صرح رئيس نقابة عمال «بتلكو» علي الرقراق، في بيان صحافي له، أماط فيه اللثام عن عدة أسئلة مهمة عن مآلات الخطة الجديدة للاتصالات وتحديداً الجزء الذي يتعلق بتقطيع شركة «بتلكو» وفصلها إلى شركتين، مع الإشارة إلى تأثير هذه الخطة على الاقتصاد الوطني، والعمالة الوطنية في بتلكو، وتأثيرها السلبي على أسعار الخدمات المقدمة للمستهلكين.
وأشار إلى أن «المشروع نفسه وهو (إنشاء الشبكة الوطنية) فشل تماماً في دولتي الإمارات العربية المتحدة، وقطر، وكذلك تم صرف النظر عنه في المملكة العربية السعودية بعد فترة قصيرة من تجريبه»، متسائلاً: «أليس من الواجب على كل مهتم وحريص على اقتصاد البلد أن يعيد النظر في مسألة المضي قدماً في هذا المشروع وكل المعطيات تشير إلى عدم الجدوى منه؟».
وقال الرقراق: «في عالم الاقتصاد الدولي الراهن وكهدف استراتيجي فعّال، تسعى الحكومات إلى تشجيع عملية الاندماج بين المؤسسات الاقتصادية، بغض النظر عن مجال العمل أو الحجم الاستثماري المدفوع، وذلك نتيجة تجارب مباشرة وناجحة تمت بين بنوك كبرى أو شركات محلية أو إقليمية، وخاصة مع ظهور صعوبات تجارية تضغط بهذا الاتجاه بدل الخيار الأصعب وهو تقليص الأعمال والاختفاء من السوق بشكل بطيء أو الحل المباشر وهو التصفية وإعلان الإفلاس، لذا فإن من صميم الأفكار ذات الرؤية البعيدة اقتصادياً هو توحيد الجهود والخبرات وعوامل القوة في إيجاد كيانات اقتصادية قوية تستطيع مواجهة تحديات السوق».
وتابع أن «هذا ما هو معمول به في بقاع العالم، لكن الحاصل مختلف في مملكتنا العزيزة وخصوصاً لما يراد به تجاه شركة بتلكو من عزم على تفتيت شركة عريقة وإن بقت الشركتان لاحقاً تحت المالك الأصلي للشركة الأم نفسه إلا أن لذلك تبعات سلبية عديدة نلخصها كما يأتي:
1- «التأثير على الاقتصاد الوطني:
أولاً، وكما هو معلوم أن أسهم الحكومة مجتمعة مع أسهم بنك البحرين الوطني وبنوك أخرى تمثل الغالبية في أسهم شركة بتلكو في سوق الأوراق المالية في بورصة البحرين، لذلك فإن أي تقليص للقوة المالية للشركة سينعكس سلباً على حجم الاستثمار في مشاريع الشركة، وبما ينعكس على قيمة الأسهم والأرباح وعلى مدخول الحكومة وعلى البنوك والمؤسسات المساهمة بما يؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني.
ثانياً، في الوقت التي تسعى فيه دول مجلس التعاون إلى تعزيز دور شركاتها الوطنية على الصعيد الإقليمي والدولي حجماً وسيولة وتسهيلات، لما له من مردود مادي وسيادي، نرى تهميش وتحجيم دور بتلكو بقرارات تحد من فتح آفاق تجارية واعدة، وفكرة فصل بتلكو البحرين إلى شركتين في حين أنها هي الحصان الرابح في عمليات بتلكو منذ التأسيس، ومن أرباحها تم خلق ما يسمى بتلكو المجموعة ومازالت مصدر الأرباح الفعلي فكيف نهدم بأيدينا مصدر الربحية والقوة والسيادة؟».
