في ظل التطورات والقوانين الجديدة التي تشهدها البحرين في المجال الاقتصادي، وعدم إلمام المواطن البحريني بالاجراءات التي تم اتخاذها وتطبيقها في خضم سياسة التقشف التي آلت إليها الأوضاع المالية اليوم، كشف الباحث الاقتصادي والمتخصص في الاقتصاد المجتمعي وسياسات التقشف، عارف خليفة، الستار عن أهم أسبابها، قائلاً: «انخفاض إيرادات الدولة بسبب انخفاض أسعار النفط وعدم تنويع مصادر الدخل»، وتحدث عن العديد من القضايا مثل قانون القوة الشرائية في البحرين موضحاً معناها وكيفية التعامل معها بشكل واقعي لتحقيق النتائج الملموسة وكذلك أبرز آرائه في العديد من المحاور من الجانب المجتمعي والتعليمي. وفيما يلي نص اللقاء:
متى بدأت انطلاقتك في المجال الاقتصادي؟
- كان لدي شغف كبير في الاقتصاد والامور المالية منذ المرحلة الثانوية، وبالتحديد من العام 1997 لما حصل في بريطانيا في الاوضاع الاقتصادية حيث كنت في العشرين من عمري، وبعدها ازداد شغفي أكثر في ظل أزمة الرهونات العقارية في العام 2008 وبدأت أكتب بعض المقالات في وسائل التواصل الاجتماعي، وبعدها ظهور أزمة الاسهم ودخلت أيضاً كمحلل، وانطلاقتي الكبرى بدأت في العام 2006 في التدريس في معهد البحرين للدراسات المالية والمصرفية.
كيف وصلت إلى هذا المنصب؟
- لا أعتبر نفسي وصلت إلى أي منصب، كنت دائماً أعتمد على قراءة الكتب التخصصية وأسمع الآراء مباشرة من المحللين وكنت أتابع المحطات العالمية وخصوصاً التقارير الاقتصادية مثلا محطة فوكس وسي ان بي سي الانجليزية وسي ان ان وبي بي سي، وكنت شغوفاً في البرامج الاقتصادية وخصوصاً البرامج الوثائقية واستفدت كثيراً من المحطات الاجنبية.
ما هي الأسباب الرئيسية في سياسة التقشف التي وصلت إليها البحرين اليوم؟
- انخفاض إيرادات الدولة بسبب انخفاض أسعار النفط وهو اتجاه عالمي كما نرى إلى جانب عدم تنويع مصادر الدخل وهو السبب الذي أوصل الحال لما هو عليه الآن، وعند حديثنا عن المخالفات التي وردت في تقرير الرقابة المالية ووضحت قيمة الهدر في المال العام الى ما يتجاوز 300 مليون لها تأثير نعم ولكن تأخذ مجراها في النهاية من حيث المحاسبة ورفعها للقضاء.
ماهي مؤشرات القوة الشرائية في البحرين؟
- القوة الشرائية هي شراء الفرد للسلع بالدخل الموجود لديه وتوجد لدينا مشكلة فيها إضافة لعدد العمالة المهاجرة لدينا 52 في المئة من الأيدي العاملة مقابل 48 في المئة للمواطنين، ولكن نحن في البحرين أفضل من بعض الدول لديهم عمالة مهاجرة بنسبة خطيرة تصل إلى 86 في المئة، وبحسب تصريح وزير العمل والتنمية الاجتماعية جميل حميدان، فإن 45 ألف عائلة من المواطنين دخلهم لايتعدى 300 دينار، وهذا يعطينا انطباعاً عن ضعف واضح في القوة الشرائية، والمفترض أن العمالة المهاجرة هي التي تقوم بتحريك السوق المحلية بحكم صرفهم لنسبة كبيرة من ايراداتهم ودخلهم داخل الدولة، وعلى أصحاب الاعمال والتجار العمل على تخفيض أسعار سلعهم في المرحلة القادمة أو لربما العمل على مبدأ لا ربح ولا خسارة لضمان استمرار أعمالهم اقتصادياً.
