العدد 5344 - الإثنين 24 أبريل 2017م الموافق 27 رجب 1438هـ

بعد 100 يوم في عهد ترمب... الاقتصاد الأمريكي يتأرجح

الوسط - المحرر السياسي 

تحديث: 12 مايو 2017

إذا نطقت بكلمات "صلب مقابل لطيف" في دوائر السياسة في واشنطن، عادة ما يشير ذلك إلى بداية نقاش جاد للسياسة الخارجية. لكن هذا لا يحدث الآن. حسب تقرير نشرته صحيفة "الاقتصادية" السعودية.

في الوقت الذي تقترب فيه رئاسة دونالد ترمب من يومها الـ 100، هناك غموض ينفتح بشأن الاقتصاد الأمريكي بشأن ما تعنيه الإشارات الاقتصادية "اللطيفة" و"الصلبة".

هذا نقاش يحتاج المستثمرون إلى مراقبته على وجه السرعة - ناهيك عن صناع السياسة أيضاً.

المسألة المطروحة هي أنه إذا نظرنا إلى ما يسمى الإشارات الاقتصادية اللطيفة الحالية - تلك المرتبطة بالمعنويات - يبدو أن ترمب يتمتع بنجاح استثنائي. منذ فوزه بالانتخابات، ارتفعت ثقة الشركات: استطلاع "الاتحاد الوطني للشركات المستقلة" بلغ في كانون الثاني (يناير) أعلى مستوياته منذ عام 2004، بينما استطلاع "المائدة المستديرة للرؤساء التنفيذيين للشركات" الخاص بالآفاق الاقتصادية، أظهر في الربع الأول من هذا العام أكبر ارتفاع منذ عام 2009.

لكن الأمر اللافت للنظر أكثر حتى من ذلك هو أن معنويات المستهلكين ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ 17 عاما في الشهر الماضي، بحسب استطلاع جامعة ميشيغان. هذا، إلى جانب الانخفاض في معدل البطالة إلى 4.5 في المائة وارتفاع الأجور، عمل على دفع المستهلكين إلى الاقتراض أكثر: ارتفعت ديون بطاقات الائتمان في نيسان (أبريل) إلى ما فوق تريليون دولار للمرة الأولى منذ عام 2008.

إذا نظرنا إلى معظم البيانات "الصلبة" - الإحصاءات عن النشاط الاقتصادي الملموس - فإن رئاسة ترمب لا تبدو ناجحة. فقد انخفض نشاط التصنيع في الشهر الماضي للمرة الأولى منذ سبعة أشهر، جنبا إلى جنب مع بناء المساكن. وانخفض الإنفاق على تجارة التجزئة 0.2 في المائة في آذار (مارس)، الشهر الثاني للتراجع، في حين انخفضت الأسعار الاستهلاكية بشكل غير متوقع. استثمار الشركات بقي ثابتا.

نتيجة لذلك، مؤشر "الناتج المحلي الإجمالي الآن" من الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، الذي هو مركب من البيانات الصلبة، يشير إلى أن الاقتصاد توسع 0.5 في المائة فقط في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2017. هذا أبطأ مما كان عليه العام الماضي. وهو أقل بكثير من معدل النمو البالغ 4 في المائة، الذي وعد ترمب بتحقيقه في الحملة الانتخابية.

إذن، ما الذي يفسر هذا الانقسام؟ التفسير المتفائل هو أن هذا مجرد مفعول التأخر في الوقت. يغلب على الإشارات الاقتصادية الصلبة أن تكون ذات نظرة ورائية، لأن هذه تعطي صورة عن النشاط الذي حدث بالفعل، بعد تأخير. في المقابل، البيانات اللطيفة هي عن التوقعات المستقبلية. لذلك إذا أردنا أن نكون متفائلين - كما يبدو أن كثيرا من المستثمرين عازمين على ذلك - يمكننا أن نقول (أو نأمل) إن هذا التحسن في المعنويات سيؤدي في نهاية المطاف إلى المزيد من النمو الاقتصادي الملموس، في الوقت الذي يبدأ فيه مفعول تدابير ترمب بشأن السياسة. ومن الممكن أيضا أن يتم تنقيح بيانات الناتج المحلي الإجمالي المتشائمة في نهاية المطاف، لأن الإحصائيات يغلب عليها ألا تكون موثوقة في فصل الشتاء، بسبب الآثار الموسمية.

لكن هناك نظرية ثانية أكثر تشاؤما، وهي أن البيانات الصلبة في الواقع هي التي تروي حكاية أكثر دقة. الارتفاع الأخير في المعنويات كان إلى حد كبير بسبب الآمال بأن رئاسة ترمب ستحقق الإصلاح الضريبي، وتلغي الضوابط التنظيمية، وتستثمر في البنية التحتية.

لكن، كما اعترف ستيفن منوشين، وزير الخزانة الأمريكية، لـ"فاينانشيال تايمز" الأسبوع الماضي، تم تأجيل الإصلاح الضريبي - على الأقل "قليلا" - بسبب مشاجرة في الكونجرس بشأن الرعاية الصحية. وعلى الرغم من أن ويلبر روس، وزير التجارة، يضع الخطط لإلغاء كثير من القوانين التنظيمية يقدر عددها بسبعة آلاف قانون تقريبا، المفروضة خلال أعوام أوباما، إلا أنه من غير الواضح مدى سرعة حدوث ذلك. بالمثل، لا أحد يعرف مدى سرعة البيت الأبيض في تنفيذ خطط البنية التحتية الطموحة التي وضعها جاري كوهن، كبير المستشارين الاقتصاديين.

هذا يعني أن هناك خطرا حقيقيا أن تتراجع المعنويات في الأشهر المقبلة، ما يغلق تلك الفجوة المحيرة بين البيانات الصلبة واللطيفة. إذا حدث ذلك، فإن "نجاح" ترمب الاقتصادي سيبدو كأنه مجرد ارتفاع رائع مؤقت ـ أو هذا ما يراه التفسير الثاني.

إذن، أي من هاتين النظريتين صحيحة؟ مع الأسف، يغلب على ظني - أو أخشى - أن الثانية هي الأرجح أن تحدث. لأنه ما لم ينتج روس مجموعة مذهلة من مناورات تحرير القوانين التنظيمية في الأشهر المقبلة، أو أن يتفق الكونجرس حول خطة إصلاح ضريبي ملموسة، من الصعب معرفة لماذا ينبغي أن يتسارع النمو إلى 4 في المائة في أي وقت قريب. في الواقع، السبب الحقيقي الوحيد للتفاؤل بشأن النشاط الاقتصادي - خارج ارتفاع المعنويات المذكور - هو التحسن في معدل التوظيف وأرقام الأرباح.

لكن الشيء الوحيد الذي يعتبر واضحا للغاية هو أن المستثمرين لا يظهر عليهم القلق بشكل خاص بشأن الانقسام بين الصلب واللطيف - البورصة لا تزال مرتفعة جدا. ربما من الأفضل أن يأمل أولئك المستثمرون فقط أن هذا النمط من "قوة الإرادة" يمكن أن يستمر لفترة من الوقت وأن ترمب قادر على تحقيق إصلاح حقيقي في السياسة. إذا لم يحصل ذلك، فإن هناك خيبة أمل تلوح في الأفق.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً