تقدم التيار الوطني الديمقراطي في البحرين (جمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد"، جمعية المنبر التقدمي، جمعية التجمع القومي الديمقراطي) بصادق التهنئة للطبقة العاملة البحرينية والعربية والعالمية في عيد العمال العالمي الذي يصادف الأول من مايو من كل عام، حيث تحتفل فيه شعوب العالم وقواها الحية والطبقة العاملة والكادحين الذين يناضلون من أجل حقوقهم الأساسية، مؤكدين حقوقهم الانسانية والمطالب العمالية العادلة في بعدها الاقتصادي الاجتماعي والحقوقي.
إن احياء هذه المناسبة العمالية المجيدة تعني بالنسبة لعمالنا وكادحينا في البحرين تأكيداً على ما يناضلون في سبيله من حقوق ومطالب مشروعة مستحقة، كونها حقوقاً أصيلة أكدت عليها المواثيق الدولية، وذلك وفق بيان للتيار الديمقراطي اليوم الاحد (30 أبريل/ نيسان 2017)، ويأتي في مقدمتها كما نص البيان:
أولاً: الحقوق العمالية: بصدور ميثاق العمل الوطني وبأغلبية ساحقة حققت البحرين إنجازات نقابية وعمالية كبيرة منها تشكيل النقابات العمالية والاعتراف بالأول من مايو كعيد عمالي وعطلة رسمية في البلاد، كتعبير عن الاعتزاز بدور الطبقة العاملة الكبير في التنمية الإنسانية المستدامة، كما تحققت جملة من الحقوق المكتسبة للطبقة العاملة كالتمثيل الثلاثي في المؤسسات ذات أطراف الإنتاج الثلاثة، والتأمين ضد التعطل، وتنظيم المسيرات السلمية والاعتصامات في الأول من مايو.
إلا أنه في السنوات الأخيرة المنصرمة تم التراجع عن كثرة من هذه الحقوق المكتسبة، كما ازدادت القيود على حقوق العمال ونقاباتهم في الاحتجاج والمطالبة بأهدافهم في تحسين شروط العمل، وشمل ذلك منع تنظيم المسيرات والاعتصامات في يوم العمال العالمي إسوة بأشقائهم العمال في البلدان الحرة. وبدوره يؤكد التيار الديمقراطي تضامنه مع العمال وحقهم في اقامة المسيرات السلمية المطالبة بحقوقهم المشروعة.
ثانياً: برامج البحرنة: أمام غياب أو سوء التشريعات المنظمة لعلاقة العمال بأصحاب العمل، نشهد تعسف الكثير من الشركات والمؤسسات ضد الطبقة العاملة، وأمام تراجع المكتسبات والحقوق العمالية في قانون العمل وعدم قيام وزارة العمل بمسؤولياتها لفرض تنفيذ القوانين ذات الصلة بالنقابات، ومنها موافقة النواب والحكومة وبعض المنشآت الخاصة على إلغاء المادة (13) من قانون العمل التي تنص على أولوية التوظيف للمواطنين ثم العرب ثم الأجانب، كما شهدنا إعطاء شرعية قانونية لعمليات الفصل التعسفي كما في المادتين (110 و111) وذلك ضمن سياسات الخصخصة واقتصاد السوق المفتوحة، وفتح الباب أمام أرباب العمل لجلب أي عدد من الأيدي العاملة الأجنبية دون أية قيود مقابل رسوم إضافية، إلى جانب الخلل المزمن والهيكلي في جانبي العرض والطلب في سوق العمل والمتمثل في وجود عاطلين من خريجي الجامعات بالآلاف لا تتوفر لهم فرص للعمل حتى بأجور متدنية.
كل ذلك بات يمثل عائقاً رئيسياً أمام توظيف العمالة الوطنية ويهدد باستفحال معدلات البطالة في البلاد، كما يؤدي إلى تراجع كبير في الضمانات الاجتماعية في القوانين والتشريعات التي تحمي العمالة الوطنية ومكتسباتها، فقد تدنت نسبة العمالة الوطنية في القطاع الخاص إلى أقل من 16%، وفي حين انخفضت العمالة الوطنية بنسبة 1% خلال الربع الأخير من العام الماضي ارتفعت العمالة الأجنبية بنسبة 11%، وهي مؤشر خطير على العجز عن إصلاح سوق العمل.
ثالثاً: المستوى المعيشي للعمال: إن برنامج العمل الذي تسعى الحكومة إلى تحقيقه حمل عنوان كبير تحت يافطة مجتمع يسوده العدل والأمن والاستقرار والرفاه، وتضمن في محوره الخاص بالتنمية البشرية شعار أولوية تمكين البحرينيين لرفع مساهمتهم في عملية التنمية، وهو شعار الرؤية الاقتصادية 2030.
وعلاوة على ما يعانيه المواطنون من بطالة وتدني مستوى الرواتب التي يبلغ متوسطها 400 دينار شهرياً، مع أن نسبة كبيرة من العاملين يتقاضون رواتب أقل من هذا المبلغ بكثير، فإنه منذ تراجع الإيرادات النفطية في عام 2014 حُمل المواطن كافة أعباء إجراءات التقشف ورفع إيرادات الميزانية من خلال رفع الدعم عن المواد الغذائية والبنزين وزيادة الرسوم وفرض الضرائب وسط مؤشرات متزايدة على أن الميزانية الجديدة للعامين 2017 و2018 والتي تأخرت الحكومة في الإعلان عنها سوف تحمل المزيد من الأعباء على المواطن.
رابعاً: محاربة التمييز في العمل: حيث أن حكومة البحرين صدقت على الاتفاقية الدولية رقم (111) الخاصة بالتمييز في الاستخدام والمهنة، فإنها مطالبة بتنفيذها وإصدار القوانين التي تجرم التمييز مع ضرورة مساواة المرأة بالرجل في الحقوق المهنية وعدم التمييز بحقها في العمل، وفتح المجال في جميع الوزارات الحكومية للعمل من أبناء البلاد دون تمييز على أساس الجنس والمذهب واللون والأصل.
خامساً: الحق النقابي في القطاع الحكومي، حيث لا تزال الحكومة مستمرة في رفض مبادئ الحقوق والحريات النقابية وتفسر القوانين ذات العلاقة بحق التنظيم النقابي حسب مصالحها وتمنع تشكيل النقابات في القطاع الحكومي، بل تمارس التضييق والتهديد بحق النقابيين والنقابيات الذين يمارسون حقهم الدستوري ويناضلون من أجل تطبيق المعايير الدولية في حق العاملين في القطاع الحكومي بتشكيل نقاباتهم.
سادساً: تشكيل مجلس اقتصادي اجتماعي بصلاحيات واسعة وبمشاركة جميع أطراف الإنتاج ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة، وذلك بهدف المراقبة والتقييم واقتراح التشريعات التي تحمي العمال وتعزز مكتسباتهم وتحقق حقوقهم، وتأتي أهمية هذا المجلس لتحقيق العدالة الاجتماعية في جميع الاستراتيجيات الاقتصادية والتنموية، وتكون من أهم صلاحياته تطبيق الحد الأدنى للأجور ووضع آليات لتعديل الأجور.
سابعاً: ضرورة قيام الحكومة باحترام مبادئ التمثيل والتشاور الثلاثي وإرجاع ممثلي العمال في مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وذلك بعد إقصائهم في العام 2011، وبالمثل تنفيذ الاتفاق الثلاثي الموقع برعاية منظمة العمل الدولية في 10 مارس 2014. وتنفيذ التوصيات التي أصدرتها لجنة التحقيق في التأمينات الاجتماعية بمجلس النواب في العام 2004، وفضح الفساد المستشري في هذه الهيئة ومحاسبة المفسدين، وحماية الاستثمارات فيها وضرورة أن تكون الشركة التي أسستها الحكومة لإدارة الاستثمارات تحت رقابة ديوان الرقابة المالية والإدارية، وأن تكون سياسات الاستثمار فيها نابعة من قراراتها المستقلة البعيدة عن المصالح الذاتية، واسترجاع الأموال التي أخذتها الحكومة على سبيل الاقتراض مع فوائدها.
أمام هذه التحيات والتراجعات وضغوطات المؤسسات المالية والنقدية العالمية، فإن التيار الديمقراطي، وانطلاقاً من إيمانه وحرصه الوطني، يطالب بتكاتف وتعاون جميع أطراف الإنتاج الثلاثة (الحكومة ـ القطاع الخاص ـ العمال) وتحمل الجميع مسؤولياته الوطنية في البحث عن حلول وصياغة سياسات اجتماعية عادلة ومنصفة لجميع فئات المجتمع وبما يحقق العدالة الاجتماعية والإنصاف وعدم المساس بالفئات الضعيفة في المجتمع وذلك من أجل أن يندفع الجميع نحو تحقيق تنمية إنسانية واقتصادية مستدامة وعادلة.
ان قوى التيار الديمقراطي في البحرين ومن منطلق ايمانها المطلق بالحق والعدالة الاجتماعية والحرية والمساواة والديمقراطية الحقيقية تطالب وتضم صوتها الى الحركة العمالية والنقابية في مطالبة الحكومة باحترام هذه الحقوق التي هي القيم الانسانية والحضارية واعتبارها منهجاً للحياة والمجتمع.