اعتبر خطيب جامع الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان بن عبدالله القطان، في خطبته ظهر أمس الجمعة (12 مايو/ أيار2017)، أن أداء الزكاة «من أهم أسباب توطيد الأمن، وإزالة الخوف، ومكافحة الجريمة»، مرجعاً ذلك إلى أنها «تُقرب المسافة بين الفقراء والأغنياء، وتسبب الألفة والمودة بينهم، وتغسل قلوب الفقراء من الأحقاد والضغائن على الأغنياء، وكثير من الثورات والاضطرابات التي سُعرت في التاريخ البشري، إنما سعرها الفقر والجوع».
وتحت عنوان «فريضة الزكاة ودورها في المجتمع»، قال القطان: «كل الناس ينشدون السعادة، ويطلبون الراحة، وكل ما يسعى إليه البشر من تحصيل الأموال، والترقي في الجاه، وتنويع وسائل الترف والرفاهية المباح منها والمحرم؛ إنما كان سعيهم فيها لتحصيل الراحة والسعادة، ولا راحة والله للعبد، ولا سعادة للقلب إلا في طاعة الله تعالى، وكل سعادة بغير الله تعالى وطاعته تزول سريعاً، ولا تبقى أبداً، والأغنياء والأثرياء والوجهاء الذين يُغبطون على ثرواتهم كانوا يجدون لذة في جمعها وتنميتها فلما امتلأت بها أرصدتهم ذهبت لذتها، وصارت أمراً عادياً... وأصحاب المساكن والقصور يفرحون بها حال بنائها، وبعد سكناها تذهب حلاوتها يوماً بعد يوم، وربما أصابهم الملل منها، وصاحب الجاه يسعى إليه حتى إذا بلغه لا يلبث إلا قليلاً فيذهب رونقه، ولا يحسُّ به، ويسعى إلى ما هو أعلى مما بلغ... وهكذا كل أعراض الدنيا أبى الله تعالى أن تبقى لذتها لأصحابها أبداً، لأنه لا وزن للدنيا عند الله تبارك وتعالى».
وأضاف «أما لذة العبادات فلا يدانيها لذة، هي السعادة التي يَطرب القلب لها، وينشرح الصدر بها، وإذا قضى المسلم فرضه من الصلاة أحس براحة عظيمة، وإذا وضع زكاة ماله في يد من يستحقها فرح بذلك، وإذا قضى نسكه من حجته وعمرته، فلا تسل عن فرحته وهو عائد إلى بلده، وإذا انتهى من صيام يومه شعر بالراحة والطمأنينة، (ولِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ)».
وأوضح القطان أنه «كما أن الصلاة والصيام والحج عبادات بدنية فإن الزكاة عبادة مالية، تقي النفس شحها، وتطهرها من بخلها وحرصها، عظمت عناية الشارع الحكيم بها، وتكرر ذكرها في القرآن الكريم كثيراً مقترنة بالصلاة أو منفصلة عنها، وهي من مباني الإسلام العظام، وركنه الثالث بعد الصلاة وقبل الصيام؛ صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بُنِيَ الإِسْلامُ على خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إلا الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول الله وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ)».
وبين القطان أن «الزكاة في الإسلام حق الفقراء في أموال الأغنياء، وهذا الحق أوجبه الله - عز وجل -، وهو معلوم قد حددت الشريعة مقاديره وأنصبته المختلفة في أنواع الأموال، ولم يترك تحديده لضمائر الناس. ولمكانة الزكاة عند الله تعالى جاءت بها شرائع من سبقوا من رسل الله تعالى، وأُوحي إليهم بها، وفرضت على الأمم الماضية، كما أوحى الله تعالى إلى الأئمة من ذرية إبراهيم عليه السلام، يقول سبحانه: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ) وامتدح بها إسماعيل عليه السلام بقوله سبحانه: (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) وأخبر تعالى عن عيسى عليه السلام أنه قال: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا)، وأخذ عز وجل الميثاق على بني إسرائيل في جملة من الشرائع كان من أهمها إيتاء الزكاة، وأمرهم بها فقال سبحانه: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)».
ونبه القطان إلى أنه «قد ورد الترهيب الشديد والوعيد الأكيد لمانعي الزكاة؛ يقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ* يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ)، وقد بينت سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- كيفية هذا الكي؛ يقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحَ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ). ويقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعاً أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ ثُمَّ تَلَا: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أي ان المال يمثل له في صورة شجاع أقرع، والشجاع الحية الذكر، والأقرع الذي طال عمره وسقط شعره، والزبيبتان نقطتان سوداوان فوق العينين، وهو أخبث الحيات، يطوقه ثم يأخذ بشفتيه فيقول: أنا مالك، أنا كنـزك. عياذا بالله.
