العدد 79 - السبت 23 نوفمبر 2002م الموافق 18 رمضان 1423هـ

الاقتصاد الحر يتطلب الاستثمار الشامل والديمقراطي

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

يسأل البعض عن سبب عدم وجود رأس المال للمشاريع التجارية في المنطقة الخليجية. ويدور السؤال حول سبب عدم التجديد والإبداع عن طريق تقديم رأس مالٍ كافٍ لبدء مشاريع تجارية ناجحة.

كنظام اجتماعي اقتصادي مقبول عالميا فإن الرأسمالية ليست بتلك المناعة التي تجعلها في منأى من التعرض لما تعرض له خصمها الايديولوجي الرهيب وهو الشيوعية.

يزعم البعض بأن التجارب الشيوعية الايديولوجية التي وضعه ماركس في القرن الماضي لم تجلب سوى الظلم. ومن الغرابة ألا ينظر الكثيرون إلى الرأسمالية بالرؤية نفسها. إن العيب في كثير من الأنظمة الرأسمالية هو سمة المحدودية بدلا من الشمولية، فلربما تزعم الحكومات أن لديها نظاما حديثا للرأسمالية ولكن تلك الآله الرأسمالية تخضع لسيطرة القلة من المجموعات القوية.

وهذا ما لا يمكن تسميته بالرأس مالية الحرة، فهو يشبه نادي الأغنياء إلى حد كبير. فباستثناء الراتب العادي، لا توجد علاقة بين العمال وأصحاب رأس المال.

فمن الضروري اتخاذ خطوة باتجاه إيجاد عمل اقتصادي حر وشامل. اذ لابد للاقتصاد أن يتخطى أنماط العمل العائلي التقليدية ويؤسس شركات تكون ملكيتها بشكل أكبر للجمهور. إن هذا ليس بالأمر الهيّن، لانه بخلاف السائد مازالت أسواق رأس المال في المنطقة غير مكتملة النمو. وثانيا تكثر التحذيرات بصدد الاستثمار العام كالاستثمار في «سوق المناخ» في الكويت في السبعينات. إن انهيار سوق المناخ لربما يرجع في الغالب إلى معلومات خاطئة أو مضلّلة وإلى نقص الوعي لدى الجمهور والمعرفة بأسواق رأس المال. وقد أدى هذا إلى استغلال بعض الجشعين لثقة الكثيرين. وثالثا فإن الناس لا يستطيعون توفير سوى النزر اليسير هذه الأيام، ناهيك عن الاستثمار في الأسهم.

ومن وسائل التغلب على العقبة الأخيرة تقديم تملك الأسهم من خلال التعويض الوظيفي. ففي بادئ الأمر لا نحتاج إلى إقامة سوق أسهم تكون ملكية أسهمها للموظفين. إن الشيء الجميل بالنسبة إلى هذا الحل هو أنه يمهد الطريق لإزالة العقبتين الأولى والثانية. إن الوعي بالنسبة إلى الأسواق العامة سيزداد وسيقل الفهم الخاطئ لدى الجمهور عن طريق فهم أكثر نضجا لمثل هذه الأسواق.

وبمجرد أن نقوم بتأسيس أسواق رأسمالية سليمة، فسيكون بإمكان رأس المال المهدد بأخطار أن يحقق نجاحا. وسيكون مصدر رأس المال عائلات رجال الأعمال والمجموعات الموجودة اليوم. إن الحافز سيكون الفرصة المتاحة لهم للحصول على الأرباح من استثمارات باستخدام اسواق اسهم سيولة منظمة بطريقة سليمة.

ولكني لا أوافق على أن رأس المال ذو الأخطار يمكن أن يكون وحده المنقذ لرجل الأعمال الاقليمي.

إن ذلك بحاجة أيضا إلى الابتكار والابداع واستقلالية التفكير والشجاعة للقيام بالمشروع والتي أرى أنه يمكن دعمها وحفزها من قبل غالبية المؤسسات المختصة ونظام التعليم في المدارس الحكومية. كذلك فإنه يجب على مجلس التعاون الخليجي وضع أنظمة سهلة وموحدة لدمج المشاريع التجارية وتسجيل وحماية الملكية الفكرية ووضع الخطط... الخ.

هل يوجد مكتب لبراءات الاختراع تابع لمجلس التعاون الخليجي؟ لماذا يكون من الأسهل والأسرع بشكل عملي القيام بعملية الدمج في أوروبا وأميركا من البحرين؟

قد يحدث أن يقوم مغامر بحريني باختراع شيء ما. لا يمتلك الوسائل وليس لديه «أي فكرة عملية عن كيفية التحرك لحماية فكرته». فخوفا من الكشف عن فكرته فإنه «يجلس في مكان ضيق غير قادر على اتخاذ الخطوة التالية».

لا توجد براءة اختراع ولا دمج ولا تحرك لطلب الدعم للحصول على رأس مال ذي أخطار. فبعد بضعة أشهر يأتي شخص آخر من جنوب شرق آسيا أو أوروبا أو أميركا بالفكرة نفسها.

وباختصار يجب تشجيع المشاريع الكبيرة (المملوكة كليا أو جزئيا للحكومة)، مع البدء في تمليك الأسهم للموظفين كجزء من تعويض منتظم وذلك عوضا عن نظام تسوية المرتبات الحالية. ويجب على الحكومة بعد ذلك البدء بمبادرات الحكومة الالكترونية على نطاق مجلس التعاون لتبسيط عملية دمج المشاريع التجارية والتقدم للحصول على براءات الاختراع. ويجب أن تكون أي رسوم للمحاماة مدعومة على أقل تقدير.

يجب الاستمرار في تطوير اسواق رأس المال وزيادة الوعي. يجب تأسيس رؤوس أموال ذات أخطار حديثة وتخصيص أماكن للمحلات التجارية وتشجيع المستثمرين الآخرين على عمل ذلك.

وهنا يلزم تشجيع إقامة سوق تبادل الأفكار بحيث تحصل أفضل الأفكار بخصوص المشاريع على التمويل والاستشارة. وإذا أخذنا جميع الأمور في الاعتبار سنبدأ في خلق مشاريع جديدة، وستعمل هذه المشاريع على تطوير المنتجات المملوكة لشركة معينة والخدمات وتصدير المنتجات للخارج مما سيساعد على زيادة اجمالي الناتج الداخلي للمنطقة (دول مجلس التعاون) وتخفيض معدلات البطالة. لقد قامت سنغافورة بتطبيق هذه التجربة ولا يوجد سبب يمنع دول مجلس التعاون من القيام بالعمل نفسه

العدد 79 - السبت 23 نوفمبر 2002م الموافق 18 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً