العدد 79 - السبت 23 نوفمبر 2002م الموافق 18 رمضان 1423هـ

لا مرحبا بك في عهد الإصلاح

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

عودة عادل فليفل إلى البحرين لا تبشر بالخير اذا كان سيعود شخصا له نفوذ أو بقايا نفوذ حصل عليه من خلال تجاوز الأعراف والاخلاق والقيم الإنسانية على مدى عشرين عاما قبل هروبه بالملايين من البحرين الى استراليا. وكان هروبه من البحرين لأنه تورط مع أناس كبار ... أما الآن وقد دفع إليهم ما أرادوا منه (مئة مليون دولار استرالي) فيعود الى البحرين قبل أن تبدأ محاكمات اخرى تتعلق بانتهاكه حقوق الانسان.

وقبل عودته الى البحرين أرسل - من خلال محاميه - رسائل الى مواطنين أخذ منهم الأموال بطرقه المعهودة: «ادفع أو سيتم اتهامك بأنك ضد الدولة ويتم اعتقالك». رجع من دون خوف من عقاب - كما يبدو - والأراضي التي استنزف ترابها من دون أن يدفع ايجارها إلى اصحابها. رجع ليذكر الذين ذاقوا الأمرين منه بما كان يقوم به خلال الثمانينات والتسعينات.

لا أريد أن أحول القضية إلى الشأن الشخصي، ولكن من أجل التاريخ فإن عائلتي واحدة من العوائل التي تعذبت منه شخصيا. مئات العوائل تعذبت على يديه، وواحدة من تلك العوائل عائلتي. والدي الذي يعيش بين الحياة والموت حاليا كان في الحبس الانفرادي تحت سلطته ... عذب أخي الأكبر وسجنه عشر سنوات ... عذب زوج أختي وسجنه سبع سنوات ... وقبل عدة سنوات كان والدي بااضافة لأخي محمد جميل وزوجته منى، وزوج أختي عبد الجليل ووزوجته (اختي) عفاف، كلهم كانوا في المعتقل بأمره ... بينما هو ورجاله يحاصرون بقية العائلة ويمنعون حتى الأطفال الصغار من الذهاب الى مدارسهم بأمان ... ويهدد في الوقت ذاته والدتي ويتوعدها.

أنا مستعد لنسيان كل ذلك، ولكن على اساس أن فليفل وأمثاله سيوضع لهم حد لمنعهم من العودة إلى ما كانوا يقومون به من تعذيب وإهانة للمواطنين بحجة حماية أمن الدولة. فلا حماية لأمن اذا اضطهد المواطن وإذا عذب وإذا سلب النوم من عينه. ولا نمو لاقتصاد ما دام هناك من يكتشف ويخترع محاولات انقلاب بصورة تكاد تكون سنوية على رغم من انشغاله بتجارة مليونية!

إننا نعيش في عصر جديد ويلزم أن نطوي الماضي ونلعق الجروح. وهذا أمر نسأل الله أن يوفقنا له، ولكننا أيضا بشر ونأمل أن تُقَّلل المنغصات وتُبعث الرسائل التطمينية إلى المواطنين، بأنه لا يوجد أحد فوق القانون. فاذا كان الشخص المذكور يدّعي أنه كان يمارس الانتهاكات لأن ذلك ما طلبته منه الدولة، فالموضوع له أبعاد متعددة. فقد كان يمارس أمورا لم يأمره بها أحد وهذا ما تشهد به شهادات التجار والناس العاديون وحتى من يعمل معه في وزارة الداخلية.

رمزية حكم القانون أهم من كل شيء، وعندما يحكم القانون العادل الجميع، فإن كثيرا من الناس على استعداد لنسيان الماضي وفتح صفحة جديدة. فالبحرين خسرت في الماضي كثيرا بسبب ممارسات عادل فليفل وأمثاله، وبدأت تربح كثيرا في ظل قيادة عظمة الملك الذي استطاع تقريب النفوس وطرح المبادرات النوعية التي أعادت جسورا من الثقة كانت متقطعة. وأكثر ما يخاف عليه من العودة غير الحميدة هو عودة الاحباط النفسي لدى الناس بصورة عامة. إن أقل ما يمكن أن يقوم به هذا الشخص هو أن يرجع أموال الناس ويدفع إيجارات وقيمة الأراضي التي باع رملها وأن يعتذر إلى المواطنين الذين لاقوا صنوف العذاب على يديه، وأن يقوم بخدمات تعويضية، مثل بيع ممتلكاته التي استلبها من الغير وتخصيص الأموال لرعاية أبناء الذين تضرروا منه. فتلك الممتلكات حصل عليها بينما كان أيضا يمارس الانتهاكات الصارخة التي يعرفها الصغير والكبير. وحتى ضباط الداخلية كانوا يشتمونه أمام المعتقلين لشدة وقساوة أساليبه واضطهاده. نقول ذلك لإبراء ذمتنا أمام تاريخنا ولكي لا تأتي الأجيال من بعدنا وتحلل موقفنا وكأنه لم يحصل شيء أمام مرأى ومسمع وعلم جميع من لهم أذن وعين وعقل في داخل وخارج البحرين

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 79 - السبت 23 نوفمبر 2002م الموافق 18 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً