سؤال يدق ناقوس الخطر كل عام، وفي كل بيت مع اقتراب أجل الامتحانات ومصيرها المحتوم، لسبب هو أن توجهات وهموم الطالب اختلفت عن السابق، فالطالب أيام زمان بين الكتب والمذاكرة، لا يلهيه شيء وما خلا تلفازاً متربعاً في وسط الصالة، فلا يستطيع الأولاد الاختلاء به في غرفهم إن كانت لديهم غرفة أساساً، إن كانت الأسرة ميسورة الحال والمال، حيث يجمع جميع أفراد العائلة بعد تناولهم الوجبات أو يقسِموا أوقات العرض بينهم وبين الأطفال، فيشاهدوا افتح ياسمسم في الصباح، وعند الظهيرة مسلسل كرتوني، وفي المساء يلتقون بعد العشاء كلهم ليشاهدوا مسلسل درب الزلق أو "أمي وأبي..مع التحية".

كم كانت الحياة جميلة بما في الكلمة من معنى. أحد أشقائي يذكرني بتلك الأيام الذهبية وهو يقول: "ما أعرفه بالذات أيام الامتحانات كانت والدتنا أطال في عمرها تغطي شاشة التلفاز بغطاء أبيض، منعاً لأي أحد من الاقتراب منه أو تشغيله، فيتشاغل عن دراسته ومذاكرته استعداداً للامتحانات، فيتسكع أمام التلفاز ثم يبكي بعد ظهور النتائج.. في حال اقترب أحدنا انهالت عليه ضرباً بعصاها التي تعرف بـ"قلم الكدو". هذا الكلام ليس إنشائياً ولكنه حقيقة، والعصا موجودة في كل بيت في أيام السبعينات، أما اليوم وفي هذه الأيام بالذات وقت الامتحانات الفصلية استعداداً للامتحانات المفصلية، تجد كل طالب لديه في غرفته تلفاز أو "آي باد" وهاتف ذكي غال وخدمة واتس آب يتشاغل بها مع زملائه، يلهون ويستمتعون بالمباريات دون رقيب ولا حسيب، فماذا يرتجي الآباء من الأبناء؟ هل سيجنون فضة وذهباً أم (فل مارك)؟.

أيها الأباء والأمهات، في رسالة مواطن هذه لابد من تذكيركم بحجم المصيبة التي سيخلفها إهمالكم لأبنائكم والتي تتكرّر كل عام، خصوصاً من هم في المرحلة الثانوية "التوجيهي" أو من هم في الجامعة، وترككم لهم دون متابعة ولا توجيه، يوم لا تنفع دروس تعزيزية ولا تقوية ولا دعاء الأمهات ولا نذورها التي لا تنتهي؛ لأن عقول أولادها وبناتها انشغلت عن المذاكرة بالكلاسيك الأسباني، أو الليغا الايطالية، أو دوري كأس أوروبا، فعند الامتحان إما يكرم أو يهان، ويوم يفر الطالب من لهيب النتائج حين ظهورها وتعليقها في صالة المدرسة أو يسمعها ذووه، وأمه وأبوه من الإذاعة والتلفزيون، أو الكونترول ونتائجه تكدر صفو حياتهما بعد طول انتظارهما وتعبهما وصرف ما لديهم من غالٍ ونفيس! 

مهدي خليل