كتب بضعة أبيات عن شهيد اسمه خالد أحمد زكي، كان يعمل رئيس مهندسين بإحدى الشركات في العاصمة البريطانية لندن، وعاد ليشارك في انتفاضة الأهوار، وكانت القصيدة التي كتبها بعنوان: «قبل ليلة»، ويتذكر مما يتذكر أن الشهيد زكي قبل بدء المعركة، انتزع طلقة من مخزن بندقيته ووضعها في جيبه وكتب قبلة قطعة نثرية: «كتبت لكم مكاتيبي على ورق... ضميتهن ليمن يصح الطارش اللي يوصلهن وما صح الطارش... ومن المامش، قضوا وحدة وره الأخرى دخان ترس صدري»، ومن أبيات القصيدة:
على واعزكم عرفنا الموت لول.. والسعة وعينه امتلت من عينه
وإن جان ليل الخوف لفحة ريح شجوة.. لو شبكنا القاع يعرق ليلنا
طالبين وجانت الظلمة شوالي.. تناقط تضحي بحوافر خلينا
على ريحتكم تلقتنا الشواطي بفرح نثيه.. وعانقتنا وطحنا كلمة اثنينه
إلى أن يقول: كلمة بيها الماي زبل كل زراقه.. الموت يحصر لوادم باقه باقه... الصوت من يصحى على ظالم باقه باقه...
من وطن الجواهري والسياب والبياتي ونازك... من العراق العظيم، حل الشاعر عريان السيد خلف مساء أمس الأول الأحد (26 مارس/ آذار 2017) ضيفًا على جمعية المنبر التقدمي في أمسية قال عنها الكاتب والشاعر البحريني عبدالحميد القائد في تعريفها أن الشعر حين يطل، يصمت الكون إجلالاً، وتبدأ الورود في رش عطرها ويتراقص البحر والفراشات جذلى، فالشعر هو إيقاع الروح، وحين ينصت إيقاعه السحري ننصت بحب.
الضيف، هو شاعر شعبي عراقي ولد في محافظة ذي قار في أربعينيات القرن العشرين، وبدأ بنشر قصائده مطلع الستينيات، عمل في الصحافة العراقية وفي التلفزيون الإذاعة وحصل على جوائز وشهادات منها: وسام اليرموك من جامعة اليرموك بالأردن، وشهادة دبلوم الصحافة، وهو عضو في نقابة الصحافيين العراقيين واتحاد الصحافيين العرب ومنظمة الصحافة العالمية، وعضو في الحزب الشيوعي العراقي، كما أنه عضو في جمعية الشعراء الشعبيين العراقيين.
تواصل الشاعر السيد خلف مع حركة الأدب الشعبي عن طريق طبع الدواوين، كما نشر قصائد ذات مغزى سياسي منها قصيدته الشهيرة (القيامة)، وسجن لأكثر من مرة بسبب أفكاره وأشعاره وحكم عليه بالإعدام مرتين، وفي السبعينيات، نشر قصائد سياسية كشفت عن هويته الفكرية، كما كتب للعديد من الفنانين العراقيين ومنهم: فؤاد سالم، قحطان العطار، سعدون جابر، رياض أحمد، أمل خضير وعبد فلك، وشكل مع الشاعر كاظم إسماعيل الكاطع ظاهرة شعرية من خلال السجالات بينهما، ويعتبر الشاعر عريان السيد خلف من الرموز الثقافية الوطنية العراقية التي يعتبرها الكثير من العراقيين رمزاً للوطنية والمبدئية العالية، وهو اليوم، يمثل أحد أقطاب الشعر الشعبي في العراق مع مظفر النواب وكاظم إسماعيل الكاطع.
أصدر عدة دواوين شعرية منها: القمر والديرة، قبل ليلة، أوراق ومواسم، شفاعات الوجد (بالاشتراك مع الشاعرين مظفر النواب وكاظم إسماعيل الكاطع)، منح شهادة الدكتوراه الفخرية في الآداب والفنون الشعبية من منظمة المعاهد العلمية والأدبية الدولية، واختار السيد خلف في أمسيته عدة قصائد، لكن هذه القصيدة التي خص بها صديقه الشاعر (بوعادل) مظفر النواب وقع خاص:
أعز من روحي اعزّك وانت اعزّ مني
يا حسبة عمر خاويته من صباي
بطلت صفنتي وما بطلت منّي
أجس خلقي الفضا متعوب حد الويل
وادعيله الصبر حد لا يفشلّني
جـسيت الليالي ابمرود الحلوات
وليالي العمر بالشيب جسّنـّي
اضحك للبجو حد شرهة المنكـَود
وابجي بكل مزنتي ابطور المغني
لاغرني المدح بشفاه المحبين
ولا همني بشماتة شما حجو عنـّي
يلتمن عليه مشتتات البال
وانفضهن نفض وانهض ولاجّـني
وليت وعف ضميري وما كسرت العود
ولسن شبه الزلم بالعلن سبّـني
كفاني أمرح ورع والتذ بحب الناس
وعملات القبح ما يوم لاونـّـي
لازحت الحيا ولا ضيعت معروف
ولا خنت الوفه وربعي اجفلو مني
اضحك بالوجوه بغير راحة بال
واصبر لو ليالي العسر ضكـّـنّـي
واسامح ما أبحر وين حد الغيض
وازلف لو حوافي الزعل وزّنــّي