في الحياة الكثير من العقبات التي قد يتوقف معها عن التقدّم أي شخص لا يملك الإيمان التام بنفسه وبقدراته. فيها حواجز وعثرات. فكما تحمل الطرق الممهدة أحياناً تحمل طرقاً وعرة، تحتاج إلى ثقة بالنفس وإيمان بالقدرات.
بعضنا لا يمتلك إيماناً كافياً بنفسه؛ لكنه يحظى بمن يؤمن به ويثق بما يمكنه تقديمه. هؤلاء الذين يؤمنون بنا هم الدافع الرئيس لإحراز النجاح في الأوقات التي نشعر فيها بضعف العزيمة والرغبة في التوقف عن عمل أي شيء، كنا في لحظةٍ ما نؤمن أن بإمكاننا القيام به لولا العثرات التي تصادفنا والصعوبات التي تواجهنا.
الطبيعي هو أن يقوم الفرد منا بتحفيز نفسه بنفسه. أن يشعر بأهمية ما يقدمه، وقدرته على فعل المستحيل، إن كان في قاموسه مستحيلاً. لكن تمر بكل منا أحياناً لحظات ضعف، ربما لا تطول لدى من اعتاد التفاؤل والأمل، لكنها تطول عند بعضنا في حالات معينة تكون فيها الروح جاثية. وهنيئاً لمن يملك في حياته من يثق به ويؤمن بقدراته.
أحياناً يكون الوضع الجسدي لبعضنا هو العائق الذي لا يمكّنه من الحصول على فرصته، لكن حين يجد من يؤمن به، فذلك يتغيّر تغيّراً تاماً، فينطلق في حياته، ناسياً ومتناسياً وضع جسده. هذا الواقع نجده لدى الكثير من العوائل التي وهبها الله فرداً من ذوي الإعاقة، فاستطاعت أن تحيله نجماً في سماء التميّز، والأمثلة على ذلك كثيرة محلياً وإقليمياً وعالمياً. ولكن أحياناً يكون المعلم هو السر حين يكون هدفه الأول إبراز مواهب تلاميذه وتعزيز الثقة لديهم.
ولعل قصة الخطاط الشهير في العصر العثماني أسعد اليساري واحدة من تلك القصص التي تؤكّد ما ذكرناه؛ إذ عانى اليساري من شلل في جانبه الأيمن منذ ولادته، إضافةً إلى رعشة تصيب يده اليسرى، وبسبب نحوله وضعف بنيته فقد كان يُحْمَل في سلة ليتنقل من مكان إلى آخر. وحين أراد أن يتعلّم الخط العربي رفضه كثير من الأساتذة؛ لوضعه الصحي، إلى أن آمن به أستاذ الخط الشهير «محمد دده زاده» فرحّب به وأعطاه الثقة ورفع من عزيمته.
بدأ اليساري بحضور الدروس لدى هذا المعلم الجليل وتعلّم فأبدع. وحصل على إجازة الخط من معلمه حتى لقب بـ»عبرة القدرة»، وأصبح بعد ذلك معلماً للخط في البلاط العثماني كما ذكر صالح بن محمد الخزيم في كتابه «ملهمون». وروي عن أحد معلمي الخط الذين رفضوه أنه قال: «كنا سنحظى بهذا الشرف، لكنه ضاع من يدنا». وما تزال لوحاته تزيّن الكثير من مساجد اسطنبول حتى يومنا على رغم أنه توفي في العام 1798 م.
هكذا يكون الإيمان بالآخرين دافعاً لهم للإنجاز. ولهذا لابد من توخّي الحذر حين التعامل مع أطفالنا والاهتمام بزرع الثقة في أنفسهم؛ كي يتقدّموا ويحرزوا نجاحاتهم.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 5318 - الأربعاء 29 مارس 2017م الموافق 01 رجب 1438هـ
موضوع جميل ومعبر وفيه عبرة
مقال محفز جميل
فقط زيارة لليوتيوب واكتبي هذا انا. وشاهدي الدكتور المبدع طلال ابو غزاله. وستعرفي كيف ان العقبات ومانسميها بالعثرات تتحول الى نعم. لانها تكشف معدن الانسان وكيف انه كان قويا في مواجة الصعاب.