فقد البصر في ريعان شبابه لكن لم ييأس، بل زاد قوةً وعزيمةً لتأكيد ذاته وقدراته، فأصبح نموذجاً للنجاح والإرادة يحتذي به البصير قبل الكفيف، سيدحسين الحليبي يروي تجربته الفريدة لمقاومة «الظلام» ويحوّل حياته أنواراً من النجاح والاعتماد على الذات... وفيما يلي نص اللقاء للتعرف على مشوار حياته:
عرف عن نفسك؟
- سيدحسين حيدر أحمد الحليبي، مدرس أول بالمعهد السعودي البحريني للمكفوفين سابقاً، رئيس جمعية الصداقة للمكفوفين حالياً ومسئول الإعلام والعلاقات الدولية بالاتحاد العربي للمكفوفين، من مواليد 1957.
كيف فقدت البصر؟
- بدأت الدراسة الابتدائية مع أقراني المبصرين حيث كنت مبصراً كالبقية وحتى السنة الخامسة الإبتدائية بدأت بالشعور بضعف بسيط في السمع ولم أتأثر به كثيراً، وفي أواخر المرحلة الإعدادية شعرت أيضاً بضعف بسيط في النظر واستعنت على ذلك بنظارة طبية ولله الحمد واصلت تعليمي حتى أنهيت المرحلة الثانوية من قسم الأدبي.
كيف ذهبت للدراسة في الجامعة؟
- حزت على بعثة من قبل وزارة التربية والتعليم لدراسة اللغة العربية في جامعة عين الشمس بمصر وكنت من المبصرين حينها وإن كنت أعاني بعض الصعوبات في النظر مع النظارة، وفي أواخر السنة الجامعية الثانية بدأ التراجع الشديد بالنظر، وبناءً على نصيحة من قبل الملحقية الثقافية بسفارة البحرين في القاهرة بتعليق الدراسة والتوجه للبحرين لاستكمال العلاج بالخارج عدت إلى البحرين قبل الامتحان بأسبوعين فقط وتم إرسالي إلى ألمانيا للعلاج ولكن شاءت الأقدار أن تضمني إلى الأحباء من ذوي الإعاقة البصرية.
كيف عدت إلى دراستك الجامعية؟
- طلبتُ من وزارة التربية والتعليم إعادتي إلى القاهرة لاستئناف الدراسة، في البداية كان هناك تحفظ من الوزارة لأنها مسئولية باعتبار أنني أول حالة فقدان بصر بين الطلبة المبتعثين من قبلهم، وبعد إصراري لمواصلة الدراسة وبعدما نشرت مجلة «صدى الأسبوع» مقالاً بدأت به بغلاف صورة كان عنوانها «طه حسين» هل يتكرر في الخليج، جاءني اتصال مباشرة من الوزارة، ولما قدمت عليهم قالوا لي بأن وزير التربية والتعليم الراحل عبدالعزيز آل خليفة وافق على عودتي لاستئناف الدراسة على أن أتعهد بأن أتحمل مسئولية نفسي حيث ذهبت بلا مرافق إلى القاهرة.
ما دور فقدان البصر في مسيرتك العلمية؟
- أقبلت على التعليم إقبالاً شديداً أكبر مما كان عليه قبل فقدان بصري بمعنى أن فقدان البصر قد منحني قوةً وإصراراً لتأكيد الذات وذلك من جانبين شغفي بالعلم والإصرار على ما تعهدت به أمام الوزارة بمواصلة تعليمي وتحمل هذه المسئولية، وقد انطلقت بين الطلبة بعد أن كنت مبصراً وتحولت إلى كفيف بروح كبيرة منحني الله إياها وإصرار أكثر مما كان بكثير تأكيداً لأهمية العلم والذي سيترك أثراً كبيراً على حياتي في حالة مواصلتي وعلى النقيض في حال عدم مواصلتي للتعليم، وإن كانت هناك معاناة كبيرة، فبالإصرار والرغبة الجادة لطلب العلم جميع هذه العوامل ساعدتني على تخطي الصعاب.
