العدد 5366 - الثلثاء 16 مايو 2017م الموافق 20 شعبان 1438هـ

لغة ياغان في أقصى جنوب العالم مهددة بالاندثار

بويرتو ويليامز (تشيلي)- أ ف ب 

17 مايو 2017

باتت كريستينا كالديرون البالغة 89 عاماً الناطقة الوحيدة بلغة شعب ياغان للسكان الأصليين في أرض النار (تييرا دل فويغو) في تشيلي في أقصى جنوب القارة الأميركية. ويخشى أن يختفي جزء كبير من هذه اللغة مع رحيل "الجدة كريستينا" كما يناديها أقاربها.

وتوضح السيدة المسنة لمجموعة من الصحافيين في فيا اوكيكا "أنا آخر من ينطق بلغة ياغان. ثمة من يفهمها من دون أن ينطقوا بها أو من دون أن تكون لديهم معرفة كبيرة بها مثلي. ويقيم غالبية أفراد هذه الأتنية في هذه المنطقة الواقعة على بعد كيلومتر من بلدة بويرتو ويليامز في أقصى جنوب الكرة الارضية. وتضم هذه الاتنية نحو مئة شخص.

وبعد وفاة شقيقتها اورسولا، أعلنت كريستينا العام 2009 "كنزا بشرياً حياً" من قبل اليونسكو التي اعترفت بدورها في المحافظة على اللغة وتقاليد اتنيتها ونقلها إلى الآخرين.

ونقلت كريستينا جزئياً لغة ياغان المحكية والمهددة بالاندثار بسبب الاسبانية إلى حفيداتها وإلى ابنة شقيقتها. ويوضح عالم الاناسة موريس فان مايلي المقيم في بويرتو وليامز لوكالة "فرانس برس": "الاجيال الاصغر من كريستينا تعرف ايضا لغة ياغان لكن ليس بمستواها وستحصل تاليا خسارة لا تعوض".

واستقر هذا الشعب الرحل في اقصى الجنوب قبل ستة آلاف سنة تقريباً. وقبل وصول الاوروبيين إلى القارة الاميركية كان عددهم نحو ثلاثة آلاف شخص.

وإضافة إلى كايب هورن، يضم اقصى جنوب تشيلي عدداً لا يحصى من الجزر والقنوات تجعل الملاحة فيها صعبة.

وجاب شعب ياغان بحار هذه المنطقة الهائجة التي قضى فيها أكثر من عشرة آلاف بحار وغرقت فيها 800 سفينة منذ القرن السابع عشر على ما تفيد بيانات البحرية التشيلية. وكان رجال هذه الاتنية ينتقلون من جزيرة إلى اخرى لاصطياد الحيوانات البحرية في حين كانت النساء يتولين بناء المساكن والمحافظة على النار وتحضير الطعام.

وكان افراد هذا الشعب يعيشون شبه عراة ويدهنون اجسادهم بدهن اسد البحر ويستخدمون جلود الذئاب لمقاومة البرد الشديد في أرض النار حيث متوسط الحرارة السنوية خمس درجات.

ويوضح أن دي كايلي "كانوا يعيشون شبه عراة نظرا الى درجات الحرارة في هذا المكان وهو ارخبيل محاط بالمياه، التي لم تكن متدنية جدا".

لكن قبل جيلين توقف الياغان الذين عانوا من اوبئة عدة وتلاشت تقاليدهم بسبب نمط العيش الحديث، عن الصيد وباتوا يهتمون بالصناعات الحرفية اليدوية والبناء والسياحة. وبدأت بوادر التأثير الغربي قبل 150 عاما مع وجود مستعمرين اوروبيين في المنطقة. فتخلى السكان الاصليون تدريجا عن تقاليدهم وعن حياة الترحال وبدأوا يرتدون الملابس.

وراحت "الجدة كريستينيا" التي ترتدي ملابس كأي امرأة اخرى من تشيلي، تصنع السلال التقليدية المضفّرة ونسخ عن مراكب صغيرة كان يستخدمها اجدادها فضلا عن اقمشة صوفية تبيعها في متجرها الصغير الواقع عند مدخل منزلها في فيا اوكيكا.

وكتبت حفيدتها واسمها كريستينا ايضا كتابا للتو عن حياتها بعنوان "ذكريات جدتي الياغان". وتوضح فيرونيكا موراليس منسقة برنامج المحافظة على الثقافة "لم تكن تخرج إلى البحر كثيرا. كانت تعلم لغة ياغان في حضانة اوكيكا وتوقفت الان". وتشير هذه الاخصائية إلى أنه إلى جانب الصناعات الحرفية التقليدية لا يزال افراد شعب ياغان يعرفون المنطقة بشكل جيد مع طرقاتها الجبلية والطوبوغرافيا الخاصة بالمنطقة والاساطير المحلية.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً