3 كتب فقط، هو كل ما أنتجته أقلام البحرينيين في مجال الكتابة للطفل، في العام 2016. يكشف ذلك مدير المكتبة الوطنية بمركز عيسى الثقافي منصور سرحان، فيما يعزز الحديث إشارة الكاتب البحريني إبراهيم سند، إلى توقف الكثير من المؤلفين عن الكتابة، وبقاء الكثير من النصوص حبيسة الأدراج.
في الإطار ذاته، وفيما يحتفي العالم اليوم الأحد (2 أبريل/ نيسان2017)، باليوم العالمي لكتاب الطفل، أعاد سند الإحصائية المنقولة عن أحد تقارير التنمية الثقافية الصادرة عن مؤسسة الفكر العربي، والتي تقول إن نصيب الطفل العربي من القراءة (اللاصفية) سنوياً هو 6 دقائق فقط، تقابلها 12 ألف دقيقة للطفل الغربي.
«الأرقام صادمة والقادم أسوأ»، يضيف سند وهو يسجل توقعاته باتساع الفارق، واستمرار تقلص نصيب الطفل العربي من القراءة سنوياً.
وفي حديثهم لـ»الوسط»، قرع المختصون ناقوس خطر، فيما المطالبات تشدد على ضرورة وجود مشروع بحريني يختص بثقافة الطفل، إلى جانب الدعوة لإنشاء مجلس أعلى للطفولة، ليمثل المظلة التي تجتمع حولها جميع الجهات الرسمية والأهلية المعنية.
يبدأ سند الحديث «الدقائق الست هي تختص بما يعرف بالقراءة الحرة، ولا تشمل هذه الدقائق القراءة المنهجية (الخاصة بالكتاب المدرسي)، وتكشف هذه الأرقام عن أننا كدول عربية بتنا أكثر الدول تخلفاً على مستوى العالم».
ووفقاً لحديث سند الذي قدم أكثر من 20 كتابا وعددا من المسرحيات الحائزة على جوائز محلية وخليجية، فإن أحوال الكتاب البحرينيين المتخصصين في مجال الكتابة للطفل، لا تسر عدوا، فالكثير من النصوص حبيسة الأدراج ولا وجود لدعم معنوي ولا مادي، يخرجها للنور.
سند الذي لا يزال متشبثاً بالأمل ومقاوماً للإحباط معولاً في ذلك على ما تمتلكه البحرين من إمكانات، كشف عن توقف الكثير من المهتمين بثقافة الطفل عن الانتاج نتيجة لغياب هذا الدعم، وقال: «مسرح الطفل الأكثر تأثراً جراء ذلك، فثلاثة أرباع من يعمل لثقافة المسرح توقفوا، والمسرح أصبح شبه مجمد على مستوى التأليف والإخراج والتمثيل، تلى ذلك الكتاب، فالكثير من المؤلفين توقف، والبعض متردد ونصوصه معطلة، كذلك تأثرت موسيقى الطفل، ولم نعد نجد من يغامر لعرض أغاني خاصة بالطفل».
المؤلفون يتقلصون
مشكلة ليست محلية، كما يعبر الكاتب إبراهيم سند، والذي يشير الى أنها تطول الوطن العربي بشكل عام، مرجعاً ذلك لـ«لتفكير المجتمع العربي بعقلية الكبار، وهو ما أدى لتراجع نصيب الصغار من الاهتمام سواء من الثقافة أو التعليم وكافة مناحي الحياة، في سلم الأولويات».
أبعد من ذلك، رأى سند أن الطفل العربي يكاد أن يكون مغيبا، والعناية به تمر بعدة مشاكل على صعيد الأسرة، المدرسة، المجتمع، وكافة وسائل الإعلام، «حتى باتت جميع هذه الجهات متفقة على تهميش الطفل، ووسط كل ذلك يستمر غياب الاستراتيجيات الرسمية المتعلقة بهضة هذا الكائن الصغير (الطفل)».
وبعد أن شدد على أهمية وضع هذه الاستراتيجيات، وتحديد أهدافها، نبه سند إلى أهمية أن تكون مجتمعية، وتتضافر في التنفيذ جهود جميع المؤسسات الرسمية والأهلية المعنية.