2 - التأثير على الشركة الجديدة نفسها بعد الفصل:
ستتأثر قدرة الشركة الجديدة في ضخ أموال في المشاريع المنتجة نظراً إلى إلزامها بالعمل في توسيع شبكات مناطق غير ذات ربحية أو غير ذات مردود في المدى المتوسط، مما يجعلها في عملية إنفاق دون مدخول يتناسب لضمان استمرارية عمل الشركة الجديدة، وما يزيد الرؤية سوءاً أن الهمّ الأكبر من جانب الجهات الحكومية والهيئات ذات العلاقة هو تحديد نسبة الاستقطاعات من عمليات البيع (وليس الربح) على الشركة المراد تكوينها من بتلكو الحالية، مما يلغي أي هامش ربحية مفترض، من جانب آخر، ما هو وضع المرحلة الانتقالية في التأثير على عرض الخدمات وجودة المعروض وسير العمل؟. كل التجارب تشير إلى حقائق سيئة أدت إلى إلغاء المشروعات المماثلة من الأساس كما سيرد لاحقاً.
3 - التأثير على المنافسين والشركاء في مجال الاتصالات نفسه:
لربما كانت شركات الاتصالات الأخرى سعيدة عند طرح فكرة الشركة الجديدة قبل عدة سنوات، كونها كانت على أمل في الحصول على أسعار أفضل، إلا أنه وبعد تكشف جزء من الخطة المقررة فإن بقاء الوضع الحالي بالنسبة لباقي الشركاء في السوق أفضل من ناحية الآلية وسير العمل وأسعار الجملة، ناهيك عن وضوح وثبات ما هو موجود حالياً مقارنة بالمجهول في حال فرض وجود الشركة الجديدة.
4 - التأثير على المستهلك:
حالياً، لدى بتلكو القدرة على خفض أسعار خدمة الألياف البصرية دون ما هو متاح أساساً لولا القيود المفروضة من جانب هيئة تنظيم الاتصالات. إلا أن هذه الأسعار ستقفز بشكل كبير بالنسبة للمستهلك بعد تكوين الشركة الجديدة لأنها ملزمة بتعويض استثماراتها في تمديد شبكات جديدة في مناطق غير ذات ربحية ودون الكثافة المطلوبة، في وقت ستُعامل معه تمديدات الهاتف مثلها مثل إيصال خدمة الكهرباء والماء، وعلى الشركة تعديل سعر الخدمة على حساب المستهلك لتغطية التكاليف أو الإفلاس بعد فترة من الزمن.
فكيف يعقل إذاً أن أساس تكوين هيئة تنظيم الاتصالات هو لتوفير أسعار دون العالمية للمستهلك، في حين تُمنع بتلكو من تخفيض الأسعار الحالية، وخطة الفصل إلى شركتين ستزيد الأسعار أيضاً».
وذكر الرقراق «من جانب آخر وفي وجود الشركة الجديدة، وفي حال وجود خلل لاحقاً في الخط المقدم للمستهلك، من يتحمل المسئولية في المتابعة والكشف والتصليح لهذا الخلل؟، هل هي الشركة المقدمة للخدمة أم شركة الشبكة الوطنية؟، وإلى أي مدى تكون مهمة كل طرف وتحت أي معيار؟، في حين أن كل ذلك سينعكس سلباً على المستهلك وبلا شك».
وتساءل: «من هنا وإلى من يهمه الأمر من الجانب الحكومي، ما هو الضمان في قدرة الشركة الجديدة للبنية التحتية لشبكة الاتصالات على بيع خدماتها ولمن؟ وهل البيع للقطاع الخاص فقط بينما يعامل الجانب الحكومي ومن يتبعه بشكل مجاني أو بسعر تفضيلي عن الباقي؟، ما هو الضمان بألا تستنزف الشركة الجديدة مدخرات بتلكو المالية جراء هذا القرار؟، وما الضمان ألا تباع الشركة الجديدة على جهات أجنبية لاحقاً فنكون دمرنا شركتنا وتخلصنا منها للأجانب ليتحكموا بالشبكة الوطنية؟».
وزاد أن «هذه الأسئلة تحتاج إلى اجابات واقعية قبل البدء بأية خطوة لأسباب نذكر منها ما يلي:
حالياً: النسبة المعلنة لخطوط الهاتف النقال تشير إلى وجود 2 - 3 خطوط لكل فرد حسب التكنولوجيا المتوافرة: 2G،4G،3G أي بنسبة نفاذ 200 في المئة، ونحن على أعتاب إدخال 5G إلى البحرين وهي تقنية ذات سعة تفوق 4G بمراحل وقدرة فائقة على حمل البيانات الرقمية. فمن سيسعى الى خط أرضي غير مرن مقارنة مع ما هو متاح عبر شبكة الهاتف النقال؟.
