يقترن تقدم الخدمات الصحية في أي قطر من الأقطار بالتقدم الكلي الذي يكوّن الانطباع العام، وتعتبر الخدمات الصحية مقياساً مهماً لمدى تطور الدولة وتقدمها، وكلما تقدمت هذه الخدمات انعكس ذلك على مستواها العام بين قريناتها من الدول. فجولة تقييمية واحدة على المراكز الصحية المنتشرة في المحافظات الخمس تفلح في رسم صورة تقريبية عن الوضع الصحي في المملكة ونوعية الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين. والمحصلة أن مستوى الخدمات الصحية في البحرين متميز مقارنة بالدول الأخرى.
تشير المصادر الصحية إلى أن استهلاك سكان البحرين من الأدوية يفوق 11 مليون دينار بحريني، ولكن هذا الحجم من الاستهلاك الذي يسجل فارقا بالمقارنة مع الدول الأخرى لا يكتم النداءات التي تطالب بزيادة عدد الأطباء أو بتنظيم أكثر دقة في نظام المواعيد، لتمتد إلى توسيع المراكز الصحية وإنشاء مراكز أخرى تخفف من الضغط الذي يحوّل تلك النداءات في كثير من الأحيان إلى صراخ مسموع... وتبقى كلها مطالبات مشروعة.
وسط حدود الواقع والمتاح تطل نوافذ اليوم على حال المراكز الصحية في البحرين لتفتح ملفات وتقلّب في أوراق تحتاج بالفعل إلى من يقلّبها...
محافظة العاصمة التي تضم في مساحتها المترامية 6 مراكز صحية يضاف إليها المركز العصب «مجمع السلمانية الطبي» يوجد الكثير الذي يستحق التسجيل.
فمركز البلاد القديم الذي افتتح عام 1985 ليخدم 17 مجمعاً سكنياً تنحصر في الزنج، البلاد القديم، السهلة، بو قوة، عذاري، أبو بهام وأخيرا الخميس، لا تستطيع تجاوز حقيقة التنظيم على رغم استقبال المركز 250 إلى 300 مريض يوميا، يتوزعون على 4 إلى 5 أطباء فقط.
وكباقي المراكز الصحية يحتوي مركز البلاد القديم على قسم لرعاية الأمومة والطفولة، و آخر للتثقيف الصحي، كما يوجد قسم لرعاية صحة كبار السن وهم في منازلهم. والفارق أنه تم حديثا توصيل مختبر المركز بالمختبر المركزي بالسلمانية إذ يمكن للمريض التعرف على نتائج التحاليل بالكمبيوتر .
إحدى المريضات وجدت حضور «الوسط» دافعا للشكوى من تأخر المواعيد وضعف الخدمات فقالت: «أنا من سكان السهلة حاليا، كنت أسكن في بيت أهل زوجي في مدينة عيسى، ولا توجد مقارنة بين المركز الصحي هناك والمركز هنا».
فيما قالت مريضة أخرى كانت تنتظر دورها في الدخول على الطبيب: «بعض الأطباء لا يتعاملون بشكل جيد مع المرضى، كما أن غالبيتهم لا يوجد في مكتبه، لذلك تتأخر المواعيد».
وعلق مواطن آخر دخل في الحديث من دون أن نسأله: «بعض موظفي الصيدلية ومعهم بعض الأطباء يكررون أن الأدوية في الصيدلية غيرو تفتقر للجودة، ومن الأفضل شراء الأدوية من الخارج...»، ويسأل: «لما تكلف وزارة الصحة نفسها تكاليف أدوية رديئة ولا تعطي مفعول الأدوية التي تباع في الصيدليات بأسعار مرتفعة ألا تراعي مقدرة المواطن؟».
ويضيف: «في كثير من الأحيان لا تعطي الأدوية نتائج شافية، لذا يتردد المرضى أكثر من مرة على الطبيب، وفي كل مرة تصرف له المزيد من الأدوية، وهذا مكلف بطبيعة الحال».
وفي زاوية أخرى من محافظة العاصمة يقع مركز صباح السالم الصحي ليخدم أم الحصم، الماحوز، الجفير، النبيه صالح، الغريفة، المنطقة الصناعية، العدلية والزنج.
أعداد المرضى كانت قليلة، قياساً بوقت الذروة...ويعلل مدير المركز ذلك بقوله: «أن المواعيد محددة بكل ساعة، يزور المركز 8 إلى 10 مرضى كل ساعة لذا لا تحدث الفوضى».
