تطرقنا في الحلقة السابقة لمنطقة صدد ومسجد سبسب اللذين تم ذكرهما في شرح ديوان ابن مقرّب العيوني، ويبدو أن اسم صدد كان يشمل منطقة أوسع مما هي في الوقت الراهن؛ حيث إن مسجد سبسب الذي ذكر أنه في صدد يقع حالياً في منطقة دار كليب. ومن المرجّح أن منطقة صدد كانت ذات أهمية في فترة الدولة العيونية (1077 - 1239 م)، بحيث يبنى بها مسجد يصلي فيه الأمير العيوني، والمرجّح أن أهميتها جاءت من كونها ميناء ليسهل عملية تنقل العيونيين بين أوال والقطيف. يذكر أنه كان يوجد في صدد بندر وقد ذكر في أول خريطة إدارية للبحرين والتي صدرت في العام 1904م باسم «بندر صدد»، هذا، وقد ذكر السليطي وجود مرفأ صغير في صدد كانت تخرج السفن منه متجهة إلى العقير بالمملكة العربية السعودية وبعض سواحل المنطقة الشرقية (السليطي 2009، ص 60).
وبالتوازي مع ذكر صدد، تشير نتائج المسوحات الآثارية إلى أنه تم العثور بالقرب من عين صخارى، التي تغذي نظام القنوات الذي يمد صدد ودار كليب وشهركان بالماء، على لقى أثرية تشير لوجود استيطان حول العين في الفترة ما بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر الميلادي، كما عثر في دار كليب وشرق صدد على لقى أثرية تعود إلى القرن الثالث عشر الميلادي (Larsen 1983, appendix 2). أي أن تلك المناطق كانت مأهولة بالسكان في فترة الدولة العيونية.
حماية الساحل الغربي
مما سبق يتضح لنا مدى أهمية منطقة صدد وما حولها في فترة الدولة العيونية، ومن المرجّح أن بها سكن للأمير العيوني، كما كان له مسجد بها. وهنا تظهر العديد من التساؤلات، هل كانت هناك حماية لهذا الساحل، علماً بأن ملك جزيرة قيس سبق وأن غزا أوال مراراً، وكررها خلفه من بعده حتى سقوط الدولة العيونية. ألم تكن توجد قصور محصنة أو قلاع لحماية الساحل الغربي، أو البحرين ككل في تلك الحقبة؟ هل كان سكان البحرين في تلك الفترة لا يعرفون فنون البناء؟ ربما بنيت قصور محصنة في تلك الفترة إلا أن سكان الفترات اللاحقة بنو على آثارها ولم يتم التنقيب فيها، ولنأخذ هنا مثالاً لحصون أو قلاع لا يعرف بانيها واختفت آثارها قبل أن يتم التنقيب فيها.
قلعة البقيشي أو قلعة صدد
قلعة البقيشي عبارة عن قلعة ساحلية تقع بين منطقتي دار كليب والزلاق، ويرجح السليطي (2009، ص 60) أنها هي ذاتها «قلعة صدد» التي ذكرها عبدالجليل الطباطبائي في منظومته «نزهة الجليس» والتي نظمها في العام 1825م، وقال فيها:
نقول ذي الزلاق قلعة صدد
ننظرها من سبد ومن لبد
غير أن عبدالجليل العريض في شرحه للمنظومة يرى أن الشاعر يصور لنا الزلاق بمثابة القلعة لصدد لقربها منها (العريض 2006، ص 91). يذكر أن قلعة البقيشي كانت موجودة قبل العام 1825م، حيث إن أول تحديد لموقع هذه القلعة جاء في الخارطة التي تم إعدادها من قبل شركة الهند الشرقية، حيث قام كل من الملازم G.B. Brucks والملازم W.E. Rogers من سلاح البحرية في شركة الهند الشرقية، بمسح منطقة البحرين وإعداد خارطة لها وذلك في العام 1825م، وقد قام برسم الخارطة الملازم M. Houghton رسام خرائط، سلاح البحرية في شركة الهند الشرقية. وفي هذه الخارطة تم إثبات مكان القلعة، حيث تم رسم القلعة في موضعها، وتم تحديدها باسم «sadoo boo Gafhiy». ولا يعرف أصل هذه التسمية.
