استنهض إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح، الشيخ عدنان القطان، المسلمين كافة، لنصرة شعوب دول منكوبة، تتعرض للإبادة على أساس طائفي، وتتعرض للتجويع والتهجير، وقتل على الهوية.
وفي خطبته يوم أمس الجمعة (7 أبريل/ نيسان 2017)، قال القطان: «تابعنا بكل أسى وحزن وألم، ما جرى ويجري من عدوان آثم على شعوب بعض الدول العربية والإسلامية، ممن تسلط عليهم الطغاة والجبابرة والقوى الأجنبية والجماعات الإرهابية، حيث أراقوا دماءهم، وتحكّموا في رقابهم ومقدراتهم؛ وأساؤوا وطغوا وبغوا، وظلموا واستخفوا بحرماتهم، قتل على الهوية للمدنيين العزل، وإزهاق للأرواح، وخنق للنفوس البريئة بالغازات السامة المحرمة دولياً، وهتك للأعراض، وتمثيل وإذلال، وحصار وتجويع، وتهجير قسري ممنهج متواصل، وحرق وقصف للمساجد والمنازل الآمنة، وإبادة جماعية، وأعمال إجرامية وإرهابية شنيعة ومرعبة، يندى لها الجبين، وتستغيث منها الإنسانية، وتقشعر لها الأبدان».
وذكر أن أولئك «لم يرحموا امرأة ولا طفلاً ولا شيخاً مسناً، تناثرت الأشلاء، ومزقت الأجساد، وسالت الدماء، واعتقل وعذب الأبرياء، وساموا الناس العذاب والنكال».
وأكد أن «المستضعف والمظلوم له حق النصرة على إخوانه المسلمين. أما الذين يشهدون المعركة بين القوي والضعيف ويتفرجون ويصمتون، ثم يدعونها تنتهي حسب قوانين الغاب، وشرائع الذئاب، من غير معونة ولا نكير؛ فهؤلاء والله شركاء في الظلم أعوان للظلمة».
وأردف قائلاً: «إننا من هذا المكان المبارك، وإبراء للذمة، ومعذرة إلى ربنا، فإننا نطالب أهل الإسلام كلاً بحسب قدرته، المبادرة لنجدة إخوانهم المستضعفين المظلومين في تلك البلدان المنكوبة بكل وسيلة ممكنة، لرفع الضر والظلم عنهم، وإنقاذهم من براثن العدوان الأجنبي والطائفي الآثم».
وأهاب القطان بوسائل الإعلام المختلفة، «أن تقوم بواجبها الذي أنيط بها في الصدع بكلمة الحق، ونصرة المستضعفين، وكشف وفضح المجرمين المعتدين، وتسليط الضوء على تلك الجرائم النكراء في حق المظلومين؛ لفضح ممارسات المعتدين».
وناشد قادة الدول الإسلامية، وجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي، والأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان، وجميع شرفاء العالم، «أن يتدخلوا فوراً لحماية المستضعفين من تلك المذابح والمآسي. وليعلموا أنهم موقوفون بين يدي الله عز وجل، في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، ومسئولون عن خذلان المظلومين، والتستر على المجرمين.
هذا، وتحدث القطان عن قصة نبي الله هود مع قومه، مؤكداً أن «قصص القرآن ليست وقائع ماضية، بل سنن وحقائق باقية. فمع خبر أمة لم يرَ مثلها في الطغيان والعناد، والبطش والفساد، ظلموا أنفسهم، وعلوا في الأرض، وما علموا أن الطغيان مهلكة للديار، مفسدة للأمصار، مسخطة للجبار، نهايته ومآله خيبة ومذلة... إنهم قوم عاد الذين تزاهوا بالمال، وتباهوا بالقوة، فأورثهم ذلك طغياناً وكفراً، وعناداً وبطراً،سكنوا مناطق اليمن، وتمت الإشارة إلى أماكنهم بالقرآن الكريم على أنها منطقة إرم، وهي منطقة تقع ما بين أحقاف اليمن وعمان».
ورأى أنه «حين يتكرر حديث القرآن عن قوم عاد فكأنما يخاطبنا بأن الله لا يخفى عليه أمر كل من تشبه بعاد، فظلم العباد، وأفسد في البلاد، ففوقه رب هو للظالمين بالمرصاد».
وأفاد بأن «الله تعالى بعث إلى عاد نبيه هوداً عليه السلام فدعا وذكر، ونصح وأشفق. دعاهم إلى عبادة الله وحده، ونبذ الأوثان. وذكرهم نعم الله الدارة عليهم. وحثهم على الاستغفار والتوبة، وأن الرجوع إلى الله يزيدهم خيراً، وبين لهم أنه لا يريد من هذه الدعوة نفعاً أو مالاً. آمن مع هود من آمن من قومه، وأكثر قومه اختاروا طريق الهوى والعناد والإعراض، فقابلوا هذه الدعوة الصادقة بمواقف عدة حكاها القرآن في مواضع متفرقة. فاحتقروا نبيهم، ورموه بالسفاهة والكذب، واتهموه في عقله، وادعوا أنه لم يأتهم بالأدلة المقنعة على دعوته، وصارحوه بالكفر».
وأوضح القطان أن في خبر قوم عاد عبر وعظات، وفوائد وإشارات. منها: أن الإصلاح يبدأ من التوحيد وغرسه، ونبذ الشرك والبدع، والتعلق بالخرافات؛ ولذا استهل هود دعوته بـ: (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره)، ومنها: أن التقليد الأعمى، والتعصب للآباء، والإعراض عن هدايات الرسل؛ سبب لطمس القلوب وقسوتها، فلا ترى نور الحق، ولا تقبل دعوة المشفقين الناصحين.
وبيّن أن في خبر هود مع قومه رسالة للدعاة والمصلحين والآباء والمربين أن يسلكوا مسالك الترفق والحلم واللين، فهذا هود نبذه قومه وعيروه، وكذبوه، وسخروا منه، ومع ذلك ما انتصر لنفسه فقابل الإساءة بمثلها، بل ناداهم بعبارة (يا قوم) المشعرة باللين والشفقة، ولم يقل: يا كفرة! يا عصاة! يا فجرة!. ومن الفوائد: أن إيذاء المصلحين ونبزهم بألقاب منفرة هي سياسة المفسدين قديماً، فهود عليه السلام اتهم بقلة العقل، والسفاهة، وعدم الفهم.
وذكر أن «من دروس القصة أنه يتعين على ورثة الأنبياء من العلماء وطلاب العلم العزوف عما في أيدي الناس، فهو أدعى وأحرى لقبول دعوتهم، وثقة الناس بهم، وقد خاطب هود عليه السلام قومه (وما أسألكم عليه من أجر) وفي مواعظ هود (ع) رسالة توجيه للدعاة والمصلحين أن من أنجح الأساليب التوجيهية حين تحل الغفلة، التذكير بنعم الله الدائمة في الصحة والمال والأمن والمساكن والعيش، حتى لا تزول بسبب الإعراض.
وأضاف أن في مواعظ هود (ع) أن الإنابة إلى الله والتمسك بشريعته؛ سبب لحصول الخيرات في الدنيا، فقد رغّب هود قومه إن هم استجابوا بمصالح لهم في الدنيا، فترغيب الناس في الدين لتصلح لهم دنياهم هو نهج المرسلين.
ورأى أن في خبر عاد قانون سماوي لا يتغير، فكل حضارة ودولة سادت ثم ظلمت وبطشت وكفرت بأنعم الله فمآلها إلى زوال، وأمرها إلى بوار.
العدد 5327 - الجمعة 07 أبريل 2017م الموافق 10 رجب 1438هـ