تحسنت توقعات قطاع لندن المالي منذ بدء عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، بحسب ما يؤكد المسئول عن رسم سياساته، رغم تحرك عدد من البنوك لنقل بعض الوظائف إلى الخارج.
إلا أن مارك بوليات الذي تحدث إلى وكالة فرانس برس الخميس الماضي بعدما أطلقت تيريزا ماي آلية بريكست، دعا إلى تعجيل المفاوضات المتعلقة بالتجارة للحد من إمكان حدوث أي اضطراب.
وبتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة الشهر الماضي، بدأ العد العكسي لعملية بريكست التي ستستمر عامين.
وعند سؤاله عن انعكاسات ذلك على القطاع المالي في لندن، قال بوليات الذي سيستقيل الشهر المقبل من منصبه كرئيس سياسات مؤسسة "سيتي اوف لندن" التي تدير الحي المالي المعروف باسم "سكوير مايل" في العاصمة "اجمالا، أعتقد أن الأمور تبدو بشكل أفضل."
وأضاف "نتمنى أن تجري المفاوضات بشكل سريع وجيد".
وأكد بوليات أن التوصل إلى اتفاق مبكر بشأن شروط الخروج من الاتحاد الاوروبي وحقوق المواطنين الاوروبيين، "سيقلص من الاضطرابات التي ستواجهها الشركات والمستهلكون في هذا البلد (بريطانيا) وفي اوروبا".
وكان حاكم مصرف انكلترا مارك كارني (اكرر كارني) حذر الجمعة من تداعيات الخروج من الاتحاد الاوروبي بدون التوصل إلى اتفاق بشأن التجارة، إلا أنه بدا متفائلا بشأن ابرام اتفاق.
وفي الفترة التي سبقت الاستفتاء بشأن بريكست العام الماضي، اصطف مجتمع الأعمال خلف المعسكر المؤيد للبقاء في الاتحاد، مصرا على أن بريكست سيؤدي إلى فقدان العديد من الوظائف في قطاع لندن المالي.
وحتى الآن، رجح مصرف "اتش اس بي سي" انتقال ألف وظيفة إلى باريس حيث لدى عملاق القطاع المصرفي عمليات كبيرة.
أما مصرف "غولدمان ساكس" الأميركي، فسينقل ألفا من موظفيه من لندن إلى فرانكفورت.
ولكن بوليات سعى إلى تهدئة المخاوف من قيام البنوك بنقل الوظائف إلى مراكز أوروبية رئيسية أخرى.
وأوضح أن "البنوك كانت وضعت خطط طوارئ حتى قبل الاستفتاء بشأن بريكست في بعض الحالات. كانوا يعلمون باحتمال خروج بريطانيا من السوق الموحدة، وهو ما تأكد الآن".
وأضاف أن العديد من البنوك "ستحتاج إلى إعادة هيكلة ما تقوم به مثل التوقف عن القيام ببعض الأمور، وفي بعض الحالات القيام بأعمال في مكان آخر من الاتحاد الاوروبي. وهذا ما يقومون به حاليا".
وأشار إلى الرئيس التنفيذي لبنك "جي بي مورغان" جايمي ديمون، الذي أعلن هذا الأسبوع أنه لا يتوقع نقل عدد كبير من موظفيه من بريطانيا خلال العامين المقبلين على خلفية بريكست.
وقال بوليات "لا أعتقد بأن شركات الأعمال ستعلن ما ستقوم به وسط ضجة كبيرة".
وأضاف أنه كما أشار ديمون، "سنحتاج إلى تعزيز مواردنا لدى أعضاء آخرين في الاتحاد الاوروبي".
وتابع أنه قد يتم نقل بعض الموظفين، إلا أن "أحدا لن يقول +سنغلق أعمالنا في لندن+".
وكانت شركة التأمين العريقة "لويدز اوف لندن" المجموعة الأولى التي تصدر رد فعل على إطلاق آلية بريكست معلنة أنها ستفتح فرعا في بروكسل في بداية عام 2019.
وتسعى المجموعة التي توفر التأمين ضد الكوارث مثل الزلازل وغرق السفن والاضطرابات إلى ضمان منفذ لها الى الاتحاد الاوروبي.
وقال بوليات لوكالة فرانس برس إن لويدز "منظمة فريدة. ليست شركة بل سوق. عليهم القيام بشيء ما في حال خروج بريطانيا من السوق الموحدة".
وأشار إلى أنهم "أمضوا وقتا طويلا يبحثون عن موقع آخر. قرروا أنه بروكسل" إلا أن ذلك كان جزءا فقط من أعمالهم.
وأضاف "إن اسمها +لويدز اوف لندن+ ما يعني أن القسم الأكبر من أعمالها سيبقى في لندن. لن تتحول إلى +لويدز أوف بروكسل+".
وأصر كذلك على أن لندن يجب أن تبقى المقر المستقبلي لعمليات مقاصة اليورو، أي معالجة المعاملات المتعلقة باليورو.
وكانت فرنسا دعت مرارا إلى نقل هذه العمليات إلى مدن أوروبية أخرى.
إلا أن بوليات قال إن "المقاصة تجري في لندن لتوافر الخبرات (في هذا المجال فيها)، ولأن السوق موجودة هنا. وبريكست لن يغير ذلك".
وأضاف أن "مقاصة اليورو هي أصلا لعبة كرة قدم سياسية، إلا أننا نأمل بأن تحدد النتيجة الحقائق الاقتصادية، لا الرغبة في نقل وظيفة بغاية الأهمية إلى مكان آخر".