ما الأسلوب الجديد الذي اتخذته في الدراسة بعد فقدان البصر؟
- كنت أستعين بالمرافق في القراءة وكانت مذاكرتي طوال العام ولم تكن مقتصرة على فترة الامتحانات، كنت أعد وألخص الكتب حتى قبل مجيء الامتحان بأكثر من شهرين تقريباً فتكون كل الكتب ملخصة، وبالتالي تمكنت من مواصلة تعليمي والتخرج بالحصول على درجة الليسانس آداب في اللغة العربية بتقدير عام جيد.
هل راودك شعور بالتراجع عن الدراسة في الخارج بسبب فقدانك لنعمة البصر؟
- مستحيل، فبعد التخرج من الجامعة والحصول على درجة الليسانس كنت أرغب في العودة مرة أخرى لمواصلة دراسة الماجستير بمزيد من الأمل والثقة بعد النجاح الأول وقد تقدمت إلى وزارة التربية والتعليم بهذا الطلب وحظيت بالموافقة المبدئية ثم الاعتذار، وظل الأمل معلقاً حتى حصلت على فرصة لدراسة دبلوم دراسات عليا في التربية بجامعة البحرين.
ما هي أكثر التحديات التي واجهتها في الغربة أثناء الدراسة؟
- الكتب الموجودة في الجامعة كتب مبصرين وأنا حتى تلك اللحظة لم أعرف إلا المبادىء الأساسية في طريقة «برايل» والصراع كان بتلخيص الكتب ومحاولة الاستعانة بجزء متواضع جداً من بصري لأني لم أفقده نهائياً في تلك الفترة، فكنت أكتب التلخيصات بالخط الكبير حتى أتمكن من القراءة كما أن من التحديات التي واجهتني تحمل الغربة حيث لم يكن في تلك الفترة هواتف نقالة، وكانت الإمكانيات المادية جداً محدودة، ولكن بالإصرار والرغبة استطعت تجاوز هذه الصعوبات وبلوغ النجاح لتأكيد الذات وتأكيد الوعد الذي وعدته لوزارة لتربية والتعليم.
كم دامت مدة دراستك في جامعة عين شمس؟
- أربع سنوات فعلية تخللتها سنة معلق، فالمجموع خمس سنوات.
أين عملت بعد التخرج؟
-طلبتُ الوظيفة في معهد النور للخليج العربي للمكفوفين سابقاً حالياً المعهد السعودي البحريني للمكفوفين وعملت معلماً للغة العربية وأحياناً تضاف إليه التربية الإسلامية لمدة 14 عاماً ومن ثم عينت مدرس أول بالمعهد لمدة 20 عاماً.
باعتبار أنك أحد المؤسسين لجمعية الصداقة للمكفوفين، حدثنا عن بدايات تأسيس الجمعية وكيف تأسست؟
- بعد وجودي في المعهد بشهور وبالتعاون مع المكفوفين والمبصرين من المدرسين والطلبة تمكنا من الحصول على موافقة لتأسيس الجمعية في عام 1981، حيث بدأنا بداية حيث لا مقر ولا ميزانية فقط الإرادة والرغبة في محاولة إيجادها، فكنا نلتقي في المعهد كمقر أول وبعدها انتقلنا من مقر إلى آخر حتى تمكنا من استئجار مقر وإيجاد سيارة للجمعية.
ماهي النشاطات التي تقدمها الجمعية لخدمة وتطوير الإنسان الكفيف؟
- تقدم الجمعية نشاطات متعددة ثقافية اجتماعية رياضية إعلامية وحركية، فمن خلال هذه الأنشطة نستكشف قدرات وطاقات المكفوفين وبالتالي تعزز هذه القدرات لكسر طوق العزلة وتوطيد الثقة وصقل المواهب.
ماهي أبرز النشاطات التي تقدمها الجمعية؟
- على الصعيد الثقافي، يتم تعليم المكفوفين وحتى المبصرين طريقة تعلم برايل والتدريب على استخدام الحاسوب والأجهزة الذكية، بالإضافة إلى التقنيات الحديثة الخاصة بالمكفوفين مثل بريلسنس. كما تدرب لجنة فن الحركة والتوجه المبصرين والمكفوفين الطرق الصحيحة على استخدام العصا وكيف يمشي المرافق المبصر مع الكفيف وفق المعايير الدولية في تدريبات مستمرة طوال السنة.
ومن أهم المشاريع لهذ الجمعية أيضاً، روضة الأطفال المكفوفين المجانية التي مضى عليها 26 عاماً والتي تحضى بدعم وزارة العمل والتنمية الاجتماعي.
كيف تصف تجربتك الشعرية؟
- بدأت التجربة الشعرية بشكل متواضع مع بداية فقدان بصري، وشاركت في عدة مناسبات سواء كانت وطنية أو دينية أو إنسانية خاصة بالمعاقين والتطوع، والحمد لله حزت على المركز الأول في الوطن العربي بالحصول على جائزة حاكم الشارقة في قصيدة «إلى الخلد يا زايد»، وكانت آخر مشاركاتي في مارس/ آذار 2017 بالأمسية الشعرية بمناسبة اليوم العالمي للشعر بقصيدة «بدر في سماء الشعر» تكريماً للشاعر علي الشرقاوي.
هل ساهم فوزك بجائزة الشارقة للمعاقين المبدعين بالمركز الأول في الشعر بتطوير تجربتك الشعرية؟
طبعاً، كان حافزاً لي لأن أقدر من قيادة خليجية وعلى المستوى العربي فهو تكريم للبحرين ولجمعية الصداقة للمكفوفين ولأحبتي من ذوي الإعاقة وأخيراً تكريم لي.
كلمة شكر وعرفان تقدمها لمن؟
- في الختام تحية تقدير واعتزاز ومحبة إلى والدتي المرحومة التي تحملت الكثير من الأعباء والعناء واستطاعت أن تصنع مني بما وفقني الله إليه ولولدي بصمة محبة استحقها مني، ولجميع زملائي سواء في جامعة عين شمس أو جامعة البحرين، وكانوا سنداً لي وأيضاً لأحبائي في المعهد السعودي البحريني وجمعية الصداقة للمكفوفين، وأخيراً ما حظيت به من وطني العزيز من محبة وتقدير وتشجيع فكلهم جميعاً يستحقون مني أسمى معاني الثناء والعرفان.
العدد 5320 - الجمعة 31 مارس 2017م الموافق 03 رجب 1438هـ
حسين الحليبي من الاشخاص الذين سعدت بمعرفتهم وتعاونه اللا محدود في خدمة الوطن
حسين الحليبي رجل معطاء خدم المعاقين في كل المجالات وكذلك مثل البحرين في الكثير من المحافل الدولية
مثالا يحتذى ويقتدى به .. ونعم ب طه حسين البحرين
زاده الله نجاحا دائما وتألقا في سماء الإبداع
نموئج يحتئى به
الاستائ حسين الحليبي نموئج يحتئى به ليس للمكفوفين فقط بل حتى للمبصرين رغم الاعاقة البصرية ألا انها لم تحبط لديه العزيمة والاصرار لتحقيق النجاح دراسيا وعمليا يستحق التكريم من قبل الدولة
هناك نموذج ثاني .. وهو الدكتور غازي عاشير دكتور لغة عربية بجامعة البحرين .. يا ريت تكثف الجهود في الوسط لإظهار هذي الحالات عندنا في البحرين ..
الارادة تصنع المستحيل
استاذ حسين الحليبي نموذج الانسان الطموح وهب حياته في العمل التطوعي وخدمة المعاقين وشاعر كبير يستحق التقدير