أيها الأخوة والأخوات في الله: وما شرع الله تعالى الزكاة إلا لمصالح العباد، وإلا فهو سبحانه غني عنهم وعن أموالهم... أوجبها لتحقيق مصالحهم، ودرء المفاسد والفتن ورفع العقوبات عنهم، ونزول البركات عليهم ذلك أن الجماعة التي يؤدي أفرادها زكاة أموالهم تحظى بمحبة الله تعالى ورضوانه؛ لانقيادها لدينه وشرعه، كما أن الجماعة التي يمنع أفرادها زكاة أموالهم يحل بها سخط الله تعالى ونقمته وقد جاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (ولم يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إلا مُنِعُوا الْقَطْرَ من السَّمَاءِ وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لم يُمْطَرُوا)... وأداء الزكاة سبب من أسباب التمكين والاستخلاف في الأرض؛ إذ أخبر الله سبحانه عمن يستحقون النصر والتمكين بأنهم يؤتون الزكاة فقال: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنْكَرِ وَلله عَاقِبَةُ الأُمُورِ)... وفي أداء الزكاة تطهير للجماعة ولأموالهم، ونماء لها، وبركة تلحقها بسبب أداء هذا الركن من الإسلام يقول تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) وإذا طهر كل واحد ماله بالزكاة، وباركه بأدائها عمَّت البركة في الناس، فكفتهم أرزاقهم، ورُفع الجوع والفقر والخوف عنهم، والله تعالى وعد المنفقين بالخَلَف عليهم فيما أنفقوا، يقول سبحانه: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)».
وقال القطان: «إن هاجس الفقر والجوع بات يطرق أبواب الدول والأمم، وإن أهم سببين لتردي أحوال الاقتصاد العالمي، ومحق بركة الأموال هما الربا ومنع الزكاة، ولا بركة تلحق أموال الأفراد والمجتمعات والدول والأمم إلا بمنع المحرمات في الاقتصاد، ومباركة الأموال بالزكاة، وهو ما ينادي به بعض علماء الاقتصاد في الغرب لمعالجة الأزمات المالية المتلاحقة، وإنقاذ التجارة من الكساد، وإنعاش الاقتصاد قبل الانهيار... والبركة إذا طُرحت في شيء تكاثر بإذن الله تعالى وإن بدا للناس قليلاً، وإذا نزعت من شيء مُحق وإن بدا للناس كثيراً، وما أحوج الناس في هذا الزمن إلى استجلاب البركة إلى أرزاقهم وأموالهم التي باتت لا تكفيهم، وأعظم ما يبارك الأموال إخراج حق الله تعالى منها فريضة وتطوعاً، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقول: (ما نَقَصَتْ صَدَقَةٌ من مَالٍ)... وفي الزكاة تدوير للمال، وتوسيع لنطاقه أخذاً وعطاء حتى لا يكون دولة بين الأغنياء، ويحرم منه الفقراء».
ورأى القطان أن «من أهم أسباب توطيد الأمن، وإزالة الخوف، ومكافحة الجريمة: أداء الزكاة؛ لأنها تقرب المسافة بين الفقراء والأغنياء، وتسبب الألفة والمودة بينهم، وتغسل قلوب الفقراء من الأحقاد والضغائن على الأغنياء، وكثير من الثورات والاضطرابات التي سُعرت في التاريخ البشري، إنما سعرها الفقر والجوع، ولذلك تَعْمدُ الدول الحديثة إلى تقليص الهوة بين الفقراء والأغنياء بفرض الضرائب على الواجدين وتشريع الضمان للمعدمين، وشتان ما بين الزكاة والضريبة، فالزكاة تبارك المال وصاحبه، وتبارك اقتصاد البلد الذي تُخرج فيه، والأمة التي يبارك الله تعالى اقتصادها فلن تعاني ندرة أو قلة، ولن يشكو أفرادها فقراً أو حاجة».
وأشار إلى أن «أكثر جرائم السرقة والنُهبة والاختلاس والغصب والرشوة والغش والتزوير إنما قام أصحابها بها أول مرة من حاجة في الغالب حتى تأصل الإجرام في نفوسهم... والجرائم الأخلاقية كالزنا وغيره تكون أول ما تكون بسبب الفقر والجوع، إلى أن يألفها أهلها فتكون حرفتهم، والزكاة تسد هذا الباب العريض من الجرائم والفساد لو أداها أرباب الأموال كما أمرهم الله تعالى بها، ولكن شح النفس يجني عليهم وعلى غيرهم؛ فإن الخوف إن نزل بالناس عمَّ فقراءهم وأغنياءهم، نسأل الله تعالى العافية والسلامة».
وبين القطان أن «في أداء الزكاة نشر لأخلاق التراحم والتعاضد بين أبناء البلد الواحد، والأمة الواحدة، فيحس بعضهم بحاجة بعض، بخلاف المجتمعات المادية التي لا يأبه الفرد فيها إلا بنفسه وتجارته ولو هلك الناس أجمعون. والمجتمع المتراحم موعود برحمة الله تعالى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا يَرْحَمُ الله من عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ) وفي رواية: (لا يَرْحَمُ الله من عِبَادِهِ إلا الرُّحَمَاءَ) ويقول صلى الله عليه وسلم: (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا من في الأرض يَرْحَمْكُمْ من في السَّمَاءِ) وكل جماعة نالوا رحمة الله عز وجل بسبب تراحمهم فإن العقوبات ترفع عنهم... وحري بكل مسلم أن يشكر الله تعالى على ما هداه للإسلام وما أعطاه من المال، بأن يؤدي حق الله تعالى فيه، فيباركه في الدنيا، ويجد أجره مدخراً له في الآخرة أضعافاً مضاعفة (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًاً كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)».
ومواصلة لحديثه عن الزكاة، قال القطان: «إن ضعف الصلة بين الأغنياء والفقراء، وقلة الواسطة الأمين الذي يسعى بينهما، أدى إلى أن تقع زكاة كثير من الأغنياء في أيدي أغنياء، ويحرم منها الفقراء؛ فإن أناساً من ضعاف النفوس، والمتثاقلين عن العمل والكسب وجدوا في الزكاة تجارة وربحاً لا يكلفهم إلا دفق ماء وجوههم، فصاروا يتعرضون للأغنياء في مساجدهم وطرقهم، ويرابطون عند مكاتبهم ومنازلهم يشتكون الفقر، ويتصنعون الحاجة، وبعضهم يمثلون أحوال ذوي العاهة؛ ليرق الناس لهم، ويجزلوا عطاءهم، ومنهم محتاجون ولكنهم يسألون فوق حاجتهم، وقد اعتادوا السؤال... وحقيقة الفقراء الذين يستحقون الزكاة، ويجب أن يَلتفت الأغنياء لهم، هم أهل هذا الوصف (لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ، تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًاً) وقال الصحابة رضي الله عنهم للنبي صلى الله عليه وسلم: (ما الْمِسْكِينُ يا رَسُولَ الله؟ قال: الذي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ ولا يُفْطَنُ له، فَيُتَصَدَّقَ عليه، ولا يَسْأَلُ الناس شيئاً)».
وأضاف «لو أن الأغنياء تلمسوا الفقراء والمحتاجين بأنفسهم أو عن طريق الثقات من وكلائهم أو عن طريق المؤسسات والجمعيات الخيرية، لقضي على كثير من مظاهر التسول التي انتشرت في هذا الزمن، وتزداد كل عام في شهر شعبان وشهر رمضان بسبب أن كثيراً من الأغنياء يدفعون صدقاتهم الواجبة والمندوبة لأقرب سائل، فوجد المتسولون من يعطيهم دون تثبت أو سؤال عن حقيقة أحوالهم... وبعض الأفراد من الوكلاء عن الأغنياء، وجدوا في وكالتهم على الزكاة فرصة لإشباع نقصهم، وتقمص مظاهر ذوي الجاه، فيحبون ازدحام السائلين على أبوابهم، ويعطون من الزكاة من يَذِلون لهم، ولا يلتمسون أهلها المستحقين بأنفسهم، وبعضهم قد يتمادى في غيه فيحابي بها قرابته أو معارفه وليسوا مستحقين، لينال حظوة عندهم، ووجاهة في أوساطهم... وواجب على من عنده زكاة أو هو وكيل عليها أن يتقوا الله تعالى في الفقراء المتعففين، وأن يبذلوا جهدهم في الوصول إليهم؛ فإن الزكاة لا تحقق مقصودها الذي أراده الشارع الحكيم جل وعلا بفرضها، ولا تبرأ ذمتهم منها إلا بسعيهم واجتهادهم في إيصال حق الله تعالى لمستحقيه، ومن أخلص النية في ذلك، وبذل جهده وطاقته أعانه الله تعالى، ويسر له الوصول للمستحقين المتعففين، وسيجد في هذا السعي لذة لا يعدلها لذة، يعرف معها لم شرعت الزكاة؟! ولم كانت من فرائض الله تعالى، ومن أركان الإسلام العظام؟».
وختم القطان خطبته بتوجيه نصيحة لمن تنازعه نفسه في أداء الزكاة، وقال: «يا عبدالله... أتظن أنك باقٍ لهذه الأموال؟ كلا، فأنت تجمعها وعما قليل ستموت وتفارقها، فأدِّ زكاتها علك تسلم من مغبتها. ولو قيل لك إنك ستموت بعد شهر أو بعد سنة لكنت أول المبادرين لأداء الزكاة؛ خوفاً من سوء العاقبة، فلماذا لا تجعل الموت نصب عينيك، فإنه إن حل بك فلن يمهلك، وستندم ولات حين مَنْدَم! واستمع إلى نداء ربك -عز وجل- إذ يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)».
العدد 5362 - الجمعة 12 مايو 2017م الموافق 16 شعبان 1438هـ
المشكلة التجار يعملون ليل ونهار والفقراء يحبون البطالة والربح اليسير
يوزير لسكان وين الوعد اهل عالي وين لبيوت بتعطينه الي 2002