على رغم التوصيات والقرارات الرسمية والتي تصدر من الجهات العليا في البلاد في كل ما يهم العامل البحريني من ايجاد وظائف وتأهيل وتدريب وصيانة لحقوق العمال، ومحاربة التعسف والتلاعب بحقوق العمالة الوطنية، ودعوة صاحب العظمة الملك المفدى لانشاء نقابة عمالية والتي اصبحت الآن الاتحاد العام لعمال البحرين لحماية مصالح ومكتسبات أبناء هذا الوطن من العاملين والعاملات. فلا يزال هناك من يتصرف ويعامل الموظفين والعاملين بصورة تعسفية ، ويخلق المشكلات لهم، ويضايقهم باستمرار من أجل أمور يمكن حلها وديا وأخويا. فعلى سبيل المثال، تناهى الى مسامعي شكوى من أحد الموظفين المسئولين في احدى كبريات الشركات في البحرين، مفادها ان مدير هذا الموظف طلب اليه العمل ساعات إضافية لإنهاء أعمال متراكمة، لعدم توافر موظف يقوم بهذه الأعمال في الوقت الحاضر فلم يكن له أن يرفض أوامر مديره، فكان يواصل العمل بشكل يومي وحتى في ايام عطلته الاسبوعية، ويترك اسرته وأولاده لينهي تلك الأعمال المكدسة، وبالطبع يقوم بتسجيل تلك الساعات كعمل إضافي يستحق عليه الحصول على أجر، كما هو متبع ومن ثم يقوم مديره المباشر (وهو أجنبي) بالتوقيع على هذه الساعات بصورة رسمية ثم تدفع له بشكل اعتيادي عن طريق قسم الرواتب ولديه ما يثبت صحة المعلومات والبيانات المتعلقة بها، مع العلم بأن الكثير من الموظفين على الدرجة نفسها يقومون بالعمل الإضافي وتحتسب لهم ساعات اضافية، والإدارة تعلم بذلك.
وقد يقول البعض : وما الغريب في ذلك...؟ لقد تفاجأ ذلك الشخص بمدير الدائرة المباشر يقوم بالاتصال به ويقول له: أنت ومديرك تسرقون الشركة وسأحوّل أمر كما الى شئون الموظفين. تعرف بأنك على الدرجة (...) وتسجل لنفسك وقتا اضافيا، فما كان من هذا الموظف إلا أن شكره على اسلوبه غير الحضاري... ومن ثم اتصل به ذلك المدير، نفسه وقال له: إترك العمل، واذهب الى بيتكم.
ولم يكتف بذلك، بل قام بتوقيف هذا الموظف المسكين لمدة خمسة أيام عن العمل - في البداية - جعله يعيش على اعصابه وفي حال الترقب والخوف على مصيره بعد خدمته طوال ستة وعشرين عاما... (أهكذا يجازى الموظفون بعد كل هذه السنوات من الخدمة والعطاء، لكون هذا الموظف قد عمل وقتا اضافيا، يعامل بهذه الهمجية والرعونة)؟!.
بعد التوقيف عن العمل، عمل له جلسة استجواب مع شئون الموظفين بتلك الشركة، وبعد الاتهامات والاهانات قالوا له: تعال غدا سنخبرك بقرارنا، والاجراء الذي سيتخذ بحقك.
وفي اليوم الثاني، ذهب اليهم، وبعد انتظار طال أمده قالوا له: اذهب الى بيتك، وسوف نتصل بك... وظل موقوفا عن العمل لما يقارب الاسبوعين.
من الواضح أن مثل هذه التصرفات غير المسئولة، تنم عن حرب نفسية هدفها تطفيش الموظف لجلب موظف آخر، يقوم بمهام عمله، والموضوع لم ينته بعد، كذلك استدعي الشخص الذي كان يشغل وظيفة هذا الموظف سابقا - وهو متقاعد حاليا - ليقوم بالبحث والتدقيق والتحري لعلهم يجدون ما يدينه. إلى درجة أنهم قاموا بتغيير اقفال المكاتب والأدراج في مكتبه.
وفي الاسبوع الثاني، وبعد المماطلة ومحاربته نفسيا تم استدعاؤه للتوقيع على انذار كتابي نهائي،للاقرار بأنه يعلم بأن عليه أن لا يعمل أوقاتا إضافية، ولكنه خالف الانظمة، وغيرها من التهم الباطلة، لكونهم لم يستطيعوا الحصول على ما يدينه أو يمس سمعته من قريب أو بعيد.
ولكنه لم يوافق على التوقيع على انذارهم لما يحمله من المغالطات والاجحاف وتهديده باسترجاع المبالغ المدفوعة له والتي تتعلق بعمل الوقت الاضافي.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل استمروا في مضايقته، ففي كل يوم يرسلون له رسائل استفزازية، ويطلبون منه تدريب آخرين، ليقوموا بمهام عمله، ويقولون له بأنهم سيبحثون له عن أية وظيفة في أي قسم آخر.
وهذا بالطبع يجعله في حال من عدم الاستقرار النفسي والمعنوي، ويعد تعذيبا نفسيا، ومخالفا لما جاء في الميثاق الوطني.
ولقد صرح أحد المسئولين في تلك الشركة للإذاعة، بعد أن رفع ذلك الموظف مشكلته إلى الاذاعة، بتصريح ملئ بالمغالطات اتهم فيها ذلك الموظف بخيانة الأمانة والسرقة وهو لم يكن على دراية تامة بحيثيات الموضوع، هذا يحق ويجيز لهذا الموظف أن يرفع دعوى قضائية على هذا الشخص المسئول، الذي يمثل الشركة، والذي كان من المفترض أن يكون حياديا، ويسمع من الأطراف كافة، قبل أن يتسرع ويشن هجومه من دون أن يكون على دراية شاملة بالموضوع.ولم تمض إلا شهور قليلة، واذا بالحقيقة تتكشف عن تورط مديره المباشر ومساعديه في عملية اختلاس، وهو الذي حاول توريط واتهام ذلك الموظف المسكين بالسرقة، وممارسة الضغوط عليه، لابعاد الشبهات عنه ودر الرماد في العيون وكان من المفروض على الادارة في تلك الشركة تفهم ذلك الموضوع الحساس ورد الاعتبار لذلك الموظف الذي خدم الشركة أكثر من ستة وعشرين عاما
العدد 88 - الإثنين 02 ديسمبر 2002م الموافق 27 رمضان 1423هـ