العدد 74 - الإثنين 18 نوفمبر 2002م الموافق 13 رمضان 1423هـ

الشعب العراقي هو الذي يدفع الثمن!

صدام حسين والمعارضة العراقية... من المسئول؟!...

أمير بوخمسين comments [at] alwasatnews.com

مما لا شك فيه أن قرار الأمم المتحدة رقم 1441 الذي نص على التزام العراق بنزع اسلحة الدمار الشامل، وتقديم التسهيلات والصلاحيات كافة لفرق التفتيش الدولية من دون عقبات أو مصاعب من قبل العراق، وموافقته عليه، أدى إلى تهدئة لغة الحرب، التي كانت تلوح بها واشنطن للهجوم على العراق، والاطاحة بنظامه... إلا ان حال التوتر لاتزال مستمرة، وشعرة معاوية لاتزال يلوح بها الاميركان تجاه ضرب العراق... إذ عاشت المنطقة والعالم بأجمعه اجواء الحرب عبر وسائل الاعلام وعبر تصريحات الرئيس الاميركي الذي بدا وكأنه لا توجد لديه قضية في هذا العالم إلا قضية الدفاع عن الشعب العراقي المضطهد، وديكتاتورية صدام الذي مازال يمارس الظلم والاضطهاد والكبت بحق الشعب العراقي. هذا الشعار الذي يردده بوش في كل خطاباته وتصريحاته، بل وحتى في منامه... إذ بات موضوع العراق الهم الاول والاخير لدى ادارته، وكأن قضايا العالم كلها تمحورت حلولها عبر بوابة العراق!

ان موافقة النظام العراقي على القرار لم تأت لحماية الشعب وتجنيبه الويلات والدمار، بل نتيجة حب البقاء في السلطة والحكم، وهذا لا يختلف عليه اثنان، فالنظام عرض شعبه للويلات والدمار على مر العقود الثلاثة الاخيرة، ولايزال يمارس طغيانه وجبروته وهو مستعد لافناء الشعب العراقي، بشرط ان يبقى صدام حسين .

فجنون العظمة لدى صدام حسين، وعدم دراسة الامور والتخبط في اتخاذ القرار السليم تجاه قضايا مصيرية تهم الشعب، أدى إلى حدوث كوارث بالبلاد ساهمت في تراجع التنمية والتطور، وكأن العراق الغني بتراثه وثرواته النفطية والزراعية والمائية يعيش وكأنه دولة من الدول الافريقية التي تضربها المجاعة والفقر ونقص في الثروات والمؤن... فمن المسئول الذي اوصل البلاد إلى هذا المستوى من الدمار؟!.

صدام وجنون العظمة...

لم يكتف صدام حسين بالدمار الذي لحق بالعراق خلال العقود الثلاثة الماضية، بل أصر على استمراره في طغيانه وتحديه للاعراف الدولية، وتهديده لجيرانه، ما خلق حالا من عدم الثقة في هذا النظام حتى من قبل اصدقائه، شكا فيما سيقدم عليه في المستقبل؟!... فجنون العظمة أدى بالرئيس العراقي إلى غزو الكويت في العام 1990، وقبلها محاولته الفاشلة لغزو ايران ومحاولة تدميرها عبر ترسانته العسكرية، التي دعمته فيها دول العالم كافة من محيطها إلى خليجها...

صحيح ان صدام عودنا على تغييرات مفاجئة في مواقفه السياسية، فهل يقدم صدام على خطوة اخرى، ويعيد الكرة مرة اخرى، ويقوم باحتجاز رهائن، ويستخدمهم دروعا بشرية كما فعل سابقا، عندما غزا الكويت، واحتجز مجموعة من الرهائن الغربيين، من اجل ارجاء الحرب؟!... اتصور ان جنونه قد يصل إلى هذه الحال، وهذا ما تريد اميركا أن يقع فيه، ولو بقدر شعرة، أو محاولة إعاقة فريق المفتشين... والخاسر الاول والاخير هو الشعب وليس النظام العراقي المتمثل في شخص صدام، والذي لو كانت لديه الشجاعة بأن يتنحى ويسلم البلاد إلى من هو اكفأ منه، لانقذها من الدمار القادم، وابقى على ما تبقى من بنية تحتية، وعمران، وثروات بشرية... فهل جنون العظمة في التمسك بالسلطة، وتقديم التنازلات تلو الاخرى للبقاء في السلطة، على رغم فقدان السيادة والاستقلال، وتسليم ثلاثة ارباع البلاد بيد الامم المتحدة، وتحت إدارة اميركية وبريطانية، ليقضي على ما تبقى في العراق... أهم من الحفاظ على الشعب وتراثه وثرواته، أم ان تعنت الرئيس وتمسكه بالسلطة، هو الذي سيتحقق!!.

