الإبداع في ابتكار مناهج وفنون تعميم الرسالة البيئية يُمثل ضمانة أكيدة في دعم خطط إنجاز أهداف التنمية المستدامة. وتمثل المدرسة وسيلة مهمة في تعميم الرسالة البيئية وتفعيل أثرها الإيجابي في بناء السلوك البيئي للمجتمع، وذلك يشير إلى الأهمية الاستراتيجية للقطاع الطلابي المدرسي في دعم خطط التنوير البيئي.
وينبغي في سياق العمل الممنهج لبناء خريطة الطريق لتفعيل أهداف الرسالة البيئية ضرورة استهداف القطاع الطلابي المدرسي، ودراسة وفهم طبيعة تكوينه كمجتمع متعدد المواهب والاهتمامات، يتميز بخصوصيته الإبداعية وبتركيبته المتنوعة والنوعية، وقابليته في التعاطي مع واقع الحداثة في تشخيص وتبنى منهج العلاقة مع ما يحيط به من معالم وأفكار حديثة وعصرية، كعنصر متفاعل في التأثير المتبادل في إرساء العلاقة مع المعالم الطبيعية المتواجدة في أماكن معيشته، ما يتطلب إدراك أهمية الاستفادة من طاقات المجتمع الطلابي الإبداعية وفق التعاون المتبادل، المُؤسَس والمرن بين جهة الاختصاص المسئول الرسمي في الإشراف على نظام إدارة العملية التربوية للقطاع التعليمي، وشبكة المدارس وإداراتها، في إعطاء مساحة من الحرية في تخطيط وتنفيذ البرامج والأنشطة المدرسية وفق مبدأ الشفافية، لتمكين القطاع المدرسي من بناء البرامج العملية وتفعيل مساهمات هذا القطاع في خطط العمل التنفيذي، لتوسيع دائرة الفئات المستهدفة لتمكين أكبر قطاع من المجتمع في بناء حصيلته الثقافية والمعرفية، وتوسيع قاعدة معلوماته البيئية والمساهمة في إنجاز أهداف المشروع الوطني للتنمية المستدامة.
المدرسة وسيلة وأداة مهمة في تعميم الرسالة البيئية، وإنجاز أهدافها في بناء الثقافة والمعارف البيئية للمجتمع، وتعميق قيم السلوك البيئي الرشيد في العلاقة مع معالم النظام البيئي، وتتمثل تلك الأهمية في التكوين المتداخل للمجتمع المدرسي، إذ أن أفراده وعناصره ينحدرون من أسر متداخلة التكوين الثقافي والقيمي والعادات والتقاليد والمستوى التعليمي في منظومة المكون الاجتماعي، ويساهم ذلك التنوع في بناء علاقات متداخلة التأثير والتغيير في الوسط الاجتماعي، والارتقاء بمفاهيم العلاقة مع النظام البيئي، ما يفيد ذلك في تشكيل منهج تفاعلي بين المدرسة والمجتمع يؤدي إلى نقل الحصيلة المعلوماتية في ما يجري تنظيمه من أنشطة مدرسية في الشأن البيئي بصورة ديناميكية إلى الوسط الاجتماعي، وذلك يساهم بطريقة ميسرة في نشر المعارف والثقافة البيئية، وتعميم القيم والمبادئ وتعزيز فاعلية برامج التنوير البيئي، وبناء المفاهيم الاجتماعية المستدامة في العلاقة الرشيدة مع معالم النظام البيئي، والارتقاء بقيم المسئولية الاجتماعية في صون الثروات التي تكتنزها البيئات الطبيعية، والحفاظ على بقائها للأجيال الحالية والمقبلة، وتلك الحقيقة ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار في عملية بناء المناهج التعليمية والتربوية.
الكثير من المدارس صارت تدرك أهمية وقيمة تلك الحقيقة والأداة والوسيلة التربوية في إنجاز أهدافها التعليمية والتربوية والتنويرية، وتستثمرها لتحقيق أهداف برامجها وأنشطتها في دعم أهداف المشروع الوطني للتنمية المستدامة في مملكة البحرين. ومدرسة لؤلؤة الخليج العربي من المدارس المنضوية ضمن شبكة المدارس المنتسبة لـ»اليونسكو» تتبنى تلك الاتجاهات المنهجية، في إعداد وتنظيم الأنشطة المدرسية وفق المنهج الذي يرتكز على ثوابته هذا النوع من المدارس في تنظيم الأنشطة التربوية والتعليمية والتنويرية، إذ ترتكز على أربع ركائز تتمثل في التنمية المستدامة، والحوار الثقافي، والسلام العالمي، وحقوق الإنسان. وفي إطار تلك الركائز تعمل المدرسة المشار إليها في التخطيط للمشاركة المتفاعلة في موضوع «البيئة وتغير المناخ» للعام 2017، وتتبنى في مشروعاتها الأنشطة المدرسية التي ترتكز على أهداف نشر الثقافة البيئية، وتفعيل أسس التنوير البيئي للمجتمع، ويتبين ذلك جلياً في سياق افتتاحنا معرض العلوم والرياضيات في 2 أبريل/ نيسان 2017، الذي جرى تنظيمه في المدرسة، بمشاركة القطاع الطلابي.