ماهي الآثار المستقبلية لقانون الضريبة «القيمة المُضافة» على دخل المواطن؟
- ضريبة القيمة المضافة هي نوع من أنواع الضرائب أو الايرادات بالنسبة للحكومات، وتعتبر من الضرائب غير المباشرة وتستخدم من أجل الصرف على الخدمات العامة التي تقدمها الدولة، هناك تأثير مباشر وغير مباشر على دخل المواطن، فالتأثير المباشر في ارتفاع الأسعار التي قد تصل الى 5 في المئة كما نرى، والمستهلك هو الذي يتحمل ذلك، وارتفاع الأسعار شيء لابد منه فالتاجر توجد لديه مصاريف إضافية لتجهيز الأنظمة المطلوبة التي تتغطى بطريقة غير مباشرة في الأسعار ويوجد ارتفاع في تصنيع السلع، وبعض الكماليات ستتأثر اسعارها لان التاجر يضطر لخفض اسعار المنتجات.
كيف يقارن المستهلك بين أسعار المنتجات في الأسواق البحرينية؟
- السعر هو الموضوع المهم بالنسبة للمواطن الآن، ثم تأتي النوعية والجودة وشيء واضح أن السعر هو المعيار الرئيسي للمقارنة.
هل أسعار الاسواق المتنقلة تختلف عن أسعار المجمعات؟
- طبعاً تختلف اسعار الاسواق المتنقلة عن اسعار المجمعات، لان الاسواق المتنقلة لا تدفع كلفة ثابتة، ولا يوجد لديهم ايجارات وغيرها من الامور، ومن الافضل عمل مكان مخصص لهم بترخيص حتى تجار المجمعات لايثيروا الرأي العام عليهم وطبعاً أسعارهم أخفض من المجمعات مقارنة بنفس السلع الموجودة لدى الاثنين ولانهم لايتحملون الكثير من المصاريف.
ما مدى حاجة أفراد الأسرة البحرينية للتوعية الاقتصادية؟
- من خلال أكثر من 30 محاضرة ألقيتها في العامين الماضيين بعضهم كانوا مثقفين اقتصادياً والآخرين غير مثقفين، لاحظت أيضاً من خلال الكثير من اللقاءات مع مؤسسات المجتمع المدني أن المجتمع البحريني يوجد لديه ادخار لكن لا يوجد لديه ثقافة ادخار يعني ممكن أن يجمع المال ولكن لايعرف من اي مرحلة يبدأ ينتقل من مرحلة الادخار الى مرحلة الاستثمار لان مواصلة الادخار فقط تعني تآكل في رأس المال بسبب موضوع التضخم مثلاً الدينار اذا لم نستثمره بعد سنتين لن نخرج بنتيجة، ووجود التوعية الاقتصادية فيها نوع من النمط الاسرافي ولكن في الفترة الاخيرة بدأت تبحث عن الافضل وتحارب الاسراف بكل انواعه وخصوصاً في موضوع الوجبات الفائضة والملابس والكماليات وتعرف أن مضرتها أكثر من منفعتها من ناحية تآكل رأس المال والذكاء المالي المتطور.
برأيك هل جميع الأسر تضع ميزانيتها الاقتصادية بعين الاعتبار؟
- المشكلة الأكبر أنهم يضعونها في عين الاعتبار ولكن للأسف لايتم التقيد بها لعدة انواع منها التقليد ومنها التحول من مرحلة لمرحلة دون دراسة واعية ولكن لاحظت خلال خمس سنوات الماضية بدأت الاسر أن تضع الميزانية بعين الاعتبار لان بدأ يدخل new generation واستخدام الادوات الالكترونية الى الميزانية.
أيهما أكثر مصروفاً الذكر أم الأنثى؟
- طبعاً البنت أكثر مصروفاً من الولد ولكن حددوا خلال العشر سنوات الاولى والثانية والثالثة، مثلا لو لدى الشخص ولد وبنت بنفس العمر ولديه 10 دينار، للبنت 6 دينار والولد 4 دينار في العشر سنوات الاولى، اما في الثانية كل واحد يأخذ 5 دينار وفي الثالثة الولد يأخذ 6 دينار والبنت تأخذ 4 دينار .
ماهي وجهة نظرك في اتجاه الشباب البحريني للاقتراض من أجل الزواج؟
- قضية التقليد في العوائل هي التي توقع الرجل في مشكلة وأكثرها تأتي من عائلة المرأة نفسها ومن عائلته وليس من الزوج والزوجة المقبلين على الزواج فالعادات والتقاليد هي التي تحتم على الرجل الاقتراض، فالحل هو الاشتراك في الزواج الجماعي وكل واحد ينفق على حسب دخله بالاضافة الى الشفافية في الميزانية وخلق جيل واعي للاقتراض من أجل الاشياء المهمة وأنا أعتبر أن الكثير من الامور في الزواج تعتبر من الكماليات.
