قال خطيب جامع الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان عبدالله القطان، في خطبته أمس الجمعة (5 مايو/ أيار 2017)، «إن ممّا يجلِب السّرورَ ويزيل الهمَّ الذي يحدُث بسبَبِ الخَوف من المستقبل، ويرفَع الحزن الذي على الماضي، أن يحرِص المسلم على الجدّ والاجتِهاد في إصلاحِ حاضرِه في أمور دينِه ودُنياه، وأن يُشغِلَ نفسَه بالأمور النافعة، ولا ينقاد للكسَل الضارّ، ولا يستسلِم للأمور المكروهَة التي قد مضَت ونفذَت».
وتحت عنوان «أسباب شرح الصدور»، قال القطان: «إنَّ الدّنيا دارٌ لا تصفو من الشدَّة واللأواء، ولا يسلَم فيها الإنسان من الهموم والغموم والشّقاء، يقول صلى الله عليه وسلم: (الدنيا سِجنُ المؤمنِ وجنّة الكافِر) وإنَّ المتأمِّل لأهل هذا العصرِ والزمان، يجِد كثرةَ الشكوى من الكآبة والضِّيق والتضجُّر والقلَق والملل، بسببِ الهموم المتنوِّعة، والأمراضِ النفسيّة المختلِفة، حتى وصَل الأمر عند البعضٍ إلى الانتحار والعياذ بالله؛ ولهذا عباد الله فالحاجة ماسَّة لمعرفة المنهج الذي يُقيم الحياةَ الطيِّبة، ويكفلُ انشراحَ الصدور، ويجلِب الفرحَ والحبور، والبهجةَ والسرورَ».
وقدم القطان «وقفاتٌ عند الأسبابِ الَّتي تحقِّق تلكَ المطالِب الثمينةَ، والمعاني الساميةَ، وفقَ منهجِ الوحيَين، وسِيرة سيِّد الأنبياءِ والمرسَلين عليه أفضَل الصلاةُ والتّسليم»، وقال: «أوّلُ هذه الأسباب: تحقيقُ الإيمانِ بالله جلّ وعلا، الإيمان المتضمِّن محبَّةَ الله، ومحبّةَ رسولِه صلى الله عليه وسلم، وإفرادَ الله جلّ وعلا بالخوفِ والرجاءِ وتفويض الأمورِ إليه، والاعتمادَ عليه وحدَه، والوقوفَ عند حدودِه، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاة طَيِّبَة وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) وقال سبحانه: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً)، فالسعادةُ في الطاعةِ، والبَهجةُ في العبادةِ، والشَّقاءُ بكلِّ معانيه، والضَّنك بجميعِ مفاهيمه، في الشركِ بالله جل وعلا، والابتداعِ في الدين، وفي المعاصي والسيِّئات، فما يُجازَى به المسيءُ من ضِيقِ الصَّدر، وقسوةِ القلبِ وغمِّه وهمّه وحزنه وخوفِه، فهي عقوباتٌ عاجِلة، ونارٌ دنيويّة، كما قال ابن القيِّم رحمه الله، يقول جل وعلا: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَة ضَنكا)».
وأشار إلى أنَّ «المتفرّد بالتّدبير والتصريفِ، هو الله تبارَك وتعالى، وأنّه سبحانه هو أرحمُ بعبدِه المؤمنِ من نفسِه، فانطَرِح بين يدَيه سبحانَه، واعتمِد عليه، وثِق به، واطمَع في فضلِه؛ يطِب عيشُك، وينعُمْ قلبك، ويزدَد فرحُك وسرورك، ولا تستسلِم للأوهام ولا للخيالاتِ السيِّئة وأنت معتمِد على الجبّار جلّ وعلا، (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) أي: كافيه كفاية تامَّة في جميع أمورهِ، وفي جميع ما يهمُّه».
وتابع القطان استعراضه، وقال: «السبَب الثاني: مِن أسبابِ طردِ الهمومِ وجلبِ الرَّاحة والطّمأنينة، التحلِّي بالصبر عند المصائب، والتخلُّق به عند المضايق، قال صلى الله عليه وسلم: (عَجباً لأمرِ المؤمِن، إنَّ أمرَه كلَّه له خَير، وليس ذلك لأحدٍ إلاَّ للمؤمِن؛ إن أصابته سراءُ شكَر فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاءُ صبر فكان خيراً له)، إنّه الصبرُ يا عباد الله الذي يحدو بصاحبِه إلى عدَم التضجّر والتسخُّط، بل صبرُ المؤمن الذي يوقِن بما أخبر به المصطَفى صلى الله عليه وآله وسلم بِقولِه: (ما يصيبُ المسلمَ من نصَب ولا وصَب ولا همٍّ ولا حزَن ولا أذى ولا غمّ حتى الشَّوكة يُشاكُها إلا كفّر الله بها خطاياه) وفي روايةِ: (ما يصيبُ المؤمنَ من وصبٍ ولا نصَب ولا سقَم ولا حزنٍ حتى الهمّ يهمُّه إلا كُفِّر به من سيِّئاته)... ومن الأسباب أن يجعلَ العبدُ همَّه الأكبرَ الآخِرةَ والعمَلَ لها والسعيَ من أجلها؛ فمن أهمَّته الدنيا فقَط، وجعَلها أكبرَ همِّه، حمَّله الله همومَها وغمومَها وأنكادَها. صحَّ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: (مَن كانتِ الآخرةُ همَّه، جعَل الله غناه في قلبِه، وجمَع له شملَه، وأتَته الدّنيا وهي راغِمة، ومن كانت الدّنيا همَّه جعَل الله فقرَه بين عينَيه، وفرَّق عليه شملَه، ولم يأتِه من الدّنيا إلاَّ ما قُدِّر له)».
وأفاد القطان أن «مِن أعظمِ أسبابِ طردِ الهمومِ وجلبِ الرَّاحة والطّمأنينة، المحافظةُ على الصلوات المفروضة، والإكثارُ من نوافلِها، بتدبُّر وخشوعٍ كما كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يصلِّي، قال جلّ وعلا: (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ)، ورسولُنا عليه الصلاة والسلام فيما صحّ عنه يقول: (يا بلالُ، أرِحنا بالصلاة)، ويقول: (جُعِلت قُرَّةُ عيني في الصَّلاة)، ويقول: (فإنَّ الصلاةَ شِفاء). ومِن أقوى الأسبابِ لانشراحِ الصدور وإزالةِ الهموم والغمومِ، الإكثارُ من ذِكر الله جلَّ وعلا، قال تعالى: (أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ). ومِن أفضلِ الأذكار الإكثارُ من تلاوةِ القرآنِ بتدبُّر وخشوعٍ، يقول جلّ وعلا: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ)، وكذَلك المحافظةُ على أذكارِ الصباحِ والمساءِ والإكثارُ من الاستِغفار؛ فمَن أكثَر منه، جعلَ الله له مِن كلّ همّ فرجاً، ومِن كلّ ضيق مخرَجاً، ورزَقه من حيثُ لا يحتَسِب. ومن ذلك أيضاً الإكثارُ من الصلاةِ والتَّسليم على الحبيب المصطفى والنبيِّ المجتبى، اللّهمّ صلِّ وسلم عليه، ففي حديث أبيّ بن كعب رضي الله عنه حينما قال: يا رسولَ الله، إني أكثِر الصلاة عليك، وفي الحديث قال: قلتُ: أجعلُ لك صلاتي كلَّها؟ فقال: (إذاً يكفِيكَ الله ما أهمّك مِن أمر دينِك وآخرَتك، ويغفِر لك ذنبَك). أي كلما دعا لنفسه قدم بين يدي دعائه الصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم».
وبين القطان أن «مِن أقوى الأسبابِ لدَفع الهمومِ وإزالة الغمومِ ورَفع الحزَن والنكَد وطردِ القلَق والأرق وجَلبِ راحةِ البال وإصلاح الحالِ، التوجُّهُ إلى العظيم الكريم سبحانه والتضرُّع إليه، قال أنس رضي الله عنه: كنتُ أخدِم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إذا نزَل، فكنتُ أسمعه كثيراً يقول: (اللّهمّ إني أعوذ بك من الهمّ والحزَن) إلى آخر الحديث الذي رواه البخاري. وفي كتُب الأذكارِ جملةٌ من الأدعيَة لطردِ الحزنِ وإذهاب الهمّ ورَفع الكرب. ومن أعظمِ الأسباب لانشراحِ الصدور وراحةِ البال النظرُ إلى النِّعَم التي لا تحصَى ممّا أنعمَ الله بها عليك أيّها المسلم، وأن تستَيقنَ أنّ ما أصابك من المكروه لا يكون شيئاً بالنِّسبة إلى النِّعم التي تعايِشها، قال صلى الله عليه وسلم (انظُروا إلى من هو أسفَل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فَوقَكم؛ فإنه أجدرُ أن لا تزدَروا نعمةَ الله عليكم)... لمّا قُطعت رِجلُ التابعي عروة بن الزبيرِ رضي الله عنه قالَ لَه عيسى بن طلحةَ رضي الله عنه: يا أبا عبدِالله، ما أعدَدناك للصِّراع ولا للسباق، ولكن أبقَى الله منكَ لنا ما كنّا نحتاج إليه: رأيَك وعلمَك، فقال: ما عزَّاني أحدٌ مثلك، وهو الذي يقول: إن أخذَ الله مني عُضواً فقد أبقى أعضاء كثيرة».
ونبه القطان إلى أن «من أسبابِ زوال الهمّ والغمّ أن يعيشَ المسلم متفائلاً مستبشِراً، نظرُه دائماً يقعُ إلى الحسن لا إلى السيِّئ، يلحَظ المحاسنَ فيغلّبها، ويتغاضَى عن المساوئ ويتناسَاها، فتحلّ حينئذٍ المحبةُ في قلبه، وتنزل السكينةُ فؤادَه، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يَفرَك (أي لا يبغض) مؤمنٌ مؤمنَة، إن كرِه منها خلقاً رضِيَ منها آخر)... ومن الأسبابِ المعينةِ على انشراحِ الصدورِ في حال نزول الضّيق والضّنك، أن يستشيرَ المسلم ذوي الرأي، ويستمع لذوي النصح من أهل العلم والفَضل والصلاح؛ ففي ذلك تسليةٌ للقلوب، وأُنس للأفئدَة، وطردٌ للهموم والكروب. فقد قال خبّاب بن الأرتّ رضي الله عنه: شكَونا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهو مُتوسِّدٌ بُردة له في ظلِّ الكعبة، فقلنا له: ألا تستنصِر لنا؟! ألا تدعو اللهَ لنا؟! الحديث. رواه البخاري. ويقول الزبير بن عديّ: أتينا أنسَ بن مالك رضي الله عنه، فشكونا إليه ما نَلقَى من الحَجَّاج، فقال: اصبروا وصابروا) الأثر رواه البخاري».
وذكر القطان أن «ممّا يجلِب السّرورَ ويزيل الهمَّ الذي يحدُث بسبَبِ الخَوف من المستقبل، ويرفَع الحزن الذي على الماضي، أن يحرِص المسلم على الجدّ والاجتِهاد في إصلاحِ حاضرِه في أمور دينِه ودُنياه، وأن يُشغِلَ نفسَه بالأمور النافعة، ولا ينقاد للكسَل الضارّ، ولا يستسلِم للأمور المكروهَة التي قد مضَت ونفذَت؛ فاشتغالُ الفكر بها من باب العبَث والمحال، فحينئذٍ يمضي قُدُماً في أمور دينه لتحصيل الخيراتِ ودَفع المضرّات (...) أخِي المسلم: إذا وقعَت بك ضرّاءُ ونزَل بك ألَم أوجَب الهمّ والغمَّ والحزن، فأسدِ لغيرك إِحساناً، وأوصِل إليه جميلاً؛ يُعقِب ذلك لك فرحاً وسُروراً، فالله جلَّ وعلا يقول: (وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) وأكثروا حينئذ من الصَّدَقة، فهي تدفَع النِّقمَ وتزيل الهمَّ، وهي سبَبٌ للشِّفاء والعافِيَة، فمَن تصدَّق بِنيّة الشفاءِ وجَد ذلك عياناً، وقَد صحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: (دَاوُوا مرضَاكم بالصَّدَقة)، وقد تواتَر في قصَص كثيرةٍ عَبرَ التأريخ أنَّ الصدقةَ لها تأثيرٌ عظيم في جَلبِ الشِّفاءِ بإذن الله جلّ وعلا، شفاء القُلوب وشِفاء الأبدان، وليكُن شِعارك ـ أيّها المسلم ـ في هذه الحياة عند التعامل: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، فكن ذا قَلبٍ لا يحمِل الحِقدَ، وكن ذا صَدر بريءٍ من التَّشفّي والانتقام؛ تَسعَدْ وتغنَم وتفرح وتسرّ بإذن الله تعالى. اللّهمّ أصلِح أحوالَنا وأحوالَ المسلمين، لا إلهَ إلاَّ أنتَ سبحانَك إنّا كنّا منَ الظالمين، اللّهمّ إنّا نعوذُ بك من الهمِّ والحزَن، ومن العجزِ والكسَل، ومن الجبنِ والبُخل، ومن ضَلَع الدَّين وقهرِ الرجال».
وقال القطان في خطبته: «إن المصائب المختلفة التي تصيب الإنسان في دنياه، وكذلك الاضطرابات والانفعالات النفسية والمخاوف المختلفة، التي تُسبب له أمراضاً كثيرة، وخصوصاً أمراض الأعصاب، وكذلك همّ أمور المعيشة، ومتطلبات الحياة المتزايدة، وما يرافقها من الديون المتراكمة، في سبيل تأمين لقمة العيش، ونفقة الزوجة والأهل والأولاد، كل هذه الظروف المعيشية الصعبة، مع ما يصاحبها من مصائب مختلفة، تقود إلى المخاوف والهموم والكروب والأحزان. ولا يخفى علينا كما هو معروف عند الأطباء أن الكمد والحزن الشديد المكتوم في الفؤاد، يُوهنان الجسد، ويجرحان القلب، وكذلك الأحزان الشديدة المتراكمة تؤثر سلباً على القلب والجسد وتُسبب للإنسان الكثير من الأمراض المستفحلة الخطيرة، وكذلك الاضطرابات النفسية والتوترات العصبية الناتجة عن تراكم الأحزان المكتومة في القلب هي مبدأ لأمراض عضوية كثيرة ناتجة عنها، وقد تكون خطيرة والعياذ بالله».
وأضاف «لقد أرشدنا نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن خلال سيرته العطرة المباركة، ومن خلال إرشاداته وتعليماته العظيمة، ووصاياه النافعة لأمته إلى علاج الهم والغمّ والكرب والحزن، فبالإضافة إلى ما ذكر فقد كان عليه الصلاة والسلام يقول عند الكرب والشدة ليعلّم أمته: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)، وعن أبي بكر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ)، وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَقَّنَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَأَمَرَنِي إِنْ نَزَلَ بِي كَرْبٌ أَوْ شِدَّةٌ أَنْ أَقُولَهَا: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وكان صلى الله عليه وسلم إذا خاف قوماً قال: (اللَّهُمَّ! إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِم)».
وبين القطان أن «مما ينفع لعلاج الحزن والهم أن نقول ما علّمنا إياه النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال: (مَا أَصَابَ أَحَداً قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَائكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ: أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي. إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحاً) فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا نَتَعَلَّمُهَا؟ فَقَالَ: (بَلَىٰ. يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا)... ومما ينفع لعلاج الهم والكرب وللخروج من الضيق والشدة ويساعد أيضا في أمور الرزق كثرة الاستغفار وملازمته ليلاً ونهاراً، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وعلم صلى الله عليه وسلم أصحابه دعاء لذهاب الهم، وقضاء الدين، يقال صباحاً ومساء، فقال قل: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَقَهْرِ الرِّجَالِ)
ما أعظم هدي النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم فيما أرشد إليه أمته مما ينفعهم في صحتهم ومعاشهم وآخرتهم، وصدق الله العظيم إذ يقول في محكم تنزيله: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) ويقول عز وجل لنبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم: (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكَ عَظِيماً)».
العدد 5355 - الجمعة 05 مايو 2017م الموافق 09 شعبان 1438هـ