هذا سجال جرى بين طبيبة تجميل ومريضتها، قالت الأولى للثانية: تعالي أجري لك بعض التجميل والتعديل على وجهك ومظهرك الخارجي، وستلاحظين المفعول السريع لهذا التغيير على نفسيتك وحياتك. أجابت المريضة: أليس الأجدر أن أصلح الأجزاء الداخلية المعطوبة وغير المرئية الأكثر أهمية؟ قالت الطبيبة: التجميل سينعكس على صحتك وستشعرين بالفرق الإيجابي، وردت المريضة بل إن الإصلاح الداخلي أجدى وأنفع وهو ما يجدر البدء به.
مثل هذا الحوار يدور في حياتنا يومياً وعلى مختلف الأصعدة، من أين نبدأ؟ وأي الطرق نختار؟ قبل أن أسترسل في هذه الأسئلة، أحيلكم إلى تصريح لوزيرة الدولة للسعادة في دولة الإمارات عهود الرومي، وقد أدلت به في المنتدى الدولي للاتصال الحكومي الذي عقد في الشارقة في شهر مارس/ آذار الماضي.
قالت الرومي إن نصف عناوين الصحف العربية سلبية، وقد استرشدت بدراسة تتحدث عن تأثير الأخبار الطيبة والسيئة على نفسية الجماهير، ودعت إلى تخصيص مساحة أكبر للأخبار التي تستعرض قصص النجاح، وتبث الأمل والبهجة والإيجابية في نفوس الناس.
واقترحت وزيرة السعادة العمل على تغيير الطريقة التي تقدم بها الأخبار حالياً، محبذة أن يجري تقديم المشكلة والحل في الوقت ذاته لتشكيل ما أسمته بالوعي الإيجابي، والمعروف أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي من تحتضن جوائز الصحافة العربية منذ عدة سنوات، كجائزة تريم وجائزة الصحافة العربية، وقد أرست هذا التقليد إيماناً منها بدور الكلمة المكتوبة في إحداث التغيير المأمول الجميل، في تصريح وزيرة السعادة أنها لم تعترض على عرض المشكلات إنما على الطريقة التي تعرض بها المشكلات، لكن ثمة خشية لدى الوسط الصحافي ودعاة الصحافة الجادة من أن تكون الدعوة إلى « الإيجابية « والبعد عن السلبية إن هي إلا وسيلة للهرب من الدخول عميقاً في صلب مشكلاتنا الحقيقية المعنية بالحريات، والحقوق، والمساواة، والتوزيع العادل للثروة، والتشارك في صنع القرار ومحاربة آفة الفساد، وترجيح «صحافة الدنيا ربيع» والخفة والتفاهة، فيعيش الناس في الأوهام ولا يتداركون مسبقاً ما قد ينتظرهم من خلل ومشاكل، إنني أرى أن الصحافة الجادة المسئولة يجب أن تأخذ دور الطبيب الماهر الذي يعاين بدقة، ويشخص بمهارة، ويحلل اعتمادا على أجهزة حديثة ومتطورة ويصارح المريض بحقيقة مرضه، فلا يوجد طبيب حقيقي يخفي أسرار المرض عن مرضاه، مراعاة لمشاعرهم، ورغبة في تلطيف خواطرهم، وفي عيش أيام هنية وطيبة على حساب مستقبلهم، نعم قد يختلف الأسلوب من طبيب إلى آخر؛ لكن الحقائق الأساسية تظل واحدة.