حالياً النسبة هي (خط أرضي واحد) مقابل 9 خطوط هاتف نقال، فمن أين سنصنع قاعدة زبائن للشركة الجديدة، وهو منتج تقلص بشكل كبير ليس فقط محلياً و إنما بشكل عام؟
كان بالإمكان توقع نجاح مشروع الشركة الجديدة للشبكة الوطنية لو توفر لنا:
- سوق كبير يتمثل في جغرافيا واسعة مترامية الأطراف.
- زخم صناعي يتطلب توفير بنية تحتية بشكل متواصل.
إلا أنه وبوجود تشبع في السوق نظراً للمساحة المحدودة وتوافر خدمات الاتصالات لجميع المنشآت الصناعية بالفعل فعلى من ستبيع الشركة الجديدة خطوطها الأرضية؟
يؤكد الرقراق «يقول المثل القديم: من جرب المجرب حلت به الندامة. فلو اطلعنا على تجارب دول الخليج فقط حول الموضوع نفسه لكان كافياً لنا في اتخاذ القرار، بصرف النظر عن هذا المشروع من الأساس، فدولة قطر قامت بمشروع ضخم حول الشبكة الوطنية القطرية، وتم إلغاؤه لاحقاً لعدم جدواه. وقامت المملكة العربية السعودية بفصل عدة أقسام من كلتا شركتي الاتصالات العاملة في المجال نفسه لديها لتأسيس شركة تعنى بالشبكة الوطنية، وفشل المشروع وتم صرف النظر عنه. أما الإمارات فبعد شهر واحد فقط من مرحلة تجريبية لنفس المشروع قامت بإلغائه بشكل كامل لعدم الجدوى وكمية الارتباك في سير العمل الذي أدى له مشروع شركة الشبكة الوطنية المستقلة في الإمارات العربية المتحدة».
وواصل «كان من الأجدى عرض الخطة الوطنية الرابعة للاتصالات على الجميع، عندها فقط يمكن الوصول إلى خطة عمل فعالة ناتجة عن تلاقح أفكار جميع المختصين، تؤدي الأهداف المطلوبة للخطة ومن دون تدمير أية مؤسسة في المقابل، بل تقوية وتعزيز عمل جميع الأطراف لخلق بيئة اتصالات في مملكة البحرين جاذبة للاستثمارات ومستقرة. وبالتأكيد لن يعجز العقل البشري في إيجاد حلول أخرى لتطبيق خطة الاتصالات الوطنية دون تدمير شركة بتلكو».
ولفت إلى أنه «في خضم جميع الأرقام والمعطيات لم نر أياً من الأطراف يشير إلى مصير الموظفين البحرينيين في الفترة الانتقالية وبعد الفصل إلى شركتين، في وقت لا يبشر أي تصور مطروح إلى خير في حق من خدموا البلد أولاً وساهموا في بناء شركة بتلكو على مدى عقود من الزمن. فكل مشروع ينطوي على فصل مؤسسة الى اثنتين يتزامن مع احتمالية تقليص للعمالة الوطنية، فهل خطة الحكومة متمثلة في وزارة العمل في إيجاد استقرار لمناخات العمل وخلق فرص عمل جديدة للبحرينيين، أم لتدمير الوظائف الحالية؟، ولنا عتب مماثل على مجلس إدارة بتلكو حول هذه القضية وقضايا أخرى لا نرى لهم بصمة واضحة ومؤثرة تجاه مصلحة الموظفين والشركة».
وختم علي الرقراق تصريحه بالقول: «بعد كل ما ذكر، أليس من الواجب على كل مهتم وحريص على اقتصاد البلد أن يعيد النظر في مسألة المضي قدماً في هذا المشروع، فكل المعطيات تشير إلى عدم الجدوى منه. في حين أن علينا جميعاً أن نتلمس مواضع الخلل بما هو معمول حالياً والعمل على بلورة آلية تسير بنا نحو الأفضل».
العدد 5349 - السبت 29 أبريل 2017م الموافق 03 شعبان 1438هـ