كشفت مصادر عراقية مطلعة ان العام 2003 سيشهد تغييرات جذرية في تركيبة النظام السياسي في العراق، اذ تعكف عدة لجان على صوغ قانون جديد للاحزاب فضلا عن قانون لحرية الصحافة بالاضافة الى صوغ مشروع دستور جديد للبلاد. وأوضحت المصادر انه من المتوقع ان تباشر ثلاثة احزاب نشاطا علنيا في الاسابيع الاولى من العام 2003 وفق قانون الاحزاب الجديد الذي يتم التداول لصوغه بين قيادات من حزب البعث الحاكم وقوى من المعارضة العراقية. واوضحت المصادر ان الاحزاب الثلاثة التي يمكن ان تشكل باكورة جديدة للتعدّدية الحزبية في البلاد يمثل احدها تيار حركة القوميين العرب فيما يمثل الثاني تيار حزب البعث بجناحه السوري ويكون الثالث حزبا شيوعيا.
وأضافت المصادر ان الصوغ الدستوري لهذه التحولات تتم عبر مشاركة عدد من الشخصيات التي تنتمي الى المعارضة او المحسوبة عليها، كما انه يوجد توجه انفتاحي على القوى السياسية التي لا تتعاون مع اميركا واسرائيل ضد العراق وطنها، وبالتالي ترغب في العودة الى ساحة العمل السياسي في العراق. وقالت المصادر انه تبلورت عدة امور في اتجاه تحويل السلطة التشريعية للبرلمان وإلغاء مجلس قيادة الثورة الذي يشكل حاليا أعلى سلطة تشريعية في البلاد على ان يتم اجراء انتخابات برلمانية مفتوحة للجميع من دون استثناء للمشاركة في سلطة تشريعية دستورية عبر الانتخابات التي سيحددها القانون بعد الاستفتاء على الدستور الجديد وقانوني الأحزاب والصحافة.
وتوقعت هذه المصادر ان يتم الاستفتاء العام على الدستور الجديد والقوانين المرتبطة به في حلول ربيع العام 2003 ليتم - في ضوء نتائج هذا الاستفتاء والمعطيات التي يفرزها العمل السياسي - تحديد موعد لانتخاب برلمان يتولى السلطة التشريعية في البلاد.
وعن احتمالات شن اميركا حربها على العراق قبل إنجاز متطلبات هذه التغييرات السياسية في العراق، قالت هذه المصادر «ان أميركا ستحاول شن هذا الهجوم سواء تغيرت الحياة السياسية في العراق ام لم تتغير لأن الحقيقة التي يعرفها الجميع ان الإدارة الأميركية لا تستهدف العراق بسبب نظامه السياسي، بل لثرواته النفطية وموقعه الحاكم في الجغرافية السياسية للمنطقة، وحين يصد العراق هذا الهجوم، إن شاء الله، فإن هذه التحولات ستجد موضعها الى التطبيق الفعلي». وأوضحت هذه المصادر «ان القرار بهذا الخصوص ليس قرارا مرحليا وانما التوجه اليه يعود الى نهاية الثمانينات بعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية الا ان الظروف المرتبطة بالحصار والحرب الاميركية المستمرة على العراق قد ارجأته، ولكنه تم احيائه العام 1995 بعد الاستفتاء الشعبي العام الأول على منصب رئيس الجمهورية وجهّز للتطبيق بانتظار القوى السياسية العراقية التي يمكن لها المشاركة في هذه التغييرات المهمة في الخارطة الحزبية العراقية، والآن وبعد وصول نتائج المشاورات مع التحالف الوطني العراقي الى القناعات الكفيلة بنجاح المشروع السياسي لتجديد الحياة السياسية في العراق الى المستوى الموضوعي المعقول، سيصار الى الإعلان عن مشروع الدستور الجديد للاستفتاء العام عليه وتطبيقه مع مطلع العام 2003».
ونفت هذه المصادر ما أشيع من ان هذه المتغيرات السياسية حصلت نتيجة نصيحة من اصدقاء واشقاء العراق، وقالت «ان أصدقاء العراق وأشقاءه، يسعدون بهذه التغيرات السياسية داخل العراق، في اعتبارها تزيح عنه الاتهامات الأميركية بالدكتاتورية، وما سيحصل في القريب المنظور من تغيرات في الحياة السياسية العامة ستؤكد ان الحكومة العراقية لا تبلع أقوالها، وان النصوص الدستورية الجديدة ستكون حاكمة وفاعلة بالشكل الذي يجعل الحياة السياسية في العراق تقدم نموذجا برلمانيا متقدما».
ويذكر ان وفدا من «التحالف الوطني العراقي» المعارض يقوم حاليا بزيارة لبغداد ويجري محادثات مع عدة شخصيات حكومية رفيعة المستوى. وكان الوفد المعارض التقى نائب الرئيس العراقي عزت الدوري الذي اوضح للوفد المعارض انه مكلف من قبل الرئيس صدام حسين بإجراء المشاورات والاتصالات التي من شأنها اعادة تجديد الحياة السياسية في البلد باتجاه دستور عراقي جديد يعزز السلطات التشريعية لبرلمان متعدد الأحزاب، ويعلّق سلطات مجلس قيادة الثورة او يلغيها. وذكرت تقارير ان الجانبين ناقشا الحياة السياسية في العراق من مختلف الأوجه، لاسيما الحياة النيابية والتعددية الحزبية وإمكان تشكيل سقف وطني واحد تتفق تحته كل التنظيمات السياسية التي ترفض الهيمنة الاميركية وتهديداتها العسكرية ضد العراق. وكان الناطق الاعلامي باسم التحالف المعارض فاضل الربيعي قد اكد في تصريحات صحافية «ان موقف التحالف الوطني يتميز عن جميع مواقف الجهات المعارضة الأخرى، لأنه يرفض أي عدوان على العراق وأي دعوة لتفتيت العراق أو الاستعانة بالأجنبي لأن ذلك يعني تحريضا على العدوان»، وقال «ان الطريق الى بغداد يمر عبر بغداد وليس عبر أي بلد أو مدينة أوروبية أو أميركية». وأكد الربيعي «ان المشروعات الأجنبية التي تنطلق هنا وهناك ضد العراق وعلى لسان هذا وذاك من المجموعات المعارضة هي من صنع أجنبي مغرض، ولا نتفق معها في التحالف بل نقف ضدها». وعن هدف زيارة وفد التحالف لبغداد قال الربيعي «إننا نأمل في ان نعمل مع القيادة في العراق يدا واحدة لمواجهة الأخطار وفق رؤية جماعية في إطار وحدة الرأي والموقف وقد وجدنا القيادة في العراق تطمح الى العمل في هذا المنهج»
العدد 88 - الإثنين 02 ديسمبر 2002م الموافق 27 رمضان 1423هـ