يد ذهبية، تلك التي حباها الله إلى المواطن ياسر الأنصاري. يد تحيل صفائح مهملة، لدلالٍ تراثية، هي زينة المجالس، وقيمتها تصل إلى 3 آلاف دينار. يد ظل صاحبها، الذي التقته «الوسط» حيث ورشته الكائنة في منزله بمدينة عيسى، يشكو غياب التقدير الرسمي، وتحمل مسئولية حفظ المهنة من الاندثار.
والأنصاري، ذو الستين عاماً، يشير إلى أنه آخر صانع بحريني للدلال التراثية (اليدوية) في مملكة البحرين. رحل معلمه سيدعلي الصفار، فيما التلميذ باقٍ على العهد رغم الإصابة التي تعرض لها جراء حادث مروري، ورغم التعب.
مراراً التقته الصحافة المحلية. تحدثت عن مهارته النادرة، وأطلقت نداءات الحماية دون جدوى، حتى اقترب اليأس من قلب الأنصاري، فيما بصيص الأمل معقود على جهود هيئة البحرين للسياحة، الجهاز المستحدث والمعني الأول بالحفاظ على حرف البحرين اليدوية والتراثية.
يعلق الأنصاري على حالة اليأس الطاغية على نبرة حديثه: «الحرف التراثية كلها بحاجة لإنقاذ، لكن لا وجود لأية خطوات من الجهات الرسمية. المطلوب شيء بمثابة الحافز الذي يشجع الصناع ممن أفنوا زهرة حياتهم في الحفاظ على هذه المهن، وبالنسبة لي، ففي الوقت الذي عملت في هذه المهنة (صناعة الدلال) لسنوات ممتدة، وكافحت من أجل استمراريتها، لم أجد من يسأل عني فضلاً عن دعمي».
وصباح كل يوم، ما إن يفرغ الأنصاري من صلاته وإفطاره، حتى يولي وجهه شطر ورشته. هناك، حيث يقضي جل ساعات يومه، ممسكاً دون تلاميذ بصفائحه النحاسية ومطرقته، متشبثاً بمهنة يتهددها الزوال.
يجلب (أبوهشام) بعضاً من إنتاجاته التي تشمل مختلف أنواع النحاسيات. الأبرز فيها تحفة فنية عبارة عن دلة من نوع الدلال القرشية. عنها يتحدث الأنصاري «استغرقت مني شهراً كاملاً (أحجام وأنواع أخرى تتطلب مدداً أقل)، عملت صباحاً وعصراً وتطلبت جهداً مضنياً، أما قيمتها فتصل حتى 3 آلاف دينار (تتفاوت الأسعار بتفاوت الأحجام والأنواع أيضاً، حيث تكلف الدلة الخاصة بمجلس الرجال 1500 دينار)»، مضيفاً «الدلة القرشية وخصوصاَ البحرينية مصدر تفاخر لمن يقتنيها، بفضل إضافاتها التي زادتها جمالاً».
ويشير الأنصاري لضعف الطلب على الدلال، مضيفاً «منذ عامين لم أبع دلة واحدة، وهو ما يعود ذلك لجملة أسباب من بينها وجود المنافس الأرخص والذي يأتي من باكستان ومن الهند، إلى جانب انتقالي الحديث إلى ورشتي قادماً من محلي السابق في النعيم»، واستدرك «لكن هناك إقبال عليها من الخارج من قطر والإمارات، ويبقى أن العملية بحاجة لتسويق».
وتابع «تقاعدت منذ عام، ولا يعلم أحد بوجود هذه الورشة التي افتتحتها هنا في منزلي وقد يكون هذا أحد أسباب عدم البيع، لكن لو ظللت في محلي السابق، فمؤكد أن الوضع سيكون مختلفاً»، وكرر «الدلة لها سوق لكنها تبقى بحاجة للتسويق»، مستدلاً على ذلك بمشاركته الموسم الفائت في (كتارة) في دولة قطر، و «على العكس، حظينا بترحيب من الأخوة في قطر بالمشاركة».
وفي مقترح لإنقاذ المهنة، طالب الأنصاري بإنشاء مركز يشمل جميع الصناعات والحرف القديمة، وأن يتم إدخال تعليمها وحتى التدريب عليها في المدارس، ضمن الحصص العملية كما هو الحال مع الخزف أو الفخار.
وتضم هيئة البحرين للسياحة والمعارض مستشاراً للحرف اليدوية، يعول عليه أصحاب الحرف لتخصيص سوق أو مركز خاص بأعمالهم، فيما المعلومات تشير إلى بدء الهيئة نشاطاً من خلال التواصل مع المدارس وتوزيع كراسات خاصة على طلبتها.
وتمثل الحرف اليدوية أحد روافد تعزيز السياحة في مملكة البحرين، وهو ما يتقاطع مع توجيهات صادرة عن رئيس الوزارء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، في ديسمبر/ كانون الأول 2016. حينها وجه سموه إلى دعم البنية السياحية بزيادة الأماكن والمعالم السياحية التي يرتادها السائح والزائر.
نقيضاً لذلك، لا تزال نداءات حفظ الحرف التراثية معلقة، فيما كان الأنصاري يرد على سؤال بشأن ما إذا كان القلق يساوره تجاه مصير «معشوقته»، فقال «رغم المخاطر إلا أن الكون عامر، فأنا مثلاً لم أكن أعرف معلمي سيدعلي الصفار، لكن القدر هو الذي قادني إليه، والأمل معقود على تعاقب الأجيال».
ومن حيث يجلس الأنصاري، تقع خلفه صورة معلمه الصفار المتوفى عام 1996. يبدأ الطرق، وهو يتحدث «تمنى السيد أن لا يموت قبل أن أتعلم إنجاز الدلة وصناعتها لوحدي، وكانت البداية معه في العام 1980 في محله الكائن في شارع الشيخ عبدالله في المنامة حيث أعجبت بفن الدلة وجمالها وكنت أتردد عليه بين الحين والآخر، ليواجهني بترحيب وهو يتأسف لعزوف الشباب عن هذه المهن، ولأستمر معه لـ 8 سنوات قبل أن أفتتح محلي في سوق الحدادة، وبالتالي فإن ممارستي للمهنة تمتد لـ 3 عقود»، مضيفاً «قبل ذلك كانت البداية مع عيسى الشربتي الذي علمني الطرق على النحاس، واللمسات الأولى».
وفي نداء للجهات الرسمية، قال الأنصاري «الدلة القرشية في البحرين بل كل الحرف اليدوية تواجه خطر الاندثار، وما أرجوه من الجهات الرسمية هو الاهتمام بالصنعة وقبل ذلك تهتم بالصناع الذين حافظوا عليها من دون دعم من الجهات الرسمية، ورغم ضيق الحال»، مضيفاً «إلى جانب الشروع في تعليم الطلبة وخصوصاً طلبة الابتدائي وذلك يتم بالتدريج عبرالحفاظ على الحرف التراثية».
وفي الجهة المقابلة من حيث يجلس الأنصاري، تزين ورشته لوحة صغيرة خط عليها (المعلم ياسر الأنصاري... إبداع وإتقان). عنها يتحدث الأنصاري بكثير من الاهتمام: «في المعرض المغربي البحريني الذي أقيم قبل أشهر، قابلت أحد الأصدقاء المغاربة ويدعى إدريس، هو من خط اللوحة التي لا تقدر بثمن، وهو من أكثر المعلمين في مدينة فاس»، وأردف «حين رأى الدلة القرشية، انبهر من وجود صناعة لمثل هذه الدلال في البحرين. سلم علي وكان يريد أن يقبل يدي، وهو يردد (نحن في المغرب وخصوصاً في مدينة فاس، نقبل يد الفنان)».
العدد 5327 - الجمعة 07 أبريل 2017م الموافق 10 رجب 1438هـ
دلة ب3000 دينار من شنو مصنوعة ؟؟؟
الله يهداه بس انقذو المهنة وصاحبها مو راضي يعلم احد
للحين الشيوخ يشترون يتهادون هذي القطع الاثرية مثل ما يشترون السيوف. اني أقول بالعكس لازم احد يتعلم الحرفة وممكن يطورها بعد شدراكم بس كلة سلبيين صايرين
لكل زمن ضروفة وصناعته
في هذا الزمن لا تصلح الدله القديمة الا الى الزينة
عجل في اوربا يقعدون يصنعون الاشياء القديمة حق ما تندثر صنعتها !!!
يعني أي شيء أوربا تسويه احنا وراها؟!!!
في العراق سعرهم أرخص و اشكالهم حلوه بعد و صناعه يدويه
أنا مع الفنان والأب المبدع الأنصاري في الحفاظ على هذا التراث، ونتمنى دفع الشباب لتعلم هذه المهنة
يا حظي قاعد تتكلم عن التراث !!!
أول شي وأهم شي تكلم وطالب بالحفاظ على هوية أهل البحرين الي اشوي اشوي ويوم بعد يوم تنقرض بسبب .....
صباح الخير
انتهى تاريخ وتراث البحرين أتذكر من على أيام ما يسمى بالليلام أو زري عتيج(عتيق)خدعو الناس كان يتنقل
بين البيوت ويبتزهم ويستبدل منهم أفضل وأقدم القطع الأثرية المصنوعة يدويا والتي لا تقدر بثمن من دلال
وصحون وملابس (ثوب النشل) وغير حتى ان بعض الملابس مطرز بالذهب والفضة مقابل صحن أو قدر(صفرية)
أو بعض الأواني في هذا الزمن لا تساوي بـ 100فلس والغريب في الأمر بعد أن يستبدلها يأخذها إلى محلات بيع
التحف وأصحاب هذه المحلات لديهم خبرة يبيعونها بأغلى ثمن وخصوصا على السياح الأجانب.
من في هالوظع يشتري دله ب ثلاثة آلاف دينار الناس ماعدها تأكل مو تشتري دلال وملال الله يهديك
كلامك صح
من يشتري دلة ب 3000 دينار إلا إذا بتخليها في البيت مع الأثاث زينة أما إذا بتستخدمها تحتاج كل مرة للجمر
أو الفرن لتسخين القهوة.. الأن في السوق تكنلوجيا جديدة دلة جميلة بأشكال وألوان وأحجام لا تحتاج إلى الجمر
ولا تقربها للنار مجرد ماء ساخن أو بعد ما تغلي القهوة مجرد تسكبها داخل الدلة وتبقى القهوة أو الشاي ساخن
ربما إلى يوم كامل وأكثر أما الدلة القديمة لابد انك تحتاج للنار في كل لحظة وإلا أصبحت بلا فائدة