عندما اجتمعت اللجنة التي كلفها سمو رئيس الوزراء بإعادة النظر في قانون الصحافة الذي صدر حديثا كانت النية هي إلغاء الرقابة المسبقة على دور النشر والمكتبات التي تهدد سوق الكتب البحرينية فيما لو طبق القانون وإعادة النظر في المحظورات، بالإضافة إلى إلغاء عقوبة السجن وحذف العقوبات الأخرى التي تنص عليها قوانين خارج قانون الصحافة، وتسهيل الإجراءات المعقدة التي طرحها القانون الخاضع للتعديل.
وقد طرحت اللجنة الصحافية المكونة من رؤساء التحرير والمجموعة الثلاثية المنبثقة عن لجنة تفعيل الميثاق ملاحظاتها بصورة واضحة وبشكل مجدول، وأشار الوزير المطوع الذي ترأس اجتماعات اللجنة إلى أن وزارة الإعلام ستدرس التعديلات المقترحة وتعطي رأيها في اجتماع لاحق.
وقد أشار وزير الإعلام نبيل الحمر إلى أن الأمر سيترك إلى المجلس الوطني للبت في الاقتراحات والآراء من جميع الأطراف. وبعد ذلك نُشر تصريح لوزير الإعلام بشأن تقديم شكوى ضد إحدى الزميلات قال فيه إن المحكمة ستنظر في القضية بحسب القانون الجديد. وهذا التصريح ليس زلة لسان وإنما هي جملة تشير إلى أن القانون ساري المفعول وأن تعديله قد تطول مدته لأن علينا انتظار المجلس الوطني.
ونحن لا نعلم ما إذا كان هذا القانون من أولويات أعضاء المجلس الوطني، لذا فإن المدة المطروحة لتعديل القانون غير مربحة للصحافة البحرينية التي تنفست الصعداء منذ التصويت على الميثاق في فبراير/ شباط 2001.
وخلال الفترة المنصرمة تسلمت الصحافة رسالة «توجيهية» من الاخ وزير الإعلام تطلب تغطية (أو عدم تغطية) قضية معينة بأسلوب ما. وهذا النوع من الرسائل لا يتناسب والطرح الديمقراطي المؤمن باستقلالية الرأي وحكم القانون. فوزير الإعلام له رأي قد يتفق وقد يختلف مع غيره، والحاكم فيما بيننا يجب أن يكون القانون العادل المقبول محليا ودوليا.
إن الذي يعكر مزاج الصحافي ويعطل إبداعه هو خوفه من وصاية فوق رأسه، وهذه الوصاية قد تخضع لاعتبارات وصلاحيات إدارية خارج إطار ما هو متفق عليه في عالم الصحافة المتطور.
إن الممنوعات في عالم الصحافة المتطور واضحة ولا تحتاج إلى وصاية تخنق أنفاسها. فجميع الصحافيين في البحرين يلتزمون بعدم التعرض للذات الملكية وعدم التعرض للدين وعدم التحريض على العنف وعدم التحريض على حكم القانون وعدم تسخيف رمزية الدولة (كالعلم البحريني أو الدينار البحريني أو النشيد الوطني، إلخ)... ولذلك فإن فرض الوصاية على قطاع أثبت حسن تصرفه وأثبت قدرته على تحمل المسئولية ليس في محله.
إن القانون الجديد ليس سوى نسخة مشوهة وأشد سوءا من القانون القديم؛ لاحتوائه على تناقضات كبيرة. لذلك لا يمكن استخدامه في قضية ما، وخصوصا بعد أن أمر سمو رئيس الوزراء بإعادة النظر فيه، لأن هناك لجنة تجتمع لطرح وجهات النظر، وليس مقبولا أن يتم تسويف الأمر بأن يترك في ماكنة جديدة (المجلس الوطني) لا يعلم أحد متى ستبدأ بالنظر في قانون الصحافة، فلربما كانت لديها أولويات أخرى، وهذا ليس ذنب الصحافة البحرينية ولا يمكن معاقبتها وخصوصا بعد أن سارعت وأبدت آراءها أمام اللجنة التي أمر بتشكيلها سمو رئيس الوزراء. ومانأمله هو عدم تفعيل القانون السيئ تحت عذر انتظار المجلس الوطني
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 91 - الخميس 05 ديسمبر 2002م الموافق 30 رمضان 1423هـ