من المهم تعليم الأطفال الاعتماد على أنفسهم في الأمور التي تتناسب مع سنهم، وقدراتهم العضلية والعقلية والفكرية والوجدانية.
أن نتدرج معهم في إعطائهم بعض المسئوليات والواجبات، حتى نخلق جيلاً قادراً على مواجهة الظروف، لكن بعض أولياء الأمور يخافون على أطفالهم حتى من النسمة العابرة، فلا يتركونهم يحاولون فعل أي شيء بمفردهم. يوصدون عليهم الأبواب ويخنقون كل فرصة لديهم للتعلم والاستكشاف، بحجة أن هذا الزمان غير زماننا، وأن هذا الوقت غير آمن، وأن المجتمع قد تغيّر.
جميعنا نتفق أن هذا الكلام صحيح، وأن مستوى الأمن الذي عشناه في طفولتنا اختلف اليوم، خصوصاً مع وجود هذا الخليط الكبير من الثقافات والجنسيات التي دخلت مجتمعنا بشكل كبير، وانتشار جرائم التحرش الجنسي والعنف وغيرها. ولكن هذا لا يبيح لنا قتل طاقات أطفالنا وجعلهم غير قادرين على تحمل أية مسئولية مهما كانت صغيرة. وبالتالي نساهم في خلق جيل اتكالي لا يستطيع فعل أبسط الأشياء.
من الممكن أن نعلّمهم بعض الواجبات المنزلية الخفيفة كغسيل الأواني التي يأكلون أو يشربون فيها، وترتيب أسِرّتهم حالما يستيقظون من نومهم، وإعادة ألعابهم إلى مكانها بعد كل استخدام، وبعض الأمور الأخرى البسيطة التي لا ترهقهم ولا تأخذ الكثير من أوقاتهم، كي لا يعتادوا الاتكال بشكل كامل على الوالدين أو على العاملات في المنزل في حال تواجدهن.
هذه الأمور البسيطة تؤثر بشكل كبير في حياتهم وفي مستقبلهم؛ فلو أن أحدهم أراد السفر يوماً للدراسة أو لحضور مسابقة ما وهو ما يحدث الآن بشكل متكرر لأطفالنا المتميزين الذين يشاركون في مختلف المحافل منذ صغرهم، فلن يشعروا بالضياع والخوف، ولن يضطروا لأن يخسروا كثيراً أو يحتاجوا لأحد في كل صغيرة وكبيرة، وبالتالي لن يكونوا عبئاً على أحد.
الاعتماد على النفس في الأمور المتوافقة مع قدراتهم يربّي داخلهم قادةً قادرين على المضي قدماً في مشوار حياتهم ومستقبلهم، ويعطيهم الثقة بأنفسهم، ولا يجعلهم يتوقفون عند أمور بسيطة كان من الممكن أن يتعلموها في سن مبكرة. وهو ما حاولت أمهاتنا وجدّاتنا فعله؛ إذ كانت الفتيات يتعلمن الطبخ والأمور المنزلية منذ صغرهن، إلى جانب اهتمامهن بإخوتهن الذين يصغرنهن، وهو الأمر الذي وفّر عليهن الكثير من المشكلات والمضايقات التي قد يتعرّضن لها هن وأزواجهن نتيجة الاستعانة بعاملات المنازل منذ بداية حياتهن الزوجية على سبيل المثال.
الآباء كانوا أيضاً يشركون أولادهم في الأعمال البسيطة، ويعلّمونهم بعض الحرف وطرق تصليح واستبدال بعض الحاجيات في المنزل، بل وقد يعتمدون عليهم بشكل كبير في الأمور الصغيرة. وهذا أيضاً وفّر على الأولاد حاجتهم للعمال في كل صغيرة وكبيرة وفي كل طارئ قد يحدث في بيوتهم مستقبلاً.
جميعنا نتمنى أن يعيش أبناؤنا سعداء تتوفر لهم كل مقومات الراحة والرفاهية، ولكن هذا لا يعني أبداً أن نخلق جيلاً متواكلاً لأي سبب كان.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 5357 - الأحد 07 مايو 2017م الموافق 11 شعبان 1438هـ
تعلم الطفل
المشكلة انك تعلم الطفل الاعتماد على نفسه في الصغر بعد ان يكبر ويشوف المحيط حوله يتعلم منه لان الطفل في الصغر يفرح اذا اوكلت ليه مهمة بس من يكبر تتغير نظرته للحياة
شكرا على الموضوع ومادته منهج" كيف تعلم الطفل الاعتماد على نفسه " وعدم العتماد لا على الدوله ولا على المجتمع ولا حتى على الناس ومن ضمنهم ابواه ادم وحواء. فليس بسر ان ادم من تراب وليس من مارج من نار. فالسعاده بحث عنها الكثير من الناس الا انهم لم يجدوها لا في المال ولا في البنين ولا في البنات ولا حتى في النساء او في الرجال. نعم ادخال الفرح إلى قلب طفل قد تكون نوع من انواع السعاده وكذا ادخال البهجة إلى قلب انسان ولو بالابتسام في وجهه نوع اخر ليس فيه خزن. فهل يمكن ان نكون سعداء عندما اخرون يتالمون?