العدد 77 - الخميس 21 نوفمبر 2002م الموافق 16 رمضان 1423هـ

واشنطن تتحرك لتهيئة المسرح الإقليمي للحرب على العراق

عمران سلمان comments [at] alwasatnews.com

.

قال مسئولون اميركيون ان على ادارة الرئيس بوش ان تنجز عددا من المهمات الدبلوماسية والسياسية قبل الشروع في اي عمل عسكري ضد العراق، مشيرين إلى ان الاخفاق في ذلك قد يؤجل وربما يعقد العمل العسكري. وعلى رأس هذه المهمات، اعادة رسم ادوار حلفاء واشنطن، واقناع الدول المجاورة للعراق مثل تركيا واسرائيل بعدم القيام بأي اجراءات احادية الجانب.

ويقول المسئولون انهم حققوا بعض التقدم في هذا الجانب. فقد حصلت واشنطن حتى الآن على وعود بمنحها حق استخدام القواعد والمجال الجوي في دول آسيا الوسطى والخليج العربي بما في ذلك الكويت وقطر لضرب العراق. لكنهم يضيفون ان هذه الوعود بحاجة إلى موافقة رسمية. ويتوقع ان يتباحث وزير الدفاع الاميركي مع عدد من حلفاء الولايات المتحدة اثناء انعقاد قمة حلف الاطلسي «الناتو» في العاصمة التشيكية براغ الاسبوع الجاري بشأن كيفية ملء الفراغ في اوروبا الناجم عن نقل القوات الاميركية من هناك ومن قواعد في الولايات المتحدة إلى منطقة الخليج. واجرى دبلوماسيون ومسئولون اميركيون في الفترة الماضية محادثات مكثفة مع حليفين مهمين هما تركيا واسرائيل، لحثهما على البقاء بعيدا عن المشاركة في حال التدخل في العراق. كما اجرت الولايات المتحدة عبر قنوات غير رسمية محادثات مع ايران، لممارسة الضغط على الغالبية الشيعية في العراق لعدم السيطرة على بغداد او تشكيل دولة منفصلة في جنوب العراق، في حال سقوط نظام الرئيس صدام حسين. وانصب جزء كبير من هذه الاتصالات على تركيا التي يعتبر دورها حيويا في اي عمليات عسكرية ضد العراق، بسبب وجود عدد من القواعد الاميركية المهمة على اراضيها المحاذية لشمال العراق.

فخلال الاسبوعين الماضيين زار مساعد وزير الخارجية الاميركي للشئون السياسية مارك غروسمان ونائب مدير وكالة المخابرات المركزية جون مكلفلين، انقرة، في الوقت الذي كان فيه رئيس هيئة الاركان التركي حلمي اوزوك يلتقي مسئولين في وزارة الدفاع «البنتاغون» ووزارة الخارجية في واشنطن. وتسعى تركيا للحصول على تأكيدات من واشنطن بأن لا يحاول اكراد العراق اقامة دولة خاصة بهم قد تحرض اكراد تركيا على اتخاذ الطريق نفسه. ولدى تركيا ثلاثة آلاف جندي في شمال العراق قد تستخدمهم لسحق اية محاولة من جانب الاكراد للسيطرة على المنطقة.

ولتبديد المخاوف التركية يدرس المخططون الاميركيون ارسال قوات للسيطرة على حقول النفط المحيطة بكركوك، تفاديا لوقوعها في ايدي الاكراد، كما تعمل واشنطن وبطلب من انقرة على اقناع الدول الاوروبية بتسريع انضمام تركيا إلى عضوية الاتحاد الاوروبي.

وتطلب تركيا ايضا، وهي شريك تجاري رئيسي للعراق، تعويضات عن الخسائر التي تنجم عن الحرب. وتدور مفاوضات بهذا الخصوص بين مسئولين اميركيين واتراك لحصول انقرة على مساعدات بمليارات الدولارات واعفاء من ديونها الخارجية، بالاضافة إلى مساعدات وهبات عسكرية. وفي هذا الصدد يقول السفير الاميركي في تركيا روبرت بيرسون ان واشنطن تعهدت، في حال حصول حرب في العراق، بالعمل على ضمان استقرار الاقتصاد التركي.

اما العامل الآخر الذي يقلق الولايات المتحدة فهو دخول اسرائيل الحرب، وهو الامر الذي سيحرج الدول العربية المعتدلة، ويدفعها إلى الامتناع عن مساعدة واشنطن في حربها ضد العراق، وربما يؤدي إلى اشعال حرب في المنطقة. وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون هدد بأن اسرائيل لن تقف مكتوفة الايدي وسترد في حال اطلق صدام حسين صواريخ على المدن الاسرائيلية.

ولتهدئة الغضب الاسرائيلي تعهد الرئيس بوش بإرسال قوات اميركية للسيطرة على غرب العراق وتدمير صواريخ سكود التي قد تستخدمها بغداد لضرب المدن الاسرائيلية. كما حث الدبلوماسيين الاميركيين «اسرائيل» على اقتصار اي رد من قبلها على الجانب الدفاعي فقط مثل استخادم الصواريخ المضادة للصواريخ من نوع آرو.

وقال مسئولون اميركيون ان «اسرائيل» طلبت من واشنطن خلال لقاء تم بين مستشارها لشئون الامن القومي ومسئولين في وزارة الدفاع والخارجية الخميس الماضي مساعدتها في حل نزاعها على المياه مع لبنان وسورية.

بالاضافة إلى كل من تركيا واسرائيل تجري الولايات المتحدة اتصالات مع ايران عبر طرف ثالث، لاقناعها بعدم تشجيع الشيعة في العراق الذين يشكلون 60 في المئة من السكان، على اقامة دولة انفصالية في الجنوب، حسبما يقول المسئولون الاميركيون. وتتم هذه الاتصالات عبر قنوات غير مباشرة تشمل السفارة السويسرية في طهران التي تقوم برعاية المصالح الاميركية، وجمعيات اغاثة دولية والامم المتحدة وعبر المجلس الاعلى للثورة في العراق الذي يتخذ من ايران مقرا له.

وبحسب المسئولين الاميركيين طرحت ايران في مقابل تعاونها مطالب تشمل الافراج عن ارصدتها المالية المجمدة في الولايات المتحدة منذ العام 1979، وتعهدات بتقديم المساعدة الى اللاجئين العراقيين الذين يتوقع ان يتدفقوا على ايران في حال اندلاع الحرب.

وفي اشارة إلى الرغبة الايرانية في فتح خطوط اتصال مع الولايات المتحدة، طلب السفير الايراني لدى الامم المتحدة في نيويورك جواد ظريف تصريحا بزيارة واشنطن للقاء عدد من اعضاء الكونغرس الاميركي هذا الاسبوع. لكن وزارة الخارجية الاميركية رفضت الطلب، مما حدا بالسفير الايراني إلى الغاء الزيارة.

لكن وزير الخارجية الاميركي كولن باول قلل، الجمعة، من اهمية هذا الحادث وعبر عن اعتقاده بأنه عاجلا او آجلا ستكون هناك علاقات جيدة مع طهران وواشنطن. وأضاف «لدينا اتصالات مع ايرانيين يشاركوننا النظرة نفسها ولكنني لا اريد ان اعطي انطباعا بأنه يوجد حاليا تقارب في العلاقة بين البلدين»

العدد 77 - الخميس 21 نوفمبر 2002م الموافق 16 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً