«الإبداع والذاكرة»، كان الشعار الذي انطلقت به فعاليات الدورة الحادية والثلاثين للمهرجان الدولي لربيع الأدب والفنون في مدينة بوسالم شمال غربي تونس في الفترة ما بين 28 و 30 أبريل/ نيسان 2017، بمشاركة عربية وأجنبية وتونسية، وبحضور عدد من المبدعين في مجالات الأدب والفنون البصرية والموسيقية والغنائية.
شارك في المهرجان ضيوف من مختلف البلدان والثقافات منهم: المترجم والمستشرق نائب رئيس اتحاد كتاب روسيا أوليغ بافيكين، الشاعر الجزائري محمد الأخضر سعداوي، عازف السنطور العراقي باسل الجراح، الشاعرة والمترجمة الإيرانية مريم حيدري، الشاعرة الإيطالية إليزا بياجيني، الشاعرة البحرينية سوسن دهنيم، وعدد من الشعراء التونسيين من مختلف المحافظات والمدن.
فعاليات فنية وشعرية
شهدت فعاليات المهرجان معرضاً للفنون التشكيلية ومعرضاً للكتاب، استمرا طوال فترة المهرجان، فيما بقي معرض باقات الزهور البرية التي أنجزها تلاميذ المدارس الابتدائية لليوم الأول منه فقط.
وقد ضم الافتتاح الذي حضره ممثلون عن رعاة المهرجان، قراءات شعرية لجميع ضيوف المهرجان من خارج تونس، وبعض الشعراء التونسيين، إلى جانب المعارض ومقطوعات موسيقية أدّاها عازف السنطور العراقي باسل الجراح.
وكان الجمهور الكبير الذي ملأ القاعة من طلبة المدراس والمهتمين لافتاً في يومه الأول، وكأن أهل المدينة مصرّين على المشاركة في هذه التظاهرة الثقافية التي تقيمها مدينتهم في كل عام.
أما اليوم الثاني فقد ضم قراءات شعرية للتونسيين الذين اختلفوا في مدارسهم الشعرية بين الكلاسيكي العمودي والتفعيلة والنثر، وحفلة غنائية للمطربة التونسية شهرزاد، فيما شهد اليوم الأخير قراءات للشعراء العرب والأجانب إضافة إلى تكريم جميع المشاركين، والرعاة.
الترجمة ودورها في التواصل الإنساني
تضمّنت فعاليات المهرجان لقاءً فكريًا، قدّمه نائب رئيس اتحاد كتاب روسيا، المترجم المستشرق الروسي أوليغ بافكين، تحت عنوان «الترجمة ودورها في التواصل الإنساني وحفظ الذاكرة»، تحدث فيها عن مسيرة التواصل بين المشرق والمغرب، وبين الدول العربية والأجنبية، كما ذكر اهتمام اتحاد الأدباء الروسي بترجمة بعض الكتب العربية إلى الروسية، إضافة إلى رحلة في مشواره مع الترجمة والاستشراق عبر ذكر محطات من مسيرته في هذا المجال.
جولات في المناطق الأثرية
للآثار والتراث والتاريخ دورهم في صقل المعارف والخبرات، ولهذا أصر القائمون على المهرجان على ضرورة أخذ الضيوف في جولات إلى المناطق التاريخية في محافظة جندوبة، فمن بولاريجا التي امتازت بمساحاتها الشاسعة وجمالها واخضرار أراضيها، إضافة إلى وجود الحمّامات التي بنيت تحت الأرض وهو ما قل وجوده في المناطق الأثرية العالمية، والفسيفساء الذي زينتها لوحات بديعة، إلى بلطة، المنطقة التاريخية التي ضمّت أقدم شجرة زيتون في تونس والتي تعود لمئات السنين، وضريح سيدي صالح البلطي، وذي النارين، وزاوية تاريخية لتعليم القرآن الكريم، وغيرها من المناطق التي تركت أثرها الكبير في نفوس الشعراء والضيوف.
صخرة الشابي
من يذكر تونس لابد وأن يذكر الشاعر أبوالقاسم الشابي، شاعر الحب والحياة، شاعر الإرادة الذي أصيب بمرض تنفسي جعله يحتاج إلى مكان مرتفع محاط بالخضرة بحسب وصية طبيبه، هذا المكان كان في عين دراهم، المنطقة الجبلية الخضراء الخلابة، وقد اعتاد الجلوس على صخرة نُحت عليها اسمه بعد وفاته لتذكّر الناس بأن هذا المكان قادر على التخفيف من أوجاهم وقادر على بعث الإلهام في أقلامهم ونفوسهم، كيف لا والخضرة والغابات تحيط به من كل مكان؟
ولهذا كان لضيوف المهرجان نصيب في زيارة هذه الصخرة واستعادة شيء من ذاكرة الشابي التي يحفظونها.
مسابقة للشباب
لم يغفل المهرجان الموهوبين الشباب؛ إذ أعلن لهم عن مسابقة تعنى بإبداعاتهم ينتافس فيها عشرات التونسيين الشباب من أبناء محافظة جندوبة قبل موعد المهرجان، بينما خصصت لهم أصبوحة شعرية ألقى خلالها المتميزون نصوصهم، في الوقت الذي أعلنت فيه جوائز المسابقة وسط فرحة واعتزاز.
كان هذا الاهتنمام بالمبدع المحلي عموماً، والذي كان واضحاً خلال المهرجان، إضافة إلى الاهتمام بالشباب الموهوبين، هو ما ميز هذا المهرجان عن غيره، وجعل له جمهوره الذي استمتع بالتنوع الذي شهدته فعالياته.
تطور المهرجان
المهرجان كان تونسياً بحتاً حتى العام 2011 حين قرر القائمون عليه جعله عربياً، وها هو يصبح دولياً في دورته هذا العام، كما أكد رئيس المهرجان الشاعر معز العكايشي الذي كان سعيداً بالنجاحات التي حققها عبر دوراته الحادية والثلاثين. وأكد أنه يقوم على أكتاف مجلس إدارة جمعية أهلية تحت نفس اسم المهرجان، يعمل أعضاؤها تطوعاً، فيما يحصل على دعم بسيط من وزارة الثقافة وبعض الجهات الأخرى. وعلى رغم هذا، أصروا على جعله دولياً هذا العام، حتى مع اعتذار بعض الضيوف في الوقت الضائع.
صحافة نائمة
وكان من الملاحظ أن التغطيات الصحافية التي اهتمت بالمهرجان لم تقدم المعلومة الصحيحة في أغلبها؛ إذ نشرت أسماء الضيوف الذين اعتذروا جميعاً، وقدمت فعاليات ألغيت وتغيرت، وكأن الصحافة اليوم كانت غير متواجدة في قاعات المهرجان ولم تتابع ما استجد من أمور، وهو ما لم نجد له جواباً حتى كتابة هذه المادة!