سنرجع بالتاريخ إلى زمن الخمسينيات، عندما كان النّاس يقطعون مسافة كبيرة من الساحل الشمالي الذي يشمل قرية البديع، الدراز، بني جمرة، المرخ، سار، باربار، مقابة، جنوسان، الشاخورة، أبوصيبع، كرانة، الحجر، القدم، المقشع، جدالحاج، جدحفص، الديه، السنابس، البرهامة، جبلة حبشي، وعين الدار. كما يستخدمه مواطنون من مناطق أخرى لا تطل عليه بصورة مباشرة وهي: أبوقوة، السهلة الشمالية، القرية، الجنبية. ولو تعلمون مدى الصعوبة التي يواجهها أهالي هذه القرى للوصول من منطقة إلى أخرى، وخاصة أثناء المطر آنذاك، لعدم وجود أرض مرصوفة.

الأمر الآخر تصوّروا معاناة الطلبة في تلك الفترة عندما يتوجّهون إلى مدرسة أبوصيبع الابتدائية للبنين، وإن لم يخنّا التعبير فلقد كانت المدرسة الوحيدة في المنطقة الأقرب إلى الأهالي، المشي على طول الشارع في الحر والبرد، أطفال يتوجّهون إلى المدرسة لمسافة طويلة، ناهيك عن تعرّضهم لبعض المخاطر من بينها الكلاب الضالّة وغيرها.

حفظ الله والدي رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، فقد كان رئيس البلدية في مطلع الستّينيات الذهبية، وانتبه إلى المعاناة التي يعانيها أهالي وأبناء القرى في شارع البديع، فما كان منه إلا أن أصدر توجيهاته السّامية من أجل رصف شارع البديع الذي نعرفه اليوم، ووازاه بشوارع فرعية داخل القرى، ولم يتغيّر هذا الشارع عما كان عليه منذ ذلك الحين، ويبدأ هذا الشارع من قرية البديّع الى إشارة القفول بالمنامة.

ولا تعلمون كم كانت فرحة الأهالي والجميع بهذا الشارع، فلقد اختصر الوقت ورفع المعاناة عن المواطن البحريني، وحفظ الأطفال من الكلاب الضّالة ومن مخاطر الطريق، ولا تعلمون كيف تمّ افتتاح هذا الشارع، والفرحة العارمة بين الناس قبل القيادة، والنّاس يتذكّرون سمو رئيس الوزراء وما قام به من دور ساهم في الوقوف مع المواطن البحريني الأصيل.

وشارع البديع يُعتبر الشارع الوحيد الموجود بالمناطق الأكثر سكاناً في البحرين، ومن أقدم شوارع البحرين، ويبلغ طوله 13 كيلومتراً، ويمتد من ساحل منطقة البديع إلى تقاطعه مع شارع الشيخ حمد (إشارات النعيم)، ويتكون الشارع من مسارين في كل اتجاه، كما أن السرعة المسموح بها عليه هي من 70 إلى 80 كيلومتراً في الساعة.

في (14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013)، أفصحت رئيسة قسم تخطيط الدراسات المرورية بوزارة الأشغال شوقية حميدان، عن أن الوزارة انتهت من إعداد المخططات المبدئية لمشروع تطوير شارع البديع وتوسعته إلى 3 مسارات واستبدال الدوارات بإشارات ضوئية وتوفير شوارع جانبية للخدمات بالمسارين.

وأيضاً بتاريخ (10 يونيو/ حزيران 2014)، صرّحت وزارة الأشغال عن إعدادها تصاميم تفصيلية لشارع البديع، وذكرت أن التنفيذ يعتمد على موافقة جميع الخدمات وتوافر الموازنة، وأشارت إلى قيامها في السنوات الماضية، وبغرض تخفيف الازدحام المروري عن شارع البديع وإيجاد طرق بديلة لبعض القرى، بفتح عدد من المنافذ التي خفّفت من الازدحامات المرورية.

وزارة الأشغال، اعذرونا على الإطالة وعلى سرد التاريخ وسرد بعض تصريحاتكم، مع أنّ الحديث يطول بشأن عدد الوزراء الذين صرّحوا بشأن شارع البديّع من أوّل ما تسلموا الحقيبة الوزارية، وكانت للأسف مجرّد تصريحات لا تسمن ولا تُغني من جوع، ومازال 125 ألف نسمة يعانون من الاختناقات الموجودة في هذا الشارع الحيوي المهم.

وزارة الأشغال لدينا مقترح بسيط ولن يكلّفكم الكثير من المال نظراً للظروف الاقتصادية التي نعانيها، وأيضاً لا نريد شكراً ولا تصريحاً عليها في الصحف، بل نريد تحقيق هذا المقترح على أرض الواقع، حتّى ينعم الجميع بالرّاحة.

والمقترح هو الاستفادة من شارع النخيل الموجود داخل القرى على الساحل الشمالي، فتستطيعون توسعته وربطه بالشارع العام المؤدي إلى ضاحية السيف، وبذلك تخفّفون الضغط على شارع البديع العام، كما تستطيعون استملاك بعض العقارات من أجل إدخالها على شارع النخيل، وصدّقونا سيكون الاستملاك والاستثمار في شارع النخيل أرخص بمئة مرّة من الوعد الذي سمعنا به مراراً بشأن ربط المدينة الشمالية بمدينة المنامة بشارع طويل وكلفة عالية جدّاً لا يتحمّلها أحد.

السؤال: هل يدخل وزير الأشغال عصام خلف التاريخ في تحقيق حلم انتظره المواطن البحريني سنوات طويلة، على عكس الوزراء الذين سبقوه؟! متى يرى شارع النخيل النور؟! ننتظر تحقيق الحلم!