قبل 9 أشهر، صدَّق الكنيست الإسرائيلي على مشروع قانون الـ «فيس بوك». التصديق (والذي قُدِّم كقراءة تمهيدية من قِبَل النائبة فيطال سويد) يُلزِم مَنْ يديرون مواقع الإنترنت على شبكات التواصل الاجتماعي «حذف الإعلانات التي تحرض على الإرهاب» حسب معارييف الإسرائيلية.
النواب العرب اعترضوا على القرار. إذ قال عضو الكنيست عبدالحكيم حدج يحيى من القائمة المشتركة بأن «كل هذه القوانين تُطبّق على العرب فقط. لماذا لم يتضمن هذا القانون الدعوة إلى العنصرية؟ لماذا الإرهاب فقط؟ هذا القانون قانون عنصري آخر ويعكس استمرار التمييز».
المسألة ليست في طريقة تعاطي السلطات الإسرائيلية مع قضايا تسميها هي الإرهاب بقدر ما يتعلق الأمر بإفراد القانون المذكور لائحة ونقاشاً وتشريعات تخصّ خدمة الـ «فيس بوك» كأحد أنشطة التواصل الاجتماعي وكأنه قانون مصيري، ليدخل على الخط وزيرَا الأمن والعدل جلعاد أردان وإيليت شاكيد! وهو أمر إن دلّ فإنما يدلّ على أهمية وسائل التواصل في المجتمع الإسرائيلي.
دعونا نتوسّع في الأمر قليلاً. في شهر يوليو/ تموز الماضي كَتَبَ يوآف زيتون في موقع واي نيت الإسرائيلي أمراً غريباً يتعلق بخدمة الـ «فيس بوك» كذلك وعلاقة الجيش بها. لكن قبل ذلك، يجب أن نعطي تفصيلاً محدداً. ففي إسرائيل هناك قانون يُسمّى «توراتنا إيماننا». جوهر هذا القانون أنه يعطي طلبة العلوم الدينية في إسرائيل الذين يدرسون 45 ساعة أسبوعياً إعفاءً من الخدمة العسكرية.
ومن المعلوم أنه وفي العام 2014م مُنِحَ 18 ألف شخص ينتمون إلى التعليم الديني اليهودي في إسرائيل إعفاءً من الخدمة العسكرية. وفي العام 2015م مُنِحَ 15 ألف و859 ممن نهجوا ذات النهج نفس الإعفاء حسب ما يذكر جيلي جينتيوم في موقع والا الإسرائيلي. لذلك، يعتبر هؤلاء قوة ضاربة في إسرائيل سوء اجتماعياً أو في التأثير على القرارات السياسية فيها.
في كل الأحوال فإن الذي تبيّن للجيش الإسرائيلي لاحقاً أن قرابة 4000 طالب دين يهودي (أو كما يُسمّون بـ الحريديم) ممن تتراوح أعمارهم ما بين 17 و 24 عاماً هم ليسوا بطلبة علوم دينية يهودية في حقيقة مسلكهم بل هم يعيشون حياة «علمانية». لذلك تمّ إلغاء كونهم من الحريديم تمهيداً لإعادتهم إلى الخدمة العسكرية.
بعضهم لم يستجب فبادرت الشرطة إلى اعتقاله، الأمر الذي دفع بالطلبة الحقيقيين في المدارس الدينية لأن يتعاطفوا معهم، وهو ما جعلهم يُنظمون مظاهرات أمام المحاكم العسكرية والسجون الإسرائيلية. السؤال هنا: ما هي الوسيلة التي استطاع بها الجيش الإسرائيلي معرفة حقيقة أؤلئك الـ 4000 من الشباب وأنهم لا يعيشون حياة دينية كما يجب بل هم علمانيون؟ هل هي عبر أجهزة الأمن؟ أو وزارة التعليم؟ أو ماذا؟
إليكم الجواب. قام الجيش في إسرائيل بمتابعة الآلاف من الحسابات على موقع الـ «فيس بوك». وقد أظهرت تلك المتابعة أن الآلاف ممن يدّعون الدراسة في المعاهد الدينية التوراتية يذهبون إلى البحر بملابس مكشوفة (شبه عراة) وإلى مراكز الترفيه في العطلة الأسبوعية وهم في لهو من الفتيات. وقد تمت مواجهة أؤلئك الشباب بصورهم خلال جلسة استماع، كما تذكر ذلك يديعوت أحرونوت.