ماهي النصائح الادخارية الي تقدمها للأسر البحرينية؟
- الابتعاد عن الكماليات بشكل كبير ويجب أن يفرقوا أن هناك كماليات وأصول والتخفيض من الكماليات لأكثر من النصف والابتعاد عن المطاعم لأن الشخص يستنزف أكثر من 30 في المئة التي ممكن توفيرها عند تناول الطعام في المنزل والتقليل من الكثير من المصاريف غير المهمة والحفاظ على الايراد الموجود وعدم استهلاكه مثل الكهرباء وارتفاع المحروقات وأيضاً الشفافية مطلوبة لانه توجد مصاريف زائدة ويجب أن يوجد تخفيض في المصاريف وعدم شراء الاشياء التي لانحتاجها حتى لانضطر في يوم من الايام بأن نبيع ما نحتاجه والعمل على ميزانية والتقيد بها وكتابتها لان الذي لا نستطيع عده وتقييمه لانستطيع تنظيمه، وتقسيم الميزانية على المواصلات والسكن وغيرها والادخار ثم الاستثمار ويجب أن تكون الثقافة مجتمعية وليست فقط فردية أو عائلية وعدم التقليد والتدرج على حسب ارتفاع الايراد الموجود لدينا والابتعاد عن الديون والقروض والابتعاد عن الكردت كارد وعدم استخدامها بشكل غير صحيح. أيضا إعادة النظر في المصاريف الدراسية والقرطاسية بالنسبة للأولاد لان بها كثير من التسربات المالية بسبب السلوك التبذيري والإسرافى
ما رأيك بالمشاريع الصغيرة التي تنطلق من مواقع التواصل الاجتماعي؟
- أدعمها بكل قوة ولكن تحتاج لإطار تشريعي أكثر وذلك لحفظ حقوق المستهلك، وكثير من المشاريع في أوروبا انطلقت من مشاريع منزلية وتطورت لشركات عملاقة عند الاعتناء بها ويوجد في الدولة جهات تدعم المشاريع الصغيرة وخصوصاً المشاريع المنزلية ولما نتحدث عن Start up هذا موضوع يحتاج اهتماماً أكثر من المواطن ففي الفترة الاخيرة نرى المشاريع متشابهة مثل المطاعم أو محلات حلويات أو محلات البرمجيات وهذا لم يخدم المشروع بالطريقة التي نحتاجها فيحتاج الى همة من الشباب وان شاء الله تكون التشريعات ملائمة لما يحتاجونه في الانطلاق.
أيهما أفضل التسوق الالكتروني أم الذهاب شخصياً للشراء؟
- نحن نتحدث عن ثورة في التسوق الالكتروني مثل موقع amazon والمنتجات في هذا النوع تكون بأسعار أرخص وتصل للمنزل وفيها نوع من الضمان والكفالة ويبقى الشراء الشخصي الشيء التقليدي الذي يستخدمه الناس دائماً لانهم مازالوا غير قادرين على فصل الذهاب للتسوق عن التسوق للتنزه وهذا الذي يجعلهم يصرفون مبالغ طائلة، ولكن التسوق الالكتروني يقود لشراء الأشياء التي نريدها، وأنا أفضله وهو مربوط بمدى وعي الشخص له.
ما هي القوانين التي تريد أن يسير عليها الاقتصاد البحريني مستقبلاً؟
- أتمنى أن يوجد الاقتصاد الحر ويجب أن تكون تشريعات على مستوى الاقتصاد الحر الذي من الممكن الفرد والدولة التعاون من أجل المشاريع خصوصاً مشاريع البنى التحتية.
العدد 5341 - الجمعة 21 أبريل 2017م الموافق 24 رجب 1438هـ
أحسنت، ولكن هناك نقطة لم يتم توضيحها والتطرق لها... كيف يمكن للشخص الانتقال من الادخار إلى الاستثمار؟
يعطيك العافية بوعبدالله وفي ميزان حسناتك
شكرا لكم للتطرق الى هذه النقاط المهمة في الشان الاقتصادي والمعيشي ????????