للتدريب متطلباته وأساسياته وشروطه، ربما تكون من أهمها قدرة المدرّب على إيصال الفكرة بالشكل السليم الذي يتيح للمتدرب فهم ما يريد إيصاله من معلومة أو طريقة أو استراتيجية، تهدف لتحقيق تغيير في فكره وسلوكه.
هذه القدرة تتطلب إلماماً بالمادة التدريبية، وقدرة على الإقناع، وثقة بالنفس. وحين تنعدم هذه الثقة سيكون المدرب ضعيفاً غير قادر على تحقيق هدفه من دون شك.
وفي الفترة الأخيرة ازدادت أعداد المدرّبين وحاملي شهادات «مدرّب معتمد» في بلادنا، خصوصاً مع وجود برامج تدريب المدربين وتخريج مدربين في البرمجة اللغوية العصبية وعلوم الطاقة والتنمية البشرية، التي دعمتها «تمكين» في السنوات الأخيرة. بعض حملة هذه الشهادات صمدوا واستطاعوا أن يخطّوا لهم طريقاً ويثبّتوا أقدامهم في هذا المجال، بما يقدّمونه من حقائب تدريبية متميزة لا يجيدها غيرهم، ولا تدّعي حصول المتدرب على قدرات خارقة حين يدخل في هذه الورشة أو تلك. بينما تعثر بعضهم وانسحب من هذا المجال لأسباب تختلف من فرد لآخر.
وقبل سنوات ظهرت على الساحة التدريبية مدرّبة من فئة الصم، وهي الشابة عبير سلوم، التي تحدّت إعاقتها السمعية لتكون دافعاً لنجاحها، ووسيلةً تستطيع من خلالها تقديم المختلف الذي من شأنه أن يضيف لذوي الإعاقة من جهة، وللأشخاص غير ذوي الإعاقة.
تتحدّث عبير بكل فخر، وبكل ثقةٍ تواجه جمهورها من المتدربين ومن محبيها على مواقع التواصل الاجتماعي. تتجسّد حافزاً لأقرانها ليحذوا حذوها في جانب اهتمامها بتطوير نفسها وغيرها، تقدّم ورشاً تدريبية في أهمية التطوع، وهو الأمر الذي نحتاج إليه في مجتمعنا لنعزّز التكافل والتلاحم الاجتماعي، وفي الذكاء العاطفي، والأهم من هذا وذاك هي دورات تعلّم لغة الإشارة التي من خلالها تستطيع أن تضيف لأقرانها من ذوي الإعاقة السمعية وتخدمهم، وهم الأحوج لأن يفهم لغتهم من يتعاملون معهم في مختلف الجهات والأماكن.
وقبل أيام طالعتنا صحيفة «الوسط» بلقاءٍ مع شابة أخرى هزمت إعاقتها وتحدّتها، لتكون مدربةً في مجال تنمية الذات وحافزاً جديداً لذوي الإعاقة، ولكن هذه المرة للمكفوفين. وهي فاطمة أحمد التي استطاعت أن تحصل على شهادة المدرّب المحترف من البحرين وكندا وبريطانيا، لتكون أول كفيفةٍ في الوطن العربي تخوض هذا المجال، كما حصلت على شهادة الكوتش وشهادة احترافية أخرى كما ذكر الخبر المنشور في الصحيفة.
هذه الفتاة فقدت بصرها في سن الرابعة عشر بشكل كامل، لكن هذا لم يؤثر عليها سلبياً، بل كان دافعاً لها لتمضي قدماً وتسعى لتغيير نفسها ومن حولها. وبالفعل استطاعت الحصول على هذه الشهادات وخوض مجال التدريب، وهي لا تزال على مقاعد الدراسة الجامعية. هكذا تكون بعض الإعاقات الجسدية دافعاً ومحفزاً، لمن كان قلبه ناصعاً وبصيرته سليمة لا تقف عند لحظة الخسارة.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 5329 - الأحد 09 أبريل 2017م الموافق 12 رجب 1438هـ
استاذة انتي ملهمة لابداعات الاخرين شكرا
يشاركنا أشخاص ظننا أننا نعلمهم.. وسرعان ما نكتشف انهم كانوا هم المعلمون .. فاطمة وقبلها عبير .. ألف شكر لكما
صحيح بعض الاشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة يفوقون غيرهن في انجازاتهم وتفوقهم والامثلة كثيرة في البحرين والعالم ومنذ بداية التاريخ المكتوب
مقال مفعم بالامل شكرا لك ولهاتين الفتاتين