ولأن موازنة المؤسسات الدينية التوراتية في إسرائيل بلغت مليار و19 مليون شيكل (278 مليون و 425 ألف دولار)، ويحصل كل طالب ثانوي منهم على معونة سنوية تُقدّم بـ 10 آلاف و 608 شيكل (ألفين و898 دولار) فإن أؤلئك الشباب كانوا يحصلون على امتيازين: امتياز الإعفاء من الخدمة العسكرية، والامتياز الثاني هو حصولهم على أموال مجزية دون الحاجة إلى العمل المدني.
الحقيقة وبلحاظ تلك الحوادث سواء التشريع الذي أقرّه الكنيست بشأن «الفيس بوك» أو متابعة القضايا الاجتماعية والإدارية من خلال ذلك التطبيق يُظهِر مدى تجذر وسائل التواصل الاجتماعي في إسرائيل. وهو أمر لا جِدال حوله؛ ففي الأساس تمتلك إسرائيل قواعد قوية في تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات تستعين بها دول كثيرة من بينها الولايات المتحدة الأميركية وأخرى في آسيا. ولأن الطبقة الوسطى هناك قوية، ونسبة التعليم عالية، مع وجود فتوّة مهاجرة، فإن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي هناك كبيرة جداً.
هذه الوسائل وعلى الرغم من كونها تبدو عادية وذات استخدام مدني إلاّ أن أجهزة الدولة هناك تقوم بدور مماثل في تصيّد الخصوم أو مثل تلك المخالفات التي أشرنا لها. وربما نتذكر الضجة التي أثيرت في شهر يناير الماضي عندما أعلن الجيش الإسرائيلي أن حركة المقاومة الإسلامية حماس «تستخدم صور نساء شابات ولغة عبرية دارجة للدردشة مع عشرات الجنود الإسرائيليين على الإنترنت ما يجعلها تسيطر على كاميرات وميكروفونات هواتفهم المحمولة» كما نقلت «رويترز».
ووفقاً لأحد ضباط الجيش الإسرئيلي فإن حماس تقوم من خلال تطبيق الـ «فيس بوك بشكل أساسي» لتستخدم «هويات مزورة وصوراً لنساء شابات لاجتذاب الجنود» بغية «تنزيل تطبيق يسمح» بإجراء «دردشة بالفيديو». لذلك، وفي الوقت الذي يشكل الـ «فيس بوك» في إسرائيل صورة من صور التسلية والتواصل إلاّ أنه وسيلة من وسائل إدارة معارك وصراعات ومراقبة حقيقة الوضع الداخلي، وحتى الخارجي في ظل وجود مليار و 700 مليون مستخدم للتطبيق في العالم.
في إسرائيل، حتى ولو بدت أمور الداخل مدنية في فضائها الاجتماعي والخدمي، إلاّ أن كل شيء خاضع لمنظومة الأمن والمراقبة.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 5334 - الجمعة 14 أبريل 2017م الموافق 17 رجب 1438هـ
في اي دولة واي كيان ونظام في العالم. مع توفر فضاء وسائل التواصل الاجتماعي وتوسعه وأهميته بين الافراد في المجتمعات كافة. اصبح من السهل مراقبة وجس نبض الرأي العام للمجتمعات وتحديد اهتماماتهم وسلوكياتهم من شخصياتهم المتضاربة التي قد يخفونها في مكان ويظهرونها في مكان آخر.
اذا كانت اسرائيل هي من يصنّف الارهاب فقل على العالم السلام. دولة محتلّة لأرض وشعب فلسطين بالقوّة وهجّرت ملايين وسرقت اراضيهم ومن يطالب بحقوقه في ارضه ووطنه يقتل ويهدم بيته وتصادر ارضه وووو.ز
دولة مارقة هي من يصنف ويعرّف الارهاب وهي أمّ الارهاب