المعرض يهدف إلى تمكين الطلبة لمواجهة متغيرات العصر المناخية، وفهم التحديات التي يطرحها العلم والتكنولوجيا والمعرفة، وتنمية الوعي بحجم الخطر الذي ينعكس على كوكب الأرض نتيجة التغيرات المناخية، وإكساب الطلبة المهارات الأساسية للمواجهة والتعايش مع التغيرات المناخية، وتحفيزهم على تبني المسئولية الاجتماعية. ويحتوي المعرض على أقسام متنوعة عمل عليها قسم الرياضيات والعلوم، منها ما يتعلق بالأرض وإعادة التدوير، وتغير المناخ والماء والطاقة ومعالم البيئات الطبيعية والمكون الأحيائي والحياة الفطرية للنظم البيئية. واحتوت الأقسام على مشاريع الطلبة المختلفة التي تم شرحها بالتفصيل، وقد تنوّعت بين مجالات الطبيعة والبيئة. وما أثار اهتمامنا وإعجابنا طبيعة المعرض ومحتوياته، والنظام المتبع للعرض، ومنهج توضيح عناصر مكوناته، والإمكانية العلمية التي تميز بها الطلبة المشاركون بمشاريعهم العلمية والابداعية، وما طرحته المشاريع الطلابية من بدائل علمية في مواجهة المتغيرات العصرية، وطرق التغلب على المعضلات البيئية.
وما هو أكثر إثارة للاهتمام، هو مستوى الوعي الذي تميّز به الطلبة المشاركون بواقع المعضلات البيئية، والمخارج العملية للتغلب عليها، وكذلك الفهم العميق لأهداف الجهد البيئي، والمسئولية الاجتماعية في دعم مشاريع تنمية الوعي والقدرات البيئية للمجتمع، وطرق الحد من المخاطر البيئية وإرساء مقومات الأمن البيئي للمجتمع.
البعد الاستراتيجي لأنشطة المعرض كمنهج وأداة للتوعية والتأثير الفعلي على المفاهيم والمدركات البيئية للمجتمع، وتعميم أهداف الرسالة البيئية، يتمثل أيضاً في الروابط الاجتماعية للقطاع الطلابي المدرسي، وتتجسد فاعلية ذلك البعد في معادلة العلاقة الأسرية والصداقية التي تربط المشاركين بالمكون الاجتماعي ضمن سلسلة متداخلة العلاقة في المدرسة والحي والقرية والمدينة، إذ يتولى المشاركون استثمار تلك الروابط في نقل المعلومات والمعارف التي يشملها المعرض أو النشاط البيئي المدرسي إلى المجتمع المحلي، ويمثل ذلك إضافة مهمة في إنجاز أهداف الرسالة البيئية للنشاط المدرسي، والمساهمة الفعلية في التنوير الاجتماعي بقضايا البيئة، وبالأبعاد الاستراتيجية لأهداف التنمية المستدامة في بناء منظومة الأمن الاجتماعي البيئي.
القيمة التفاعلية للأنشطة المدرسية في إنجاز أهداف الرسالة البيئية ترتبط أيضاً بوعي وقدرات الفهم المؤسس للكادر التعليمي لجوهر مضامين أهداف التنمية المستدامة، إذ أن كفاءة وقدرات المعلم المدرسي المثل الأعلى للقطاع الطلابي المدرسي مطلب مهم في الارتقاء بوعي وحيوية القطاع الطلابي في التفاعل مع القضايا البيئية، والمساهمة المسئولة في نشر مفاهيم الثقافة البيئية في الوسط الاجتماعي. ودون أن يكون هناك فهم مؤسس للكادر التعليمي في بنائه المعلوماتي لجوهر معاني وأبعاد التنمية المستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، لا يمكن أن تكون هناك حصيلة إيجابية في بناء الثقافة والوعي البيئي للقطاع الطلابي كقوة فعلية يجري الارتكاز على مواهبها وقدراتها الإبداعية في نشر رسالة الأنشطة البيئية للقطاع المدرسي، وذلك يشير إلى أهمية تأهيل الكادر التعليمي، وبناء ثقافته المعلوماتية والمعرفية بشأن أهداف التنمية المستدامة، ليكون على مستوى من الكفاءة والقدرة لبناء الثقافة البيئية للقطاع الطلابي، والتمكن من توجيهه التوجيه المُؤسَس في تفعيل رسالة الأنشطة البيئية.
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 5340 - الخميس 20 أبريل 2017م الموافق 23 رجب 1438هـ