لم يُعيِّد كل البحرينيين يوم أمس لاختلاف المرجعيات الدينية في تحديد الهلال. فبينما أعلنت هيئة الرؤية الرسمية العيد، وأعلن كذلك السيد محمد حسين فضل الله العيد يوم الخميس، اختلف عدد من علماء الدين البحرينيين في تحديد يوم العيد. وعلى هذا الأساس لم تُقم صلاة العيد في كل مكان ولم يُعيِّد الجميع.
وقد كان الكثير من المراقبين (علماء، باحثين أكاديميين) يطمحون إلى أن يكون عيد هذا العام عيدا واحدا وأن تكون هناك إجراءات مسبقة وآليات يجتمع من خلالها العلماء في سبيل الوصول إلى رؤية واضحة ودقيقة لحسم مسألة رؤية هلال شهر شوال حتى لا تتكرر تلك الصور القديمة من الاختلاف التي كانت تطل على المجتمع المسلم في استقباله العيد، إلا أن التاريخ مازال يعيد نفسه.
ففي العام 1964 أصبح هناك في النجف عيدان، إذ أفطر مرجع من مراجع النجف الأشرف هو ومقلدوه يوم الجمعة من ذلك العام، وأفطر مرجع آخر في النجف أيضا هو ومقلدوه يوم السبت، كما حدث الأمر ذاته في العام 1939 عندما أصبح هناك 3 أعياد للأضحى في مصر يوم الاثنين، وفي السعودية يوم الثلثاء، وفي بومباي يوم الأربعاء. وتلك هي العملية تتكرر كل عام.
بعض المراقبين يرون أن المسألة طبيعية، فهي ترجع إلى مدى «اطمئنان» المكلف إلى مصادر تثبيت الرؤية. فقيه لا يؤمن بالحسابات الفلكية وآخر يؤمن بها، فقيه يرى شهود الهلال غير مستكملي شروط الوثوق بشهادتهم لاعتبارات كثيرة وآخر يرى غير ذلك... وهكذا هي العملية تحمل الكثير من الجدل والمزيد من الحساسية وكل له اطمئنان للمرجع الذي يستقي منه اطمئنانية الرؤية، ولكن على رغم كل ما يقال وما يدور تبقى هناك حلقة تحتاج إلى حل للوصول إلى موقف موحد، معتمدة في ذلك أيضا على كل المبررات الفقهية الموضوعية التي تساق في ذلك للحد من الظاهرة.
في هذا العام دول إسلامية أصبح عيدها يوم الخميس والبعض اليوم الجمعة.
قبل أعوام قليلة مضت اختلفت الدول الإسلامية على الرؤية فكانت المحصلة: 12 دولة عربية أصبح عيدها يوم الاثنين من ذلك العام، أما بقية الدول الإسلامية مثل باكستان وتركيا وماليزيا وأندونيسيا فقد كان عيدها يوم الثلثاء، في حين ثبت العيد عند المسلمين في أميركا الشمالية يوم الثلثاء.
ويبقى سؤال: هل بإمكان حضور العلم أن يصلح ما أفسده الدهر، فيكون العيد عيدا واحدا، خصوصا مع توصية عالم إسلامي فقيه مع فقهاء آخرين، بقولهم: «لا تجعلوا من الاختلاف على الهلال أساسا للتنازع والاختلاف وإثارة المشكلات»؟
هل يكون التساؤل النقدي علميا، أو هو أقرب إلى الإنشاء أمام صخرة الاجتهادات؟
على رغم كل الاختلافات، يبقى العيد الحقيقي هو «عيد من تقبل الله صيامه»، وأن «الشقي من حُرم غفران الله في هذا الشهر»
العدد 91 - الخميس 05 ديسمبر 2002م الموافق 30 رمضان 1423هـ