفتشين وعملياتهمو في الواقع يتم اعدادنا الى احتمال مؤسف وغير معتمد يتمثل في أن خبراء الامم المتحدة لن يجدوا على الاطلاق اسلحة الدمار الشامل في العراق. نستخلص من ذلك نتيجة واحدة هي: «ان المفتشين ليسوا بارعين في عملهم يجب ان يعملوا من اجل النفط».

خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط

العدد 91 - الخميس 05 ديسمبر 2002م الموافق 30 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً