برعاية وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف تبدأ غدا الثلثاء (9 مايو/ أيار 2017) فعاليات منتدى "وثيقة المدينة: عقد المواطنة الأول"، الذي تنظمه إدارة الشئون الدينية بوزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف، التاسعة صباحا بقاعة أوال بفندق الخليج، بمشاركة عدد من أصحاب الفضيلة العلماء والدعاة والمتخصصين من داخل المملكة وخارجها.
وقال وكيل الوزارة للشئون الإسلامية الشيخ فريد المفتاح: "من المقرر أن يبدأ المنتدى بتلاوة عطرة من الذكر الحكيم للقارئ علي صلاح عمر، بعدها يلقي وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف كلمة الوزارة ، ثم تنعقد الجلسة الأولى للمنتدى بمشاركة عضو مجلس حكماء المسلمين المرجع اللبناني العلامة السيد علي الأمين، و أستاذ الفقه وأصوله بكلية الشريعة بجامعة الكويت الشيخ محمد عبدالغفار الشريف ، و أستاذ الفقه المشارك بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالمملكة العربية السعودية وعضو هيئة كبار العلماء بالمحكمة سابقاً الشيخ قيس بن محمد آل مبارك، ، فيما سيشارك في الجلسة الثانية كل من: رئيس الدائرة الشرعية بمحكمة التمييز الشيخ عدنان عبدالله القطان ، و المستشار القانوني والأكاديمي مال الله الحمادي ، و عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الشيخ محمد حسن عبد المهدي".
وأضاف المفتاح:"إن من الأهمية بمكان أن يطلع المسلمون على مكامن حضارتهم ويتعرفوا على ما فيها من كنوز تستحق الفخر، فوثيقة المدينة تُعد أول دستور دولي مكتوب، فقد سبق إليه المسلمون قبل أربعة عشر قرناً من الزمان، ليضمن تحقيق مجتمع آمن متعايش متعاون متعارف متآلف موحد، حيث يضمن هذا الدستور سعادة وكرامة الأسرة الإنسانية، مؤكداً على حفظ حقوق الإنسان بغض النظر عن معتقده أو لونه أو عرقه أو جنسه."
وقال: "إن وثيقة المدينة تضمنت في اثنتين وخمسين مادة تشريعية حقوق المسلمين فيما بينهم، وحقوق غير المسلمين، وطريقة التعامل سلماً وحرباً، وأصول وقواعد الاختلاف إن حدثت، وضمانات كل طرف من الأطراف الموقعة على الصحيفة، وكذلك ما على كل طرف من استحقاقات وواجبات ومسؤوليات. كما تضمنت الصحيفة شروطاً جزائية على من يخالف بنودها، ويتنكر بعد توقيعه عليها، حفاظاً على وحدة المجتمع وأمنه وتماسكه، وتعايشه."
وأوضح وكيل الشؤون الإسلامية بأن صحيفة المدينة أسست للمجتمع المدني أو للدولة المدينة – كما في التعبير الحديث – التي يعيش في ظلها تنوع بشري متعدد الديانات والثقافات والمذاهب والأعراق، وأرست الصحيفة قواعد دولة المواطنة، التي يستظل بظلها كل من يعيش على أرضها، بغض النظر عن دينه وثقافته وعرقه ومذهبه، حيث جاء أول بنود الصحيفة: "أنهم أمة واحدة من دون الناس". كما أسست صحيفة المدينة، لجعل العُرف الذي لا يخالف الشرع أساساً فيما تكون عليه المعاملات والعلاقات بين الناس، ومرجعاً عند عدم وجود نص شرعي يُرجع إليه، حيث ذُيلت بنود الصحيفة بهذه العبارة: "كل طائفة تفدي عانيها بالمعروف، والقسط بين المؤمنين وغيرهم".
مشيراً إلى أن صحيفة المدينة أرست ميزان العدل أساساً في الحكم بين الناس، في ظل الإسلام، فجاء ضمن بنودها: "إن المؤمنين المتقين أيديهم عل كل من بغى منهم، أو تجاوز، أو ابتغى ظلماً أو إثماً أو عدواناً أو فساداً بين المؤمنين، ولو كان ولد أحدهم"، ومستند هذه المادة قول الله تبارك وتعالى: (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)، وقوله تعالى: (ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين).
وأكد المفتاح على أن الصحيفة أقامت أسس المساواة بين الناس – كما في تعبيرنا الحديث – وأسست لتعايش سلمي بين المسلمين وبين غيرهم، من أتباع الديانات الذين كانوا يعيشون في مجتمع المسلمين، فجاءت الصحيفة لتحافظ على حقوقهم، وتنصر ضعيفهم، وفي البند السادس عشر منها، تأسيس لحق نصرة اليهود، وعدم مناصرة أحد عليهم، ما داموا مسالمين، ملتزمين بما أقروه في تلك الصحيفة، حيث جاء في تلك المادة: "وأنه من تبعنا من يهودٍ، فإن له النُصرة والأُسوة والأمن، غير مظلومين، وغير متناصر عليهم".
وأضاف بأن الصحيفة أقامت نظام عقود الأمان، والجوار، وحفظ الحقوق والعهود، وضمان حقوق من دخلوا بلاد المسلمين، بموجب هذه العقود والاتفاقيات، وأنه لا يجوز نقض عهد لمعاهد إلا إذا صدر منه ما يُوجب ذلك، عملاً بقوله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)، وقوله تعالى: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً).
واستطرد وكيل الشؤون الإسلامية قائلاً: إن الصحيفة تُعد ميثاقاً حقوقياً حضارياً رائعاً، حفظت فيه حقوق الناس من مهاجرين وأنصار وأوس وخزرج، وحفظت فيه كذلك حقوق الأقليات من يهود ونصارى وغيرهم.
وقال: نحن في مملكة البحرين لدينا ميثاقاً وطنياً تفضل به حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين حفظه الله، هذا الميثاق هو بلا شك عقد مواطنة حفظ البحرين ومكتسباتها، وحفظ للشعب بجميع مكوناته حقوقهم وخطا بالبحرين سريعاً نحو التقدم والرخاء، ونستطيع أن نقول أن ميثاق العمل الوطني عقد مواطنة استمد أصله من وثيقة المدينة عقد المواطنة الأول، لذا فإن ميثاق العمل الوطني عقد مرتبط بالأصل متصل بالعصر، ونحن اليوم نريد أن نؤكد على أن مواثيق المواطنة لها أصلها في الإسلام وأن أهميتها تكمن في تحقيق الوحدة الوطنية التي تنهض بالمجتمع وتحقق أمن واستقرار الوطن.
موضحاً أن على المسلمين أن يسقطوا نصوص هذه الصحيفة العظيمة ويدرسوها ويراجعوها، ويفيدوا منها، وينشروها عالمياً، ليعلم الناس، ولتعلم البشرية، وليطلع الناس في عالم اليوم، على سمو الإسلام، ومدى الرقي الذي وصل إليه وما قدمه للبشرية، وما هي مبادئه وقيمه وحضارته وحفظه لحقوق المسلمين.
ويستهدف المنتدى بالدرجة الأولى الدعاة والخطباء ومنتسبي قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بكلية المعلمين، والمعلمين بمعاهد العلوم الشرعية ومراكز وحلقات تحفيظ القرآن الكريم، كما أن الدعوة مفتوحة لجميع المواطنين للحضور والاستفادة مما سيقدمه المنتدون من أطروحات، حيث سيناقش المشاركون في المنتدى عدة محاور، أبرزها: التعريف بوثيقة المدينة، وماهية عقد المواطنة وآثاره، ومعايير المواطنة الصالحة، والدولة المدنية الحديثة من منظور إسلامي، فضلاً عن التحديات التي تواجه الوحدة الوطنية، وميثاق العمل الوطني.
نرجو التطبيق
كثيراً ما نسمع محاضرات وإرشادات مثالية من عدة جهات ،،،،،ولكن الواقع يختلف كثيراً عما نراه ونسمعه،،،،نرجو من المعنيين بالأمر بتطبيق تلك المثاليات