انطلقت اليوم الأربعاء (12 أبريل/ نيسان 2017) في المنامة أعمال "مؤتمر أيوفي السنوي الخامس عشر للهيئات الشرعية"، أحد أهم المؤتمرات الدولية التي تركز على الجوانب الشرعية والفقهية والحوكمة، والذي تنظمه هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية والشرعية "أيوفي"، برعاية من مصرف البحرين المركزي، وبمشاركة حوالي 40 عالماً وخبيراً من 16 دولة حول العالم.
وفي بداية أعمال المؤتمر ألقى محافظ المصرف المركزي، راعي المؤتمر، رشيد المعراج، كلمة أكد فيها أهمية عقد مثل هذه اللقاءات السنوية التي تثري قطاع الصيرفة الإسلامية، نتيجة للاحتياجات المتزايدة للمستثمرين على مثل هذا النوع من التعامل المصرفي والمتوافق مع الشريعة الاسلامية، ما يساهم في خلق تنمية اقتصادية تعود بالفائدة على الاقتصادات الوطنية.
وأشار المعراج إلى أن المعايير الشرعية التي تصدرها "أيوفي" تم اعتمادها من مصرف البحرين المركزي، وبشكل الزامي على المؤسسات المالية المرخصة محلياً التي تعمل وفق الشريعة الاسلامية، واصبحت هذه المعايير جزءاً من المعايير الرقابية والمحاسبية المعتمدة من قبل المصرف.
وألقى رئيس مجلس أمناء "أيوفي"، الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة، كلمة نقل فيها تحيات عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وتحيات رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وتحيات ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، إلى المشاركين في أعمال المؤتمر.
وتطرق رئيس مجلس الامناء إلى أهمية المؤتمر من خلال المواضع التي سيتم تناولها، وعلى رأسها الإطار الرقابي والاشرافي على صناعة العمل المصرفي الاسلامي، والجوانب الفنية والقانونية للصناعة، والتحرير القانوني للفرق بين مجموعة من مصطلحات الصناعة والتي لها اثر جوهري بالغ على الحكم الشرعي للمنتجات والعقود.
وأكد الشيخ إبراهيم بن خليفة أهمية الالتزام بالقواعد الشرعية في العمل المصرفي الإسلامي، وقال "لا يمكن ان تمس الخطوط الحمراء في الصناعة، ولذلك فمن المهم تناول قضايا مهمة ومفصلية تتعلق في مقاصد الشريعة ومنهجية التعامل مع المقاصد والتوازن بين الافراط والتفريط".
وأشار رئيس مجلس الامناء إلى أن المعايير الشرعية التي أصدرتها "ايوفي" ساعدت العديد من المصارف والمؤسسات المالية الاسلامية في تطوير منتجاتها وخدماتها وتحسين مستوى الكفاءات التشغيلية، مشيراً إلى ان المعايير الشرعية تساهم أيضا في تعزيز ثقة المستهلك بالمؤسسة والمنتجات التي تقدمها.
وألقى الأمين العام لـ "أيوفي"، حامد ميرة، كلمة أعلن فيها عن إطلاق ثلاث مبادرات جديدة لـ "أيوفي"، وهي تدشين الترجمة الروسية للمعايير الشرعية، والتي تضمنت 75 معياراً شرعيا للصيرفة الاسلامية، وتدشين الترجمة الفرنسية للمعايير الشرعية، والبدء بترجمة المعايير الشرعية لايوفي إلى اللغات الأوردية والتركية، ومن ثم سيتم العمل على البدء بالترجمة الى اللغات الصينية والبنغالية والبوسنية.
كما أعلن ميرة عن إعادة إطلاق شهادة المحاسبة الإسلامية المعتمدة (CIPA) بصورتها الجديدة بدعم من صندوق الوقف البحريني ومصرف البحرين المركزي، مشيراً إلى أن هذه الشهادة قد تم إطلاقها قبل 11 عاما، وحصل عليها ما يزيد عن ألف متخصص في الصيرفة الإسلامية حول العالم.
يشارك في أعمال المؤتمر هذا العام مجموعة من أهم قيادات الصناعة المالية الإسلامية من علماء وفقهاء وبنكيين وخبراء ومحامين ومحاسبين وكبار مسؤولي البنوك المركزية والسلطات الرقابية والإشرافية والأكاديميين والإعلاميين.
ويناقش المؤتمر على مدى يومين مجموعة من أهم الموضوعات الفقهية والقانونية المتعلقة بالحوكمة، بمشاركة نخبة مِن أبرز الأسماء المتخصصين بشكل دقيق في هذه الموضوعات تأصيلا وتطبيقا.
وعقدت الجلسة الأولى من أعمال المؤتمر تحت عنوان "الإطار الرقابي والإشرافي على الصناعة المالية الإسلامية، هل له خصوصية"، ترأسها الرئيس التنفيذي لهيئة الاوراق المالية والسلع الاماراتية، الدكتور عبيد سيف الزعابي، حيث تناولت أهمية الاطار الرقابي والاشرافي على عمل المؤسسات المالية الاسلامية، والفروق في الرقابة والاشراف بين العمل المالي والمصرفي التقليدي والمتوافق مع الشريعة، والدور الرقابي للبنوك المركزية والسلطات الرقابية، والأولويات التي تحتاجها المؤسسات المالية الاسلامية في نطاق عمل البنوك المركزية والسلطات الرقابية والاشرافية.
أما الجلسة الثانية التي ترأسها الشيخ محمد عبدالرزاق الطبطبائي من دولة الكويت، فعقدت تحت عنوان "التحرير القانوني والفقهي للاتفاقية والعقد ومذكرة التفاهم والالتزام والوعد والمواعد والتعهد"، والتي تناولت عددا من المواضيع المتعلقة بالاتفاقية والعقد ومذكرة التفاهم والتكييف القانوني للوعد الملزم، والفوارق القانونية والقضائية بين المواعدة الملزمة من الطرفين وبيع العقد، إلى جانب المحاور الشرعية المتعقلة بها.
اما الجلسة الثالثة فكانت بعنوان "المقاصد ودورها في الاجتهاد المعاصر في فقه المعاملات المالية"، ترأسها أمين عام مجمع الفقه الاسلامي الدولي الدكتور عبدالسلام العبادي، وتناولت عددا من المحاور أهمها هل العبرة في العقد بمقاصده ومعانيه ام بألفاظه ومبانيه، ودراسة تطبيقية على مجموعة من التطبيقات والعقود.
كما عقدت جلسة خاصة تناولت التعريف بشهادة المحاسب الاسلامي المعتمد الجديدة.
ويناقش المؤتمر في يومه الثاني عددا من المحاور المحددة والدقيقة في "المقاصد" ودورها في الاجتهاد الفقهي المعاصر في فقه المعاملات المالية، وتجلية الجوانب الجدلية في علاقة الفقه بالعلوم المعاصرة كالقانون والمحاسبة والاقتصاد والتمويل وأثر ذلك في الاجتهاد في المعاملات المالية المعاصرة، كما يستعرض مستجدات المنتجات المتعلقة بإعادة التمويل في المصارف ورؤية فقهية متأملة في صورها ومستجداتها، ومناقشة إحدى أهم مستجدات حوكمة الصناعة المالية الإسلامية والمتمثلة في التدقيق الشرعي الخارجي وأبرز الممارسات الدولية في ذلك وتقويمها وآفاق معيار أيوفي المتعلق بها، ومعالجة منهجية التعامل مع "الإجماع" في مستجدات الصناعة المالية ومسائلها بين الجرأة والجمود وتطبيقات ذلك.