أعضاء مجلس إدارة نادي أم الحصم الرياضي والثقافي وأعضاء مجلس أمناء صندوق أم الحصم تقدموا بعدة اقتراحات لتحسين الخدمة في المركز، كان أبرزها تمديد العمل إلى فترات مسائية لتخفيف الضغط الواقع في الفترة الصباحية وخصوصاً على عيادة الأسنان التي ينقطع المترددون عليها عن مواصلة العلاج نظراً للمواعيد البعيدة.
أما مركز الحورة الصحي فيستقبل من 150 إلى 170 زائراً يوميا، يعالجهم أربعة أطباء وتسع ممرضات، وما يميز هذا المركز عن غيره وجود عيادة متخصصة لرعاية مرضى السكري، ويعيبه على الطرف المقابل عدم وجود قسم للأشعة على رغم حيوية هذا الملحق.
وفي مركز النعيم الصحي الذي تأسس العام 1937 اقترح عدنان الموسوي الموظف بالسجلات الصحية تخفيف الضغط على البدالة بتزويد المركز بجهاز بريد صوتي مبرمج بالأسماء والرموز لتسريع عملية حجز المواعيد واقترح أيضاً أن يتم إعداد دورة لمهارات التعامل مع الجمهور بإشراف وزارة العمل لكي يتعرف الموظفون على الأسلوب الأمثل للتعامل مع الجمهور.
وفي المحافظة الوسطى حيث مركز سترة الصحي الذي يخدم أكثر من 47 ألف من سكان مناطق سترة والعكر والنويدرات والمعامير، يناوب سبعة أطباء يخصص لكل منهم أقل من 50 مريضاً في اليوم.
إحدى المواطنات اشتكت من ضعف إمكانات المركز وخدماته للمرضى، وتقول: «عانى أبنائي الأربعة الأمرين من حالات التسمم ولم يتم العلاج إلا عندما أخذتهم إلى الطب الخاص الأمر الذي كلفهم كثيراً».
مسئولة المختبر في المركز كميلة حسن مهدي تقول إنها تقدمت برسالة إلى الوزير السابق تطلب فيها منح مساعدة المختبر الدرجة الخامسة أسوة بالزملاء في السلمانية، كما طالبت بمنحهم علاوة خطر لطبيعة عملهم المليئة بالمخاطر الإشعاعية، وطالبت أيضاً بعمل دورات تدريبية وبرامج تعليمية للموظفين في المركز لتطوير الموظفين إدارياً.
وتجدر الإشارة إلى أن عدد الأسر المسجلة في المركز هو 45055 أسرة من البحرينيين و 2089 أسرة من غير البحرينيين .
مركز مدينة عيسى الصحي
افتتح المركز العام 1998، وهو مركز حديث ومنظم . يخدم ما يقارب 52 ألف من السكان في مناطق مدينة عيسى وسلماباد وسند وجرداب وجدعلي . مشكلة المبنى تكمن في وضعية أبواب الدخول والخروج التي غالباً ما تسبب الحوادث . في المركز عيادة أسنان متخصصة ، فيها 4 فنيات أسنان ، قالت إحداهن وهي نبيلة المطوع إن مواعيد الأسنان غالباً ما تتأخر نظراً لضغط العمل وهذا أمر طبيعي في كل الدول ، المهم أن المرضى يحصلون على خدمة ممتازة. جاء ذلك رداً على ما قالته والدة إحدى المريضات من أن المواعيد بعيدة جداً في عيادة الأسنان تأتي بعد شهرين او أكثر. أما عيادة العلاج الطبيعي في المركز فتحتوي على خمسة أخصائيين، وهناك ضغط على العيادة نظراً للأعداد الكبيرة والمواعيد الكثيرة التي تتطلبها معالجة المريض.
أما موظفات قسم المختبر فيقلن أن القسم يقوم بعمل 12 ألف تحليل في الشهر الواحد. ومن النادر أن تضيع نتائج التحليل على رغم حدوث هذا الموقف عدد من المرات.
وعلى مقربة من هذا المركز يقع مركز عالي وهو أحد المراكز الحديثة و النموذجية ، يضم مختبراً حديثاً وقسماً للأشعة وغرفة للطوارئ تضم أحدث الأجهزة الطبية ، بالإضافة إلى قسم لرعاية الأمومة والطفولة. يخدم المركز 40 ألف مواطن ويعمل فيه خمسة أطباء منتظمين وستة أطباء متدربين.
ولوحظت كثرة المرضى المترددين على المركز، ويعلق مشرف المنطقة الصحية الثالثة حسن السماك على ذلك بقوله أن المرضى وخصوصاً من النساء في القرى يحبون التردد على المراكز الصحية . فتعتبر بعض النساء المركز بمثابة مكان للتسلية وقضاء الوقت بدلاً من الزيارات الصباحية.
العدد 75 - الثلثاء 19 نوفمبر 2002م الموافق 14 رمضان 1423هـ
رشا
نتيجة السكري