اكتشف موظفو أحد البنوك في يوم ما جهاز الصراف الآلي فارغا حيث لم يكن به أية أموال، ولا توجد آثار لهجوم فعلي على الجهاز، ولا برمجيات خبيثة.
بعد أن قضى خبراء كاسبرسكي لاب وقتا لفك طلاسم هذه الحالة الغامضة، لم يستطيعوا معرفة الأدوات التي استخدمها مجرمو الإنترنت في السرقة فقط، ولكن تمكنوا أيضا من معاودة الهجوم بأنفسهم على جهاز الصراف الآلي، واكتشفوا اختراقا أمنيا في ذلك البنك.
في شهر فبراير 2017 نشرت كاسبرسكي لاب نتائج التحقيق الذي أجرته حول الهجمات الغامضة ضد البنوك والتي لم تترك وراءها أي أثر: كان المجرمون يستخدمون البرمجيات الخبيثة التي تهاجم ذاكرة النظام المصرفي وتصيب الشبكات المصرفية. ولكن لماذا كانوا يفعلون ذلك؟ والإجابة الكاملة على هذا التساؤل نجده في حادثة "ATMitch" التي توضح الصورة الكاملة.
بدأ التحقيق بعد أن حصل أخصائيو المعمل الجنائي في البنك على ملفين يحتويان على سجلات للبرمجيات الخبيثة من القرص الصلب الخاص بجهاز الصراف الآلي "kl.txt و logfile.txt" بالتعاون مع كاسبرسكي لاب.
كانت هذه هي الملفات الوحيدة التي تركها المهاجمون بعد الهجوم ولم يكن من الممكن الوصول إلى البرمجيات الخبيثة القابلة للتنفيذ، وذلك لأن مجرمي الإنترنت قد قاموا بعد السرقة بمسح ملفات البرمجيات الخبيثة، ولكن مع ذلك كان هذا الكم القليل من البيانات كافيا لكاسبرسكي لاب لإجراء تحقيق ناجح.
وقال باحث أمني أول في كاسبرسكي لاب محمد أمين حسبيني، "توصلت كاسبرسكي لاب إلى أن الهجمات قد استهدفت أكثر من 140 شبكة لشركات تنشط في عدد من مختلف قطاعات الأعمال. وقد شمل عدد الإصابات الإجمالي 40 دولة تركّزت في الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، من ضمنها تركيا والمملكة العربية السعودية وإيران وليبيا وباكستان وتونس والمغرب ومصر وكينيا وأوغندا والكونغو وتنزانيا. كما تم الإبلاغ عن هجمات "ATMich" في بلدين اثنين فقط حتى الآن، ولكن يبقى هناك احتمال بأن المهاجمين قد لا يزالون نشطين".
وتابع "بدورنا، ننصح الشركات بالتحقق من أنظمتها، مع الأخذ في الاعتبار أن بإمكانهم الكشف عن هذا الهجوم في ذاكرة الوصول العشوائي "RAM" والشبكة والسجل، وبالتالي، فإن استخدام أنظمة "Yara" الصارمة القائمة على مسح الاستقصائي للملفات المصابة بالبرمجيات الخبيثة لن يكون مجدياً. وللحؤول دون حصول مثل هذه الهجمات، ننصح بتثبيت برنامج الأمن الشامل. وأود الإشارة إلى منتجات كاسبرسكي لاب قد تمكنت بنجاح من الكشف عن عصابات إلكترونية تستخدم تكتيكات من هذا النوع".
من خلال ملفات السجل، تمكن خبراء كاسبرسكي لاب من التعرف على أجزاء من المعلومات في صيغة نص عادي مما ساعدهم على إنشاء قاعدة "YARA" التي تستخدم لفحص الملفات المشبوهة بمصادر البرمجيات الخبيثة العامة وتمكنوا من العثور على عينة. وتساعد قواعد "YARA"- المكونة من سلاسل بحث – المحللين في إيجاد وجمع وتصنيف عينات البرمجيات الخبيثة ذات الصلة ورسم الروابط التي تربط بينها على أساس أنماط النشاط المشبوه في النظم أو الشبكات التي تشترك في سمات وخصائص متشابهة.
بعد يوم من الانتظار، وجد الخبراء عينة من البرمجيات الخبيثة المطلوبة - "tv.dll"، أو "ATMitch" كما أطلق عليها لاحقا.
وقد رصدت هذه البرمجيات مرتين حول العالم: مرة في كازاخستان، ومرة اخرى في روسيا.
من خلال إدارة أجهزة الصراف الآلي عن بعد، يتم تثبيت هذه البرمجيات الخبيثة عن بعد وتنفيذها على جهاز صراف آلي من داخل البنك المستهدف. بعد تثبيتها وتوصيلها إلى أجهزة الصراف الآلي، فإن البرمجية الخبيثة "ATMitch" تتواصل مع أجهزة الصراف الآلي كما لو أنها برامج نظامية، مما يتيح للمهاجمين إصدار مجموعة من الأوامر مثل جمع معلومات عن عدد الأوراق النقدية في خزينة جهاز الصراف الآلي، بل أكثر من ذلك، فإن هذه البرمجية تمكن المهاجمين من صرف المال في أي وقت بلمسة زر واحدة.
عادة ما يبدأ المهاجم بالحصول على معلومات عن كمية المال المودعة في جهاز الصراف الآلي.
بعد ذلك، يمكن للمهاجم أن يرسل أمرا لصرف أي عدد من الأوراق النقدية من خزينة أي جهاز. بعد سحب المال بهذه الطريقة الغريبة، كل ما يحتاجه المهاجم هو الاستيلاء على المال فقط والفرار به. لا تستغرق عملية مثل هذه لسرقة جهاز صراف آلي إلا بضعة ثوان!
بمجرد الانتهاء من عملية سرقة جهاز الصراف الآلي، تقوم البرمجية الخبيثة بإزالة أي أثر لها.