تشهد الولايات المتحدة نموا في الحركة المناهضة للحرب التي تعتزم الادارة الاميركية شنها على العراق لمواجهة تحالف اليمين الذي استأجر شركات علاقات عامة لهذا الغرض. وتعتزم مئات الجماعات المعارضة للحرب القيام بمظاهرات ومسيرات كبيرة إلى أشكال من العصيان المدني في العاصمة الاميركية، وسان فرانسيسكو في «اليوم العالمي لحقوق الانسان» في العاشر من الشهر الجاري وسيتلقى فيه الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر جائزة نوبل للسلام، وذلك لجذب انتباه الادارة الاميركية، كما سيتم تنظيم مظاهرات كبيرة امام «البيت الابيض» ومركز التجنيد العسكري في وسط واشنطن.
ودعا وزير البحرية السابق جيمس ويب الادارة إلى عدم شن هجوم على العراق وقال انه ينبغي «على الولايات المتحدة ان لا تغزو العراق، مضيفا ان من شأن غزو كهذا ان يقوض عزيمة اميركا ومواردها».
ونشرت «واشنطن بوست» تقريرا مطولا على صدر صفحتها الاولى اول امس، «الاثنين» عن الدور الذي تقوم به الكثير من المنظمات والحركات المناهضة للحرب، وعلى رأسها جماعة «الامهات ضد الحرب» اذ تنظم حملات تعارض العدوان الذي تعتزم الولايات المتحدة شنه على العراق.
ونقلت الصحيفة عن رئيسة منظمة «الامهات ضد الحرب» دافني ريد قولها «يجب ان تعارض كل الامهات الاميركيات الحرب بشكل تلقائي، واضافت ان «العنف ضد طبيعة الامهات، وحان الوقت لبدء عمل امهات ضد الحرب».
واشارت ريد إلى انها تشعر بالقلق من احتمال استدعاء ابنها الذي امضى اربع سنوات في حرس السواحل للخدمة في الجيش، في حال شنّت بلادها حربا ضد العراق، وتساءلت: لماذا تهدد الولايات المتحدة بضرب العراق حتى قبل بدء عمل المفتشين الدوليين؟ واعربت ريد عن تخوفها من المعاناة التي سيلقاها العراقيون خصوصا الامهات اللاتي سيكون عليهن مواجهة الجوع والمياه الملوثة. واشارت الصحيفة إلى ان معظم اعضاء منظمة «امهات ضد الحرب» نساء في السبعينات من العمر، وهن يقضين حاليا ساعات طويلة على شبكة الانترنت يقرأن وينشرن معلومات عن العراق وخطط الولايات المتحدة لضربه، وينشرن حملاتهن عبر البريد الاليكتروني.
وتأسست منظمة «امهات ضد الحرب» ايام حرب فيتنام، وهي تلقى دعم الالاف من المؤيدين ولا تعتبر منظمة «امهات ضد الحرب» الوحيدة التي تعارض ضرب العراق؛ اذ توجد حركات راديكالية اخرى اعتادت معارضة ادارة الرئيس بوش، مثل «حركة عمال العالم» اضافة إلى جمعيات اخرى ليست معروفة بمواقفها المعارضة ضد الادارة. ومنها: «حركة العمال ضد الحرب» التي ينظمها اكبر الاتحادات في البلاد، «والحركة الدينية ضد الحرب» التي تضم قادة الطوائف الدينية الحالية، و«حركة المحاربين القدامى ضد الحرب» التي يقودها الذين اشتركوا في حرب الخليج الثانية، و«حركة رجال الاعمال ضد الحرب» التي يقودها اصحاب الشركات والمؤسسات الكبرى، و«الحركة المعارضة للحرب» التي ينظمها اقارب ضحايا 11 سبتمبر/ايلول»، «وجماعة المهاجرين ضد الحرب».
كما توجد ايضا منظمات يديرها السود ومن الاصول الاميركية اللاتينية، اضافة إلى مئات الجماعات المعارضة للحرب التي ينظمها طلبة الجامعات، فضلا عن عشرات الجماعات التي تضم مواطنين عاديين يجتمعون في الكنائس والاندية من بالتيمور على الساحل الشرقي إلى سياتل على الساحل الغربي.
وستعتمد بعض الجماعات المعارضة للحرب على الانترنت في تلقي ونشر المعلومات التي تتعلق بالعراق، فضلا عن ان بعض هؤلاء المعارضين يمثلون قطاعا كبيرا من المواطنين الاميركيين، من بينهم «المجلس القومي للاساقفة الكاثوليك» الذي يمثل نحو 65 مليون كاثوليكي، و«المجلس القومي للكنائس» الذي يمثل 36 مليون بروتستاني وارثوذكسي، وسيتم تنظيم انشطة التظاهرات المناهضة للحرب ضد العراق في الفترة من 8 ديسمبر/كانون الاول» وهو اليوم الذي يفترض ان يقدم العراق تقريرا عن اسلحة الدمار الشامل وحتى 15 من الشهر ذاته وستكون ذروة التظاهرات يوم العاشر من الشهر الجاري في واشنطن.
ويقول المستشار العمالي، بوب موهيلنكامب ان رئيس «رابطة حاملي الرسائل» جون سويني بعث برسالة إلى الكونغرس في اكتوبر/تشرين الاول الماضي، اعرب فيها عن تحفظه على مبررات ضرب العراق. واضاف ان مئات الالاف من اعضاء الاتحادات يعارضون الحرب، مشيرا إلى تضخم هذا العدد بعد الاجتماع الذي سيعقده زعماء الاتحادات في نيويورك في 18 ديسمبر الجاري.
واضاف ان «اعضاء الاتحادات هم الاكثر وطنية للاميركيين، لن تجد دعما كاملا لحرب بوش، فهم ينتابهم القلق ازاء بعض الامور، من بينها عدم وضع ادارة الرئيس بوش العواقب الاقتصادية في الاعتبار، فضلا عن انهم يخشون على ابنائهم في تلك الحرب»، وقال: «ان ابناءهم هم الذين سيقاتلون ويقتلون».
وعلى الصعيد نفسه تخطط الجماعات الدينية لتنظيم اشكال من العصيان المدني، وسينضم بن كوهين مؤسس شركة «بن آند جيري» لانتاج الآيس كريم إلى جماعات تابعة للكنيسة في نيويورك معارضة للحرب.
وقال كوهين: «لم اشترك مسبقا في عصيان مدني، ولكن اذا كانت بعض الدول ستقوم بشن حرب وقائية ضد الولايات المتحدة، ويقذفون شعبنا بالقنابل، ويقتلونهم، لانهم يعتقدون اننا سنضربهم. فسنقول: ان هذه تعد جريمة حرب». واضاف انه اذا تم القبض عليه في هذا العصيان المدني فسيكون اكبر تصريح ممكن ان اقوله هو: «ان ما تفعله ادارة بوش خطأ». وستنظم مظاهرات ايضا في 18 و19 يناير/كانون الثاني المقبل الذي يصادف عطلة نهاية اسبوع الذكرى السنوية لميلاد داعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ
العدد 89 - الثلثاء 03 ديسمبر 2002م الموافق 28 رمضان 1423هـ