كتب محدودة
يقول سرحان، وهو يقيم واقع الانتاج البحريني الخاص بالطفل: «الكتابة للأطفال في البحرين تمر بفترة مد وجزر، ترتفع في سنوات معينة وفي أخرى تصاب بالجفاف، وفي 2016 صدرت 3 عناوين فقط للأطفال، وهو كم قليل جداً».
في التعليق على ذلك، رأى سند أن ذلك تعبير عن جزء بسيط من المشكلة، وهو عرض بسيط من جملة أعراض، تماماً كما هو الحالة مع قمة الجبل، فيما القاع يخفي النتائج الأكثر كارثية.
ترف الكتاب وأولوية الخبز
إلى أي حد يمثل كتاب الطفل تحديداً أولوية بالنسبة لرب الأسرة مقارنةً بـ(خبز) و(لقمة عيش) الأسرة؟
سؤال، أجاب عنه سند بالقول «لا شك في ان في هذا الكلام جانبا كبيرا من الصحة، فما يعاني منه المجتمع العربي هو البحث عن لقمة عيش الأسرة والأبناء، لذا تأتي ثقافة الطفل في آخر الأولويات، إضافة لذلك من المهم الاشارة لما تعيشه مجتمعات عربية من حروب وويلات أثرت على الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والتي بدورها أثرت على الوضع الثقافي والتعليمي، حتى أصبح انتاج الكتاب من الرفاهية التي تمارسها القلة».
مسئولية من؟
يرى الكاتب سند أن لدور النشر جزءا من المسئولية، فـ»الكتاب المخصص للطفل مكلف من ناحية التصميم والرسوم، وكثير من هذه الدور لا تغامر في ظل تراجع الاقبال على الكتاب»، مضيفاً «في البحرين نفتقر لدار نشر تعنى بطباعة كتاب الطفل، رسمياً وأهليا، وهذه مشكلة حقيقية تعني أن كل كاتب يريد طباعة كتاب عليه أن يدفع الكلفة من جيبه، وإذا عرفنا أنها تصل الى 2000 دينار وحتى 3000 دينار، فهذا يعني أن عليه أن يقترض لكي يتمكن كتابه من المنافسة».
سرحان بدوره، عاد لتحميل الصحافة مسئوليتها الثقافية، فقال: «الملاحظ ان الصحافة البحرينية بلا استثناء لاتزال تفتقر للملحق الثقافي، سواء الموجه منه للكبار أو الصغار، وهو ما يدعونا لتمني عودة المبادرات ونحن نحتفي باليوم العالمي لكتاب الطفل، أو باليوم العالمي للكتاب في 23 أبريل»، مضيفاً «بموازاة ذلك هنالك حاجة لإصدار مجلة خاصة بالأطفال»، مستذكراً بثناء في هذا الصدد تجربة إصدار مجلة (مصطفى)، في التسعينات.
شمعة وسط ظلام
ناحية تجارب خليجية، تحديداً الإمارات العربية المتحدة، «ثمة ضوء وسط عتمة عربية».
يقول ذلك سند، ويضيف «حين وجدت دول خليجية وعربية وجدت أن الطباعة تمثل مشكلة تواجه المجتمع، حاولت الخروج من ذلك عبر إطلاق المبادرات، من بينها مبادرة تحدي القراءة لحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، الى جانب مشاريع أخرى في أبوظبي وقطر وعمان».
بحرينياً، نوه سند إلى الحاجة لتكاتف الجهود الرسمية والاهلية، داعياً إلى إنشاء مجلس أعلى للطفولة، يعمل كالمظلة التي تضم كافة الجهات المعنية وإيجاد آلية لتنظيم المسابقات وإطلاق المبادرات، وبين الى جانب ذلك أهمية تحمل المؤسسات الإعلامية (صحافة، راديو، تلفزيون)، مسئوليتها عبر تقديم البرامج الخاصة بالطفل، والإضاءة على الكتب الجديدة التي تصدر، وتشجيع الكتاب في هذا المجال».
تجاهل الطفولة
ليست مزحة، فالحديث عن ثنائية الطفل والقراءة، حديث عن مستقبل أجيال وأمة.
مدخل يضيف له سند «المشكلة أكبر من ما يتصور البعض، فالكتاب والقراءة تفتح أبواب واسعة للعلم والثقافة، وكلما كان الطفل قارئاً متعلماً كلما زاد اهتمامه العلمي والاجتماعي والصحي، فالطفل الصغير سيصبح غداً قائداً في المجتمع ورب أسرة، ونقص تعليمه وثقافته سيؤثر على أدواره في كل ذلك».
المكتبة الوطنية والطفل
وفي الحديث عما توليه المكتبة الوطنية من اهتمام بالطفل، يوضح سرحان «تتفرع من المكتبة الوطنية، مكتبة الطفل، وقد تم تخصيص مساحة كبيرة لها حيث تضم أكثر من 12 ألف عنوان، بتركيز على فئة الطفولة من 6 سنوات فما فوق»، مضيفاً «اقتنينا موسوعات مبسطة متخصصة للأطفال، وتم توفير برامج في أجهزة الحاسب الآلي بما يعود بالنفع على الطفل، الى جانب استقبال زيارات للطلبة والطالبات من المدارس الحكومية والخاصة».
وعن مزاحمة الكتاب الالكتروني للورقي، قال: «هما مساران متوازيان، ونحن في المكتبة الوطنية بصدد الاشتراك في قاعدة بيانات جديدة في الوطن العربي، أما ورقياً فلدينا مستويات مختلفة من رياض الاطفال الى مستويات إدراك الطفل».
أمة بلا مشروع
ورغم الحديث السلبي عن واقع الكتابة للطفل، كان صاحب مكتبة بنت الهدى محمد حسين، يتحدث عن تجربته المباشرة وهو يشير الى اقبال جيد على شراء كتب الأطفال، ويشمل ذلك القصص وما يختص بالجانب الديني، الى جانب الكتب التعليمية والتربوية، لافتاً إلى استمرار حضور الورق من بين المترددين على مكتبته.
وعن نصيب المؤلف البحريني من معروضات مكتبته، قال: «1 في المئة بل يكاد ينعدم، وهو ما أرجعه للوهن الثقافي وتدني الوعي، فنحن أمة بلا مشروع، ويكفي أن نقارن في ذلك بين واقعنا وواقع الدول الغربية المتقدمة، حيث يطبع الكتاب الواحد بمليون نسخة، فيما لا يتجاوز هنا بالآلاف».
وانتهى حسين في حديثه الى الدعوة لمشروع ثقافي خاص بالطفل، تتبناه جميع الجهات الرسمية والأهلية، وقال: «على الجانب الرسمي تحمل مسئوليته»، محذراً من خطورة الفراغ، فمن شأن «أي موجة في العالم يمكن ان تخطف عقول الاطفال، وأية أفكار مسمومة يمكن أن تنتهي بهم للضياع، لذا لا بد من تحصين الاطفال امام طوفان المعلومات وأعاصير المخاطر».
البحرين ولّادة، وهي منتجة للمبدعين والكتّاب، لكن للأسف الدعم يكون شبه معدوم على مختلف المستويات. تمنيت لو خصص كاتب المقال جزء من مقالته لعرض معاناة كتّاب أدب الطفل الجدد، والتي أنا أحدٌ منهم، لنروي له عن كيف أننا تحملنا مادياً تكاليف طباعة كتبنا ورسمها ونشرها والتسويق لها. لا يوجد هناك وزارة ولا مؤسسة قدمت لنا أي نوع من الدعم. صحيح أنهم كانوا يستضيفوننا هنا وهناك، ولكن كل ذلك لا يكفي للاستمراية. الجهود الفردية جهود صغيرة وقد تضمحل في يوم من الأيام لذلك فنحن بأمس الحاجة للدعم المؤسساتي.9
أكثر كاتب أطفال نشاطا من البحرينيين هو الكاتب سعيد محمد من صحيفة الوسط وخصوصا النشر خارج البحرين وآخرها ديوان الاطفال منتهى الحب لماذا يتراجع الكتاب البحرينيين؟ السبب في نظري هو الإهمال والتهميش...أختكم ام فؤاد الرفاعي.