اعتبر المدير الاقليمي لصندوق النقد الدولي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى جهاد ازعور ان دول الخليج تسير "في الطريق الصحيح" بتطبيقها اصلاحات مالية لمواجهة العجز في موازناتها مع انخفاض اسعار النفط، داعيا رغم ذلك إلى اجراءات إضافية.
وقال ازعور في مقابلة مع وكالة فرانس برس في دبي "اذا واصلت (دول الخليج) اتباع هذا المسار للسنوات الثلاث الى الخمس المقبلة، فان مستوى العجز سيتراجع إلى ما دون الـ2 بالمئة".
وأضاف ازعور متحدثا قبيل صدور التقرير المالي الدوري للصندوق والخاص بالشرق الاوسط واسيا الوسطى اليوم الثلثاء (2 مايو / أيار 2017) "الامر يسير في الطريق الصحيح".
وكانت أسعار النفط التي تأثرت بفائض العرض في الأسواق انخفضت من اكثر من 100 دولار للبرميل في حزيران/يونيو 2014 الى نحو 30 دولارا بداية العام 2016، ما دفع بالعديد من الدول النفطية وبينها دول الخليج الى اعتماد اجراءات تقشفية قاسية.
مع تراجع الايرادات النفطية، سجلت دول الخليج عجزا في موازناتها واتجهت نحو تعويضه عبر رفع الدعم عن سلع رئيسية طالت قطاع الطاقة.
وقال ازعور "لا تزال هناك حاجة لاعتماد تعديلات في الانظمة المالية. يجب ان يتم تطبيق اصلاحات اضافية خصوصا في الجانب البنيوي". واوضح ان اتباع هذه الخطوات يهدف الى "تنويع الاقتصاد والسماح له بالنمو خارج قطاع النفط من اجل خلق فرص عمل والاعتماد بشكل اقل على سوق النفط الهش".
لكن السعودية، التي تتوقع عجزا بنحو 52,8 مليار دولار في 2017، اعلنت الاسبوع الماضي "إعادة جميع البدلات والمكافآت والمزايا المالية لموظفي الدولة من مدنيين وعسكريين" التي تم إلغاؤها أو تعديلها أو إيقافها إلى ما كانت عليه.
ورغم ان هذا القرار قد ينظر اليه على انه خطوة الى الوراء ضمن خطط اكبر مصدر للنفط في العالم للحد من الانفاق، الا ان المدير الاقليمي لصندوق النقد راى في الامر الملكي خطوة "بسيطة مقارنة بالاتجاه العام".
وأوضح ازعور "عندما تعتمد برنامجا اصلاحيا ضخما، فان سيتوجب عليك رغم ذلك ان تعدل او تدخل تغييرات على بعض الاجراءات هنا وهناك". ويشير بذلك إلى خطة اصلاحية طموحة قدمها في نيسان/ابريل 2016 ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان، وزير الدفاع ونجل الملك سلمان بن عبد العزيز، لتنويع الاقتصاد بعنوان "رؤية 2030".
وتابع المسئول الدولي ان الحكومة السعودية طبقت اصلاحات مالية "قوية" في العامين الماضيين "واستطاعت ان تقلص النفقات"، مشيرا الى ان الرياض جددت التزامها بتحقيق توازن مالي بحلول العام 2020. ولفت الى ان المملكة، صاحبة اكبر اقتصاد عربي، تملك مقومات تساعدها على احتواء الصدمات الاقتصادية "وادخال الاصلاحات المالية بشكل تدريجي على فترات زمنية مختلفة".
- بعيدا عن النفط - وللتاقلم مع تراجع اسعار النفط، اتفقت دول مجلس التعاون الخليجي الست، السعودية وقطر ودولة الامارات العربية المتحدة والبحرين وسلطنة عمان والكويت، على اعتماد الضريبة على القيمة المضافة في 2018.
وراى المسؤول في صندوق النقد وهو وزير مالية سابق في لبنان ان فرض هذه الضريبة "خطوة مهمة" تساعد على تنويع الايرادات بعيدا عن النفط وتقوية المؤسسات الضريبة.
الا ان دول الخليج وغيرها من الدول المنتجة للنفط لا تزال تامل في تحسن اسعار الخام.
وفي مسعى لاعادة التوازن الى الأسعار، بدات الدول الاعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط "اوبك" في الاول من كانون الثاني/يناير تطبيق اتفاق لانتاج بنحو 1,2 مليون برميل يوميا. كما بدات الدول المنتجة خارج المنظمة خفض الانتاج بنحو 600 الف برميل.
وتأمل هذه الدول وبينها السعودية في ان يسفر خفض الانتاج بمعدل 1,8 مليون برميل يوميا والذي من المفترض ان يستمر لمدة ستة اشهر في فترة أولى مع امكانية تمديده، في تقليص تخمة الامدادات ورفع الاسعار.
وبعد اكثر من اربعة اشهر من بدء تطبيق الاتفاق، توقع صندوق النقد في تقرير في نيسان/ابريل ان يؤدي خفض انتاج النفط بين كبرى الدول المصدرة له الى تباطؤ النمو الاقتصادي في السعودية والعديد من الدول العربية الاخرى المصدرة له.
وخفض الصندوق في تقريره الدوري "آفاق الاقتصاد العالمي" توقعاته للنمو الاقتصادي في عام 2017 في دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا وباكستان وأفغانستان الى 2,6 بالمئة بعدما كانت 3,1 بالمئة في بداية العام.
لكن ازعور اشار في مقابل ذلك الى ان القطاعات غير النفطية بدات تنمو بشكل اسرع.
واوضح "قطاع النفط تاثر بخفض الانتاج، غير ان القطاعات غير النفطية حققت نموا"، مضيفا ان "حصيلة 2017 تظهر ان القطاع غير النفطي يحقق نموا محتملا اكبر ويتعافى بوتيرة اسرع من القطاع النفطي".
ويتوقع التقرير الاقتصادي الاقليمي لصندوق النقد ان تزداد نسبة النمو في القطاعات غير النفطية في دول مجلس التعاون الخليجي الست من 2 بالمئة في العام 2016 إلى 3 بالمئة في 2017.