أن تعلم طفلاً الاهتمام بقضايا أمته، أمر صعب، في ظل كل هذه المغريات التي تتيح له العزلة النفسية والروحية والجسدية عن كل ما يدور ويوجد حوله.
ذلك أمر يتطلب الكثير من الجهد المتواصل والتذكير والحث والتعليم.
ما لاحظته خلال زياراتي المتكررة لدول المغرب العربي متمثلة في تونس والمغرب والجزائر، من خلال تلبية دعوات في عدد من المحافظات والمناطق المختلفة في هذه الدول أمر يستحق الإشادة.
إذ وفي كل مهرجان أو ملتقى شعري لابد وأن تكون هنالك وصلة موسيقية أو مسرحية أو شعرية يحييها الأطفال، وغالباً ما تكون حول قضايا الأمة الراهنة.
فلسطين تظل حاضرة دائما في كل عرض، ولحقتها خلال آخر زيارتين لي سورية واليمن والعراق وبقية الدول التي تعاني في كل أنحاء الوطن العربي.
لن أتحدث عن مستوى العروض فهذا أمر يطول الحديث فيه، ولن أتحدث عن البساطة في الديكور والملابس والإضاءة. ولا عن اللغة العربية السليمة نطقاً ونحواً. لكن هذه الظاهرة وحدها تدعو للاهتمام والفخر.
في دولنا اليوم حين نكتب مقالاً حول فلسطين على سبيل المثال، نجد بعض التعليقات تستنكر ذلك «في ظل وجود قضايا محلية تستوجب تسليط الضوء عليها»، وكأن القضايا الأخرى يجب أن تكون غائبة في ظل حضور أمور ملحة محلية لم تغب عنها الأقلام.
قد يقول أحدهم إن هؤلاء الأطفال ملقنون، أو أنهم يحفظون هذي العروض من غير معرفة بمحتواها أو بما تحمله من رسائل، وهذا أمر مردود عليه؛ إذ تحدثت بعد عرضين مع الأطفال ووجدت معرفتهم بقضية فلسطين على سبيل المثال، معرفة خجلت منها، ونحن الذين غيبناها أو نكاد في دولنا.
من المهم أن يقدم الأطفال عروضاً حديثة، ويواكبون هذا العصر وفنونه ومواضيعه، ولكن هذا لا يمنع اهتمامهم بغير ذلك، وخصوصا من القضايا الكبرى التي تضج بها الساحة العربية والإسلامية.
وحين سألت عن سر هذا الاهتمام، وعما إذا كانت المناهج المدرسية تورد شيئا من هذه القضايا، وجدت أنها بالفعل تخصص مواضيع حول فلسطين، وأن الآباء يهتمون بالتحدث مع أسرهم حول هذي القضايا كما يفعلون مع أصدقائهم وزملائهم في العمل.
جميل كل هذا الاعتناء بأطفالنا وعقولهم وقلوبهم، ليكونوا يوماً قادة رأي ربما يستطيعون تغيير شيء من واقعنا العربي المؤلم.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 5350 - الأحد 30 أبريل 2017م الموافق 04 شعبان 1438هـ
ليس فقط الاطفال بل المجتمع بأكملة تم تجهيله ووضع مواضيع تافهة لألهائه بها وشغله عن الامور المصيرية والقضايا الهامة للأمة ولا يسعنا الا أن نقول حسبي الله ونعم الوكيل . أم مروه.