هذا، وقد ذكر اسم قلعة البقيشي في أول خريطة إدارية للبحرين والتي صدرت في العام 1904م، وتم تحديد موقعها بين دار كليب والزلاق، وبالتحديد بالقرب من نخل دالية غزال. وفي الخارطة ذاتها يوجد تحديد لبندر صدد، على ساحل صدد والذي لا يبعد كثيراً عن قلعة البقيشي. هذا وقد ذكر لوريمر قلعة البقيشي في دليله، وقال عنها إنها قلعة متهدمة تقع على الساحل الغربي على بعد أربعة أميال غربي الشمال الغربي من جبل الدخان (Lorimer 1908, V.2, 218). كما ذكرها السليطي في كتابه «القلاع في البحرين»، وقال عنها إنها «من القلاع التي اندثرت واختفت هويتها، ولم نعرف شيئاً عنها إلا عن طريق الخرائط والوثائق القديمة كما تعتبر قلعة البقيشي من القلاع النادرة في البحرين التي قل أن يعرف الناس عنها شيئاً»، وقال عنها أيضاً «لا نعلم إن كانت هذه القلعة إسلامية أو برتغالية كما لا نعلم لأي غرض تم بناؤها» (2009، ص 60).
الزلاق وهورة عنقا والعَمَر
تمتد آثار الاستيطان على الساحل الغربي جنوباً بعد دار كليب، حيث تشير نتائج المسوحات الآثارية على وجود دلائل ولقى آثارية تدل على الاستيطان وتعود للقرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، وقد عثر عليها بمحاذاة شارع الزلاق وتمتد جنوباً حتى هورة عنقا. هذا وتوجد جنوب شرق هورة عنقا منطقة العَمَر التي تضم آثار قلعة لا يعرف تاريخ بنائها على وجه الدقة، غير أن بعض الروايات السردية ذكرها كل من السليطي والتاجر ترجح بنائها في مطلع القرن الثمن عشر الميلادي (التاجر 1994، ص 97)، (السليطي 2009، ص 86).
لا نعلم ما هي المراجع التي تم الاستناد عليها في تحديد فترة بناء هذه القلعة، والتي حتى وإن رجّحنا صحتها، لا توضح لنا هل تم فعلاً بناء القلعة في هذه الفترة أم أنه تم إعادة بنائها على أنقاض قلعة أقدم منها.
الخلاصة، تشير المراجع التاريخية أن منطقة صدد وما حولها من قرى، كانت ذات أهمية كبيرة في فترة الدولة العيونية، كما أن اللقى الآثارية تؤكد ذلك. كما أن هناك آثاراً لم ينقب فيها، كقلعة البقيشي، ولا نعلم لأي فترة زمنية تعود، ولا نعلم إذا كانت بنيت فوق أنقاض قلعة أقدم منها، والحال ذاته مع قلعة العمر. هذا ولا تمثل صدد وجاراتها المناطق الوحيدة على الساحل الغربي التي اهتم بها العيونيون بل هناك مناطق أخرى كانت ذات أهمية أهمها كرزكان والمناطق التي تمتد شرقي كرزكان وصولاً إلى عالي. يتبع.
كان فيه موجود اطلال قلعه تمت ازالتها قبل لا ينبني اسكان في دوار ١٩ تحت قريب الجبله الكبيرة قريب عين الحكيم في شهركان
صدد توجد بها اكثر من خمس عيون ماء طبيعية واهمها عين وداع عين صخارى البديعة ام الهرمبج وغيرها ويقع ساحل صدد في مكان استراتيجي للمسافرين لأرض الحجاز سابقا
صدد من أجمل مناطق البحرين
جهد مقدر
نرجو الاستمرار
في هذه البحوث القيمه
وشكرا لكم
نتمني أن يتم التنقيب عنها .