في العيد تتغير الألوان ويصبح لهذا اليوم الذي لا يأتي إلا في العام مرة طعام خاص واستعداد خاص وبهجة خاصة... فبالأمس، حيث العيد الرسمي خرج المصلون لإحياء صلاة العيد، وخرج الأطفال إلى الأحياء والبيوت المجاورة يباركون بالعيد ويطلبون «العيدية» التي تضفى على العيد مذاقا خاصا... فيما بقي البعض ينتظر اليوم (الجمعة) لكي يحتفل به أول أيام العيد. وتأتي وليمة العيد لكون الحدث الأكبر في يوم كهذا، غير أن غداء العيد الذي كان ينشغل فيه الاسبقون من صباح الله الباكر بعد انتهاء صلاة العيد إلى اقتراب موعد أذان الظهر، قد تغير هو الآخر مثلما تغيرت الكثير من الأشياء ذات القيمة الجليلة، فصارت المطاعم تتنافس على تقديم الوليمة الأكثر شهية مع اختلاف الأسعار التي تبدأ من 20 دينارا لتصل إلى 200 دينار للوليمة.
وشهدت المجمعات التجارية والمنتزهات والحدائق في المملكة أمس إقبالا عائليا منقطع النظير، غير أن المشهد ذاته يتكرر في كل عام بمناسبة عيد الفطر السعيد.
وعلى صعيد متصل نشطت رحلات الزيارات المقدسة وبشكل مكثف إلى العمرة، إذ آثر عدد من الصائمين ختم الشهر الكريم بزيارة إلى بيت الله الحرام ومسجد الرسول الأعظم، ولهذا المشهد الرائع تسارعت الباصات الحاملة للمعتمرين إلى جسر الملك فهد منذ صباح يوم أمس وحتى ساعات المساء الأولى، على أمل أن يصلوا مكة صباح اليوم.
من قرية المصلى القريبة من جدحفص انطلقت أربع ناقلات ممتلئة بالمعتمرين، عدد منهم عزم على البقاء في ضيافة الرسول (ص) أسبوعا كاملا، فيما اكتفى آخرون بأربعة أيام فقط تنتهي بانتهاء إجازة العيد المبارك.
يقول محمد سعيد: «إن العيد مناسبة سعيدة كي يجتمع الأصدقاء والأهل ويعيدوا روابط المحبة وأواصر المودة وهي فرصة عظيمة أيضا كي يتصالح فيها المتخاصمون وتتصافى النفوس وتتقابل القلوب على فرحة العيد».
إلى ذلك يقول أحمد إبراهيم: «إن فرحة العيد بالنسبة لي هي فرحة الطفل، فالأطفال هم الذين يشعروننا بالعيد من خلال بهجتهم واستقبالهم للعيد بملابسهم الجديدة وبصخبهم اللذيذ وبإلحاحهم علينا في الخروج للتنزه (...) كل أب ينسى نفسه عند اقتراب العيد ويفكر في أولاده فقط، ماذا سيشتري لهم من أشياء جديدة تسعدهم حتى يرى فرحة العيد في عيونهم».
تشاركه زوجته الرأي لتقول: «من مظاهر فرحة العيد صنع الكعك والبسكويت كونها لونا من ألوان البهجة وأول من يشعر بهذه البهجة هم الأطفال... وأنا أفضل صنع الكعك بنفسي لأدعو إليه أصدقائي وأصدقاء أولادي».
وتضيف: «إن فرحة العيد في لمّ الشمل، حيث تتقابل الأسرة الكبيرة التي قد تنقطع لقاءاتها لفترة من الزمن، بسبب مشاغل الحياة، وفي العيد الكل ينسى مشاغله وهمومه ويفرح بهذه المناسبة.
ياسر سلمان قال: «العيد فرحة كبيرة ومناسبة سعيدة خصوصا انه يأتي بعد شهر عبادة فيكون بمثابة الجائزة لنا (...) ان التواصل مع الأصدقاء في العيد يعطي نوعا من أنواع السعادة والطمأنينة».
مؤكدا: «تتواصل الأرحام التي يسودها الود بين الناس وتنسى الأخطاء ويتسامح البشر فيما بينهم، كما ان العيد مرتبط بالجديد، فمن منا لا يحرص على شراء ملابس جديدة بمناسبة العيد؟ لذلك فالعيد مرتبط بكل شيء جميل».
وأكدت لطيفة أحمد ان العيد في السابق كانت له فرحة أكبر، لأن الناس كانوا متقاربين أكثر من الآن، وقالت: «كنا نشاهد فرحة الأولاد ولعبهم في الحارات على رغم قلة الإمكانات المتاحة لهم وقتها، لمسنا تلاحم الأسر والجيران وتزاورهم لبعضهم في العيد، فكانت الفرحة تعم أبناء الحي كله كأنها فرحة قلب إنسان واحد(...) الآن مع كثرة الإمكانات وتوافر الماديات أصبح كل إنسان مشغول بنفسه، فكثر السفر إذ ان الفرد يريد أن يقضي إجازة العيد في بلد ما بعيدا عن بلده وأهله، ولا يهمه أن يتلاحم مع جيرانه وأقاربه في العيد، فصار التباعد بين الناس سمة واضحة».
تشاركها الرأي صديقتها أم محمد إذ تقول: «كان الناس قبل سنوات يتزاورون دون تكليف أو مواعيد مسبقة مثلما يحدث هذه الأيام فالزيارات يجب ان يسبقها استئذان عن طريق الهاتف، ثم تحديد موعد، وهذا يعطي شكلا رسميا للتزاور والتقارب بين الناس كما يزيد من التكلف للضيف ويعني مزيدا من الجهد».
وتزيد: «أما البساطة في التعامل لا تؤدي إلى التكلف، فكان الناس يتزاور دون مواعيد مسبقة ويجلسون معا يتحدثون ويتوادون ويأكلون المتاح والموجود حتى إن كان قليلا من الخبز والتمر والقهوة».
تغير العيد وتغيرت أحاديث الناس وذكرياتهم عنه، لكنه يظل على رغم تغيير السنوات والعادات والطباع يوما ذا مذاق خاص... ننتظره في كل عام لنحتفل فيه بوصفه يوما مميزا
العدد 91 - الخميس 05 ديسمبر 2002م الموافق 30 رمضان 1423هـ