واجهت الدولة العيونية نوعين من الأخطار، أحدها داخلي، وهو صراع على السلطة بين أفراد الأسرة العيونية، أما الآخر فهو خارجي، ويتمثل بصورة أساسية في جزيرة قيس أو كيش، فمنذ قرابة العام 1161م، بدأ ملك جزيرة قيس، باكرزا يحاول السيطرة على البحرين، إلا أن محاولاته لم تنجح، وكانت أشهر تلك المعارك معركة سترة التي هزم فيها، والتي كان بطلها الزير بن الحسن بن عبدالله بن علي.
وبعد مقتل الزير بن الحسن قرابة العام 1180م مرت كل من أوال والقطيف بفترة من القلاقل في الحكم، فتمَلَك بعد الزير، محمد بن أحمد بن محمد بن الفضل ولم يستمر طويلاً، وخرج مختاراً، ثم إنّ أهل القطيف مَلَّكُوا عليهم رجلاً، وهو النَّقيب العلويّ، فملك مقدار أربعين يوماً، وبعد ذلك استقال منها، ومَلَّكُوا عليهم بعده رجلاً يقال له مُسيّب، وهو من بيت عبدالله، فبقي مدّة شهرين. ثمّ مَلَك الحسن بن شكر بن الحسن بن عبدالله (1181- 1184م)، ثمّ قتله شكر بن منصور بن أبي المنصور، وأخوه عبدالله بن منصور، وتسلم الحكم عبدالله (1184 - 1191م). وفي عهد عبدالله بن المنصور تكررت محاولات ملك قيس في السيطرة على أوال، حيث جدّد شاه بن باكرزا محاولات السيطرة على أوال، فجاءت عساكره في البحرين من الساحة من أوال من شرقيّها، وهذه تُعرف بوقعة ابن الحياش وزير الأمير عبدالله (الجنبي وآخرون 2012، ج5، ص 2992 – 2994).
ثمّ إنّ محمّد بن أحمد بن الفضل (1191 - 1208م) جاء إلى القطيف، وَمَلَكها، وخرج منها عبدالله بن منصور وراح إلى أخيه إلى الأحساء. ثمّ إنّ الأمير محمد قُتِل، قَتَلَه أصهاره من العماير. والعَمَاير واحدها عَميري، نسبة إلى عميرة بن سنان بن غفيلة العُقيلي العامري (الجنبي وآخرون 2012، ج5، ص 2868 وص 2995). وبمقتل الأمير محمد بدأ طور الانهيار للدولة العيونية، حيث بدأ الأمراء العيونيون بتوزيع الأراضي والممتلكات في أوال والقطيف لشراء الولاءات، ولشن الغارات على بعضهم لانتزاع الحكم، حتى سيطرت قيس على الدولة العيونية. هذا، وقد وردت هذه التفاصيل في شرح ديوان ابن مقرب العيوني، منذ المؤامرة على الأمير محمد بن أحمد والتي كان طرفاها عزيز بن حسن بن شكر بن علي بن عبدالله العيوني مع راشد بن عميرة بن سنان صهر الأمير محمد نفسه.
بداية انهيار الدولة العيونية
بدأ انهيار الدولة العيونية مع بداية التآمر على الأمير محمد بن أحمد «وكان من الأمر أن الأمير عزيز بن الحسن بن شكر بن علي، حالف راشد بن عميرة بن سنان بن غُفيلة، وهو يومئذٍ شيخ عُقيل في البحرين على أن يقتل الأمير محمد بن أحمد أبي الحسين صاحـب القطيف، ويتولَّى عزيز بن حسن مكانه، ويكون لراشد بن عميرة كلّ مُلْك السلطـنة فـي القطيف من أرضٍ، ونخل وعدّة بساتين من أوال مسمّاة، مع عدّة مراكب من مراكب البحر مما يكون للسَّفر، وممّا يكون للغوص، وعدّة ألوف دنانير تكون رسماً له كلّ سنة، وعدد من الثياب لراشد منه شيء معلوم، وعليه زيادة فضّة وأشياء غيرها، ويفرّق التَّالي على عشيرة راشد وأصحابه وقومه، وَمَنْ أراد له الشرك فيه من البدو، فقتله على ذلك الشّرط، ووفَّى له عزيز بن الحسن بجميع ذلك، ولم يبقَ للسلطان في جميع بساتين القطيف وأرضها قليل ولا كثير» (الجنبي وآخرون 2012، ج5، ص 2863 - 2865).