المعارضة العراقية ومرحلة التيه...

شهدت الساحة العراقية بشكل خاص، منذ منتصف الثمانينات، جولات وصولات، من عقد مؤتمرات وندوات وتشكيل هيئات ولجان، ومع ذلك لم تكن الحصيلة بعد سنوات شاقة ومتعبة سوى المزيد من الانشقاق والتمزق، والانقسام والعداء، ولم ينتج عن هذا العمل سوى البعد اكثر عن بغداد. فأطقم العمل التي تولت إدارة العمل المعارض، وبعضها يتميز بكفاءة متميزة، كان بإمكانها ان تقرب الصفوف، وتؤلف القلوب، وتوحد الجهود، وتشخص الهدف، وتغتنم الفرص الكثيرة، وتشرك الجماهير. ولكن من المؤسف ان العمل ضد نظام صدام لا يقوم به سوى (نخبة النخبة) في الصف الثاني من المعارضين العراقيين، بينما انشغل الصف الاول بتلميع اشخاصهم، وسقط حساب الجماهير في هذه المعركة التي دفع الناس اول واغلى ثمنها... فمن ايران ومرورا بسورية والسعودية وليبيا وصلاح الدين إلى اميركا وبريطانيا وسويسرا والمانيا والسويد، كانت هناك مؤتمرات، يصاحبها تشكيل هيئات ولجان، وحتى تأسيس حكومات منفى، ومجالس قيادية استشارية، ولكن لأن (الشخصانية) كانت اكثر المبادئ صمودا، ولأن الهدف كان اقل من وسائله، وصدى العمل أهم من قيمته الفعلية، كل ذلك جعل الناس تفقد الثقة بهذه المؤتمرات، ولا نسميها سوى (مؤتمرات الضجيج الاعلامي). لذلك هناك حاجة ملحة إلى إيجاد تفسير لهذه الظاهرة العراقية الفريدة من نوعها.

فمع ان كل جماعة أو تنظيم أو حزب أو مجموعة تمتلك عددا كبيرا من الكوادر والفعاليات العملية والسياسية فإنها جميعها مصابة بداء الخصومة المتفشية بين أهل المدن الكبرى وابناء المدن الريفية (علاقة الداخل بالخارج) والقرى والمحافظات النائية، بل إن هناك حالا من التمييز حتى بين المهاجرين والمهجرين، وبين العراقيين الاقحاح ومن تختلط لهجتهم باللكنة الفارسية. التعدد في كل مكان مدعاة لاثراء العمل، إلا بالنسبة إلى المعارضة العراقية، فالجنوح للخصومة والاختلاف والتميز عن الآخرين هو مسلك الغالبية العظمى.

ومع الانشقاقات في صفوفها وكثرة الانسحابات إلى ترتيب الحال الشخصية، ونسيان القضية بل وتناسيها في وسط بحر من الهموم الفردية الحزبية والعائلية، نكون قد دخلنا فصلا جديدا من مراحل العمل المعارض، الذي اصبح في ملف النسيان (إلا بقدرة قادر) كما يقول الاتكاليون.

هذه المصائب والويلات التي حدثت للشعب العراقي، تتحملها المعارضة، ناهيك عن المسئول الأول والسبب الرئيسي في الدمار الذي لحق بالشعب وهو صدام وحزبه. فهل يأخذ الرئيس العراقي كلام بوش الابن بمأخذ الجد، أم يفعل كما فعل مع ابيه عندما غزا الكويت؟!... الأب قام بطرد القوات العراقية من الكويت، وفرض الحصار الاقتصادي والسياسي على العراق، والايام القادمة حبلى بالمفاجآت!!

العدد 74 - الإثنين 18 نوفمبر 2002م الموافق 13 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً