ألقى علي فخرو محاضرة في ملتقى الاثنين بجمعية المحامين تناول فيها «مشهد البحرين السياسي بعد الانتخابات» والذي جاء كما قال فخرو على خلفية نضالية ابتدأت من القرن الماضي إلى أن توّجت بالميثاق الوطني الذي جاء تطبيق نصوصه صادما للجميع ما ولّد اشكالات ساهمت في المشهد الحالي للساحة السياسية البحرينية.
وأشار فخرو في بداية حديثه إلى أن المشهد السياسي لم يستقر في شكله النهائي حتى الآن، وأضاف: «لكن هذا المشهد يتطوّر وفي جميع الأحوال ستتضح الصورة إذا تمسّك الجميع باللعبة الديمقراطية».
وقال فخرو: «إن المشهد الحالي أتى على خلفية تاريخية بدءا من القرن الماضي حيث (الهبّات) السياسية في العشرينات وفي التسعينات وكل هذه (الهبّات) تحمل مطالب سياسية، والمكتسبات الآن هي حصيلة ذلك الجهد النضالي».
وشرح علي فخرو مميزات حوادث التسعينات التي تميزت باتساعها الجغرافي والسكاني والتصاقها بالمنظمات الدولية العاملة في حقوق الإنسان، إذ صارت هذه الحوادث هاجسا يؤرق دول المنطقة».
وقال: «بعد انفراج الأزمة، توّج ذلك بالميثاق الوطني، ويُحسب هنا لعظمة الملك قراءته الصحيحة». وأضاف: «إن الميثاق كان وثيقة سياسية حقوقية وزاد في قيمتها نسبة الـ %98,4 وكان من الصعب أن يُفهم أن تطبيق نصوص الميثاق سيكون أقل زخما مما توقعه الناس ومما تم التبشير به».
وتناول فخرو في محاضرته صدور دستور 2002 وما أثاره من إشكالات وتداعيات تركزت غالبيتها في نقطتين، أولهما تقليص نسبة ممثلي الشعب في المجلس الوطني وثانيهما، أن تلك التعديلات ما كانت تُعارض هكذا لو عرضت على ممثلي الشعب في مجلس وطني منتخب.
وأضاف: «أثرت هذه الاختلافات اختلافا كبيرا على الساحة وتُوِّجَ ذلك بمقاطعة قوى سياسية للانتخابات وصدور اعتراضات قانونية كثيرة، وموضوع الدستور كما تعلّمنا كتب السياسة والاجتماع يظل معلقا في رقاب الجميع لعقود طويلة إلى أن يتم التصالح، ولا يمكن للقوى المادية حسم الصراع لصالحها».
وعن ملامح المشهد الحالي تساءل فخرو: «ما مدى تمثيل المجلس الحالي للحقيقة الدينية والديموغرافية في هذا البلد؟».
وأجاب: «إن هذا سيؤثر بلا شك على واقع المجلس كمؤسسة مطلوب منها الكثير فمثلا إذا نال عضو من الأعضاء الفائزين نسبة ضئيلة من الأصوات في منطقة يحق لسبعة آلاف من ساكنيها التصويت فهنا إشكال سياسي واضح وليس إشكالا قانونيا».
ويضيف: «إن انخفاض نسبة التصويت في الانتخابات النيابية مقارنة بنسبة التصويت على الميثاق، يعكس عدم توازن القوى داخل المجلس وبالنتيجة أن الصورة الجميلة التي رسمها الناس للمجلس الوطني قد خُدشت وتحتاج لمن يرممها».
وقال فخرو: «ان مجموعة من القوى السياسية المهمة لم تدخل المجلس، ما يجعل المطالبة بحقوق الناس لا تقتصر على المجلس الوطني فحسب». وأضاف: «إن طرح القضايا لن يقتصر على البطالة والقضايا المعيشية بل سيتعدى ذلك لمناقشة التعديلات الدستورية والمراسيم الأخيرة».
وقال: «إن مواجهة الماضي ستكون حاضرة بقوة لان بعض رموز الماضي بحوادثه مازالوا موجودين في الساحة، فإقناع الناس بنسيان موت ابن أو خسارة شخص لدراسته يحتاج إلى الكثير من الجهد ويحتاج إلى التعويض».
وأشار فخرو إلى التغييرات الحكومية بقوله: «إن مشروعات الاصلاح تحتاج لتغييرات جديدة في الحكومة تسمح بصنع استراتيجية جديدة وخطوات عمل سريعة وقد جرت العادة في البلدان التي تريد الاصلاح على استنهاض قوى سياسية قادرة على القيام بأعباء الإصلاح، وسيكتشف الناس هنا ومع مرور الوقت مدى ملاءمة التغييرات الأخيرة لعملية الإصلاح».
وانتهى فخرو في محاضرته متسائلا: «ما الذي يعنيه هذا التحليل؟ إنه يهدف لما يلي: أولا، إن ما قلته هو جزء صغير مما يدور في الساحة ومما يقوله الناس تعبيرا عن خيبة أملهم ويتوجهون إلى رموز الاصلاح لحل الإشكالات الموجودة وان الاستماع لما يقوله الناس أو حتى لبعضهم هو مما يفرضه الواجب.
مؤكدا: «إن القيادة السياسية ستمارس أعلى درجات الحكمة لو أجرت حوارا سياسيا مع القوى السياسية الفاعلة وحكماء البلد».
وخلص إلى إن هناك جدول عمل ينتظر كل القوى السياسية وإن فتح دكاكين سياسية صغيرة لم يعد يجدي، فلابد من توازن القوى ليُحسب لهذه القوى ألف حساب وهذا يتطلب الترابط والتناغم والتنظيم لإحراز انتصارات معنوية ومادية فكل القضايا تحتاج إلى «انصهار القوى السياسية في بعضها بعضا».
مرجحا أن نوع الديمقراطية المستهدفة محليا ومداها والزمن المطلوب لانضاجها هذه الأسئلة الأساسية لم تحسم بعد لا في الذهن الرسمي ولا في ذهن القوى السياسية.
واختتم فخرو بقوله: «لابد من الاتفاق على نقاط الاختلاف ولابد للقوى السياسية من وضع خطوط حمراء لا تتنازل عنها وتحديد أهدافها المرحلية والجريمة الكبرى هي أن يتقاعس عدد من أبناء شعب عن القيام بواجباته تجاه مصلحة بلده»
العدد 77 - الخميس 21 نوفمبر 2002م الموافق 16 رمضان 1423هـ