بعد مقتل الأَميرَ محمد بن أبي الحسين، وملك عزيز بن الحسن، ظهر ابن الأمير محمد وهو الفضلُ بن محمد، وأراد الانتقام لوالده واستعادة الملك لنفسه، فسار «إلى بغداد مستنصراً بالخليفة الناصر لدين الله، وطلب إليه أن يمدّه بشيء من السلاح، فأمدّه بمنجنيقات وقِسِيّ جُرّخ، وشيء من النّفط، وبقومٍ من أهل بغداد يرمون عن المنجنيقات، وبقوم يرمون عن الجرّخ، وبقومٍ يزرقون بالنفط، فانحدر من بغداد، وسار إلى القطيف، وسار معه خاله الحسين بن المفدّى بن سنان بمن تبعه من عامر ومن غيرها، وحاربوها معه، فحالفه قوم من أهلها، فملكها بعد حرب أشهرٍ، فحين ملكها وثب على جميع أملاك أهلها، فصار يُقْطع الرجل من بني عامر العين الجارية بما تسقي من الأرض والنخل، وقسم جميع الحضور التي في البحر لصيد السمك أيضاً على عامرٍ، وأقطعهم أيضاً أملاكاً من بساتين أوال، وقسم عليهم كلّ دارٍ مشهورة بالقطيف، وقسم عليهم عدّة مراكب من مراكب السفر، وعدّة مراكب من مراكب الغوص، وملَّكهم الغاصّة التي فيها، وصاروا يتوارثون ذلك الولد عن الوالد، والحيّ عن الميّت، فكان أولُ هلاك القطيف وأوال، وأوَّلُ خروجها من أيدي أهلها قَتْلَ الأمير محمد بن أبي الحسين، ومُلْكَ الأمير عزيز بن الحسن، وتَمَّمَهُ مُلْكُ الفضل بن محمد، وكلاهما زَيّن له ذلك قومٌ من أهل البلد، وساعدوه عليه، وهوَّنوا أمر الرعيَّة عليه، ولو لم يزيّنوا ذلك لم يفعل» (الجنبي وآخرون 2012، ج5، ص 2865 - 2868).
ملوك قيس تسيطر على العيونيين
بقي المُلْك قرابة سنةً واحدةً بيد عزيز بن الحسن بن شكر، ثمّ أنتزعه منه الأمير فضل بن محمد بن أحمد الذي استعان بديوان الخلافة، وجاء إلى القطيف، وحاربها، وقَتَل غُرَيْرَاً وَمَلَكَها، وبقي فيها مدّة عشر سنين وزيادة (1209 - 1219م) قسّم فيها جزءاً كبيراً من ثروات البلاد على بني عامر، كما تنازل عن العديد من المناطق والثروات لملك جزيرة قيس؛ ففي عهده استقرّ الصلح بينه وبين مَلِكِ قيس غياث الدين شاه بن تاج الدين جمشيد وكَتَبَ بينهما كتاباً وعهداً. وتعتبر المعاهدة التي أبرمت بين ملك قيس والأمير العيوني مهمة لما يرد فيها من مسميات لمناطق مهمة في أوال، وسنذكر هنا هذه الأجزاء التي تذكر فيها هذه مسميات تلك المناطق في أوال والتي أصبح ملك قيس يتحكم فيها، وهي كالآتي:
«على أَنْ تكون جزيرة أكل ومقاسمها، وخراجها، وبـرّها، وبحرها، وما يتعلّق بها، وجزيرة الجارم وما يتعلّق بها، وجزائر الطيور، وهي بوارة، وقنان، وخدم والمدبغة، ما خلا مئتي جلدة، وملاقي بحر الحورة، وظهر سماهيج، وجميع عشر السمك بساحل مني والمروزان (الجنبي وآخرون 2012، ج5، ص 2997 - 3000).
وفي مكان آخر من الديوان ترد المعاهدة مفصلة، ويرد فيها أسماء لمناطق أخرى في أوال منها «مقسم الكندوج» وكذلك «المقسم المعروف بسبخة سامة والمقسم المعروف بالغرنفج ونوجرفت والدولات الذي كان للشريف، والسفلية التي كانت لأبي عبدالله، ومن المغفورة ما يخص حسن بن مسعود» (الجنبي وآخرون 2012، ج5، ص 3039 - 3040).
هذا، وسنتناول في الحلقات المقبلة تلك المسميات بالتفصيل، من الناحية التاريخية والناحية الآثارية.
ذكرتوني بالجامعه والأيام الجميلة بهالموضوع بس للاسف بديت انسى تخصصي في التاريخ بعد 11 سنة عاطله وما توظفت
سماهيج من القرى القديمة في البحرين ولها ذكر في معظم الأحداث التي مرت بها البلاد.. هي قريتي التي ولد وعاش فيها أجدادي وأنا أعيش فيها الآن وأفتخر بأصولها وأهلها وستبقى لأولادي وأحفادي..