إن من الأفضل للمجتمعات أن تعرف قبل الأوان وليس بعد الأوان ما يكتنفها من تحديات ومخاطر وأمراض وتستعد لها، كي لا تستيقظ على الكوارث، وعودة إلى الحكاية السالفة بين طبيبة التجميل ومريضتها بشأن البدء بإصلاح الداخل أم الخارج المظهر أم المخبر، المرئي أم المخفي،الأهم أم الأكثر أهمية؟ فإن مثل تلك الأسئلة بشأن أولويات المرحلة المجتمعية على الصعيد السياسي والاقتصادي والإعلامي يجب أن تطرح كل يوم، ويتشارك الرأي العام في تناولها، إنني أرى أن مكافحة الفساد هي إحدى الأولويات، وجدير بالمواطنين كل في موقعه، التربص له وكشفه وفضحه وتمكين الصحافة والصحافيين للمشاركة مع الآليات الأخرى، كالقضاء، ومؤسسة النزاهة، والنيابة العامة، ومنظمة الشفافية، وكل جمعيات المجتمع المدني السياسية والمهنية للالتفاف عليه، إن كشف الفساد وسرد حكاياته المتنوعة، والبدء بتشخيص هذا الداء وعلاجه وحماية المجتمع من شروره ومخاطره، هي قصص نجاح مبدعة تدل على يقظة المجتمع وجرأته وحماسه للحفاظ على قيمه وموارده وأخلاقياته، إنها إحدى أجمل الأخبار الإيجابية الباعثة على الأمل والحماس، إنها صحافة الصدق والجدية والشجاعة والسعادة والتحوط للمستقبل.
«كلمة في قلب المقال»: «إننا نرنو إلى صحافة تقوم بدور الطبيب الماهر الذي يشخص داء الفساد ويستأصله ويحمي المجتمع من شروره، فمثل هذه الأخبار هي ما يبعث على الأمل والحماس، ويبث قيم الصدق والشجاعة والسعادة في المجتمع».
إقرأ أيضا لـ "عصمت الموسوي"العدد 5360 - الأربعاء 10 مايو 2017م الموافق 14 شعبان 1438هـ
مرحبا بالسيدة عصمت
من اكبر التحديات التي يواجهها الانسان هي معرفة كيفية تفسير اخفاقاته)
و للاسف لم نتدرب على تحليل اخفاقاتنا في جميع نواحي الحياة و من ثم محاولة معالجتها الذي يبعث على السعادة في حد ذاته لاننا و ببساطة نتفادى الالم الداخلي البغيظ و الذي ينعكس خارجيا
و بالنسبة للإعلام بشتى انواعه و الذي ينضح و يضج بالتلوث و الضوضاء الفكري له حل واحد وهو تفادي الاتصاق به بكل تفاصيله و ملامسة بعض المواضيع التى تعرفنا بما يدور حولنا محبذ
الاتفاف حول المعارف الجادة تثري الانسان
د. حسن الصددي
ليش اختفيتين فترة استاذة....نحتاج كتاب مثلك ومثل محمد عبدالله...جعفر الصائغ..جاسم الموالي...هاني فردان
ويش استفدنا احنه كقراء من هالرد..جان ياخوك كتبت شي مفيد للناس بدال الشي الشخصي.. أنا من وجهة نظري يا جماعةالخير، إن واقعنا العربي والإسلامي كله دمار، لكن الإيجابية تتجذر وتبدأ من المنزل، مع أن الكثيرين منا اهملوا منازلهم حتى من ناحية البناء النفسي.. آباء وأمهات عندهم مشكلة كبيرة في عدم تحسس ومراقبة الحالة النفسية للعيال في مختلف مراحل العمر.. مهم نبني العيال بقوة شخصية ونفسية طيبة حتى يصبحوا أكثر اقبالًا وقوة على تحمل مختلف الظروف وشكرًا
الجمال بشتى انواعه وفي كل مكان هو عشق النفوس وكما قيل القلب يعشق كل جميل . الجمال الخارجي مطلوب لكنّه لا يلبث ان يملّ منه ما لم يشفعه ويكون معه جمال داخلي فهذا يكمّل هذا
صباح الخیر و السعادة و الامل للكاتبة المتألقة داءما. اعتقد انك افضل من يتسلم وزارة السعادة.