كان يستيقظ كل صباح يتأمل تلك اللوحة الغريبة الموضوعة على الحائط. تكرّر الأمر معه كل يوم إلى أن سئم من التفكير باللوحة فأراد الاستعانة بخبير، وما أن استدعاه وكله شوق ليعلم ما تعنيه هذه اللوحة نظر الخبير إليها، وأخذ يفكّر فلم يستطع معرفة ما تعنيه هذه اللوحة، فخاب ظن الرجل، وما أن انطفأت هذه الفكرة حتى اشتعلت أخرى.
أراد هذه المرة أن يبحث عن الشخص الذي رسمها فعرضها في أشهر المتاحف ووضع عبارة تقول: إن هنالك جائزة للذي يفسر معنى اللوحة عله يجد صاحبها؛ إذ يعتقد أن الشخص الوحيد القادر على تفسيرها هو من رسمها. ويا لها من خيبة! فلم يفلح هذه المرة أيضاً فأرجعها إلى منزله. وخطر في باله أن يقيم حفلاً كبيراً لكبار الشخصيات، ومن بينهم أفراد الأسرة الحاكمة، ففشل مرةً أخرى، فأشار إليه أحد خدمه أن يسأل أقاربه عنها، ففعل ذلك ولم يلقَ أي جواب عنها.
وفي يوم من الأيام أتى إليه رجل مسن يقول له: أنا أعرف صاحب اللوحة، فكانت سعادة الرجل لا توصف، فذهب إلى العنوان الذي أعطاه إياه الرجل المسن، وما إن وصل وكله لهفة، رنّ الجرس فلم يرد عليه أحد، فقال في نفسه: لا لن أرجع إلى منزلي، سأدخل إلى المنزل. وعندما دخل المنزل وأخذ ينظر هنا وهناك وينادي على الرسّام، نظر في إحدى الغرف فوجد الرسام ميتاً، وبيده فرشاة تقطر من الألوان، وأمامه نفس اللوحة التي أراد أن يسأل عنها. عاد هذه المرة ووضع اللوحة في مكانها لكنه امتنع عن التفكير في معناها واهتم بجمال وجودها فقط.
خمسه صف