العدد 74 - الإثنين 18 نوفمبر 2002م الموافق 13 رمضان 1423هـ

واشنطن تدرك أن لا خريطة للطريق قبل نهاية الانتخابات الإسرائيلية

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

على رغم الاعتداءات الإسرائيلية اليومية التي تحصد أرواح المدنيين الفلسطينيين العزل، أعلنت القيادة الفلسطينية، موافقة مشروطة على «خريطة الطريق» للسلام التي وضعتها اللجنة الرباعية الدولية والتي يفترض أن تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على مراحل من الآن حتى العام 2005. واشترطت القيادة الفلسطينية وضع جدول زمني يضمن إلزام إسرائيل بالخطة وإرسال مراقبين دوليين إلى الأراضي الفلسطينية للإشراف على تنفيذ الخطة الدولية التي قضت برعاية الإدارة الأميركية. وعلى رغم ملاحظة الإجماع الدولي الذي يؤيد حاليا قيام دولة فلسطينية مؤقتة، ويضع جدولا زمنيا للتسوية الدائمة والحل النهائي، من الواضح وحسب الصحف العبرية، عشية وصول مساعد نائب وزير الخارجية الاميركي ديفيد ساترفيلد للبحث في خطة «خريطة الطريق» الأميركية، أن هناك محاولات إسرائيلية لإبعاد استحقاق الخطة الاميركية للحل، واستبعاد إسرائيلي لأي تحريك للخريطة في ظل انشغال الإسرائيليين بالانتخابات الحزبية والعامة، وبحسب إجماع المراقبين الإسرائيليين ان مهمة ساترفيلد ستقتصر على محاولة تأمين جزء من أموال السلطة الفلسطينية المحتجزة من قبل الحكومة الإسرائيلية.

في هذا السياق، كشف ألوف بن في «هآرتس»، ان إسرائيل، ستتقدم باقتراح مفصل إلى ديفيد ساترفيلد، يتعلق بمراقبة ودائع وأموال السلطة الفلسطينية، وذلك منعا لتحويلها إلى من أسماهم «الإرهابيين». ولفت إلى ان إسرائيل، تشترط لتحويل 5,2 مليارات شيكل من أموال السلطة الفلسطينية المجمدة، السماح لها بمراقبة حركة الأموال الفلسطينية. ونقل هيرب كينون في «جيروزاليم بوست»، عن مصادر أمنية إسرائيلية، ان «خريطة الطريق الأميركية» لن تكون الموضوع الرئيسي على جدول مناقشات ساترفيلد، خلال زيارته لإسرائيل. إذ تتوقع المصادر أن يضغط ساترفيلد، على الحكومة الإسرائيلية للتخفيف من القيود المفروضة على الفلسطينيين، وتحويل بعض أموال الضرائب المجمدة إلى السلطة الفلسطينية. ولفتت المصادر إلى ان الإدارة الأميركية تدرك ان إسرائيل مقبلة على انتخابات الآن، وان شيئا لن يتحرك بالنسبة إلى «خريطة الطريق» قبل نهاية الانتخابات. لكن عكيفا إلدار في «هآرتس»، جاءت ملاحظاته واضحة إذ انتقد الولايات المتحدة، التي لا تبدي أي انزعاج من المستوطنات حتى انها تتحدث عن زيادة المساعدات المالية لهذه المستوطنات. لافتا إلى انه لم يصدر أي تعليق من داخل الإدارة الأميركية بشأن كلام بنيامين نتنياهو حول تجميد «خريطة الطريق». حتى ان عرّاب «الخريطة» كولن باول، سارع إلى تهنئة نتنياهو على منصبه الجديد بوصفه وزيرا للخارجية الإسرائيلية. وأوضح ألدار، انه ليس من مصلحة بوش، أن يُغضب جموع اليمين، الذين وقفوا إلى جانبه بأصواتهم وأموالهم منذ 11 سبتمبر/ أيلول الماضي. كما ان آخر ما يريده بوش، هو أن يقوم «إرهابي» بتفجير نفسه في كفرسابا، بعد ساعة من قيامه بوضع شارون، أمام الاختيار بين المستوطنات والضمانات (الخروج منها). ولفت ألدار إلى ان عالم بوش، منقسم حول «محور الشر». فبحسب إلدار، فإن محاولة الاتحاد الأوروبي، ومصر، والسعودية، ترتيب محادثات بين حركتي حماس وفتح في القاهرة، هي كمن يحاول نقل الفلسطينيين إلى أسفل اللائحة (لائحة الشر). وطالب إلدار، الولايات المتحدة بأن تدين «الإرهاب»، وإرهاب المستوطنين أيضا، كي تستطيع الخروج من سباتها. أما إذا لم تفعل، فإن مرور ثلاثة أشهر من دون «إرهاب» قد تقدم فرصة لوضع أجندة جديدة، من دون الحاجة إلى أميركا. وأثار زئيف شيف في «هآرتس»، مسألة سرقة محاصيل الزيتون واعتداءات المستوطنين المتمادية على المزارعين الفلسطينيين التي تحولت بحسب ملاحظة شيف، إلى مسألة دبلوماسية معقدة بالنسبة إلى إسرائيل إذ ان كل وزراء الخارجية الأوروبيين احتجوا على هذه المسألة حتى ان قضية سرقة محاصيل الزيتون وصلت إلى البيت الأبيض... وإذ لفت إلى ان الرئيس الأميركي جورج بوش كان قد شدد أمام آرييل شارون، على الموضوعات الإنسانية المتعلقة بالفلسطينيين. ووعد شارون ومساعديه بالاهتمام بهذه الموضوعات. إلاّ ان شيف، رأى ان مسألة سرقة محاصيل الزيتون، أثبتت ان الوعود الإسرائيلية كانت فارغة. وتشهد الصحف الإسرائيلية المزيد من التوقعات حول الانتخابات سواء على مستوى الكنيست أو داخل الحزبين الأكبر في إسرائيل، ومع توقع المراقبين أن تكون المنافسة حامية جدا بين شارون ونتنياهو، لوحظ ان رئيس حكومة العدو آرييل شارون، تقدّم في استطلاع للرأي نشرته «معاريف»، على رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو بعشر نقاط في المنافسة على زعامة ليكود في حين تعادل الرجلان في استطلاع نشرته «جيروزاليم بوست». من جهة أخرى، أظهر استطلاع آخر للرأي نشرته «يديعوت أحرونوت»، ان ليكود سيضاعف عدد مقاعده في الكنيست من 19 إلى 34، وانه سيهزم حزب العمل في كل الأحوال. أما في المعسكر العمالي، فأظهر الاستطلاع تراجع شعبية زعيم الحزب بنيامين بن أليعازر لمصلحة منافسه عميرام متسناع، الذي أشار الاستطلاع إلى أن فوزه سيقلص الفارق بين ليكود والعمل إلى تسعة مقاعد فقط في الكنيست.

وتعكس الصحف الصراعات الانتخابية أيضا، فقد رأى يوئيل ماركوس في «هآرتس»، ان رئيس حكومة إسرائيل آرييل شارون، يعتقد انه قام بخطوة عبقرية، ستشكل نهاية نتنياهو، من خلال السماح له بالانضمام إلى الحكومة، والدعوة إلى انتخابات مبكرة. إلاّ ان ماركوس لفت إلى ان الأمور لا تسير عادة كما يشتهي المرء. موضحا ان شارون ربما يعرف كيف ستبدأ الانتخابات، إلاّ انه لن يستطيع مطلقا ضمان نتائجها. لافتا إلى ان رئيس حكومة إسرائيل السابق اسحق رابين «المناور الحذق»، خسر مقعده من خلال الدعوة إلى انتخابات مبكرة. وذكّر ماركوس، بأنه توجه عند سقوط حكومة الوحدة إلى حزب العمل بالقول، وداعا، وحمدا لله على السلامة. وأضاف انه يقول اليوم بعد التعيينات الحكومية وبصوت أعلى «وداعا وحمدا لله على الخلاص». فشارون طوال فترة وجوده في الحكم، شكّل دائرة الموت: «الإرهاب» وردّ الفعل على «الإرهاب». ودور حزب العمل في الحكومة كان التستر على شارون فقط. ورأى أخيرا، ان تصدر عميرام متسناع، في استطلاعات الرأي تؤكد ان حزب العمل مازال يحظى بشعبية تريد له أن يستعيد هويته، فالناس يريدون البديل بعد أن يئسوا من الانجرار وراء الليكود. وزمن الخداع قد ولى.

من ناحيتها، علقت «جيروزاليم بوست»، على تصريحات أدلى بها السفير الجديد لإسرائيل في الأمم المتحدة داني جيلرمان، الذي رأى ان ما يتطلبه السلام بين إسرائيل والفلسطينيين هو قادة مثل دو كليرك، ونلسون مانديلا. وان إسرائيل، وبحسب جيلرمان، سبق وان كان لديها قادة مثل هؤلاء، أمثال إسحق رابين، وشمعون بيريز، وإيهود باراك، وقد يكون رئيس الوزراء آرييل شارون، دو كليرك التالي. وان الفلسطينيين وبحسب جيلرمان، لم ينجحوا في الحصول على زعيم مثل مانديلا. وان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، خان وأحبط شعبه، بحسب تعبير جيلرمان. ومن هنا لاحظت «جيروزاليم بوست»، في تصريحات جيلرمان، أمورا استثنائية تلخص في أربع نقاط:

- الأولى هي ان هذا الكلام صادر عمن سيمثل إسرائيل، في الأمم المتحدة.

- الثانية هي انه من الغريب أن يطلق دبلوماسي أحكاما تقييمية على رئيس وزرائه.

- الثالثة فهي الصفعة التي وجهها جيلرمان، أيضا إلى وزير الخارجية الجديد نتنياهو، الذي لم يذكر اسمه في المقارنة مع دو كليرك.

- والنقطة الرابعة هي ان ثمة مقارنة بين التمييز العنصري في إفريقيا الجنوبية وإسرائيل. وعلى رغم ان هذه المقارنة ليست مباشرة فإنها تلحق الضرر بالمصالح الإسرائيلية في الخارج. إلاّ انها لفتت إلى ان هذه المقارنة ليست بالأمر الجديد. مشيرة إلى ان الصحافي في «غارديان» البريطانية ليز ماك غرغور، سبق وأوضح المخاطر المتأتية عن دولة قائمة على التمييز الإثني. كما أشارت إلى ان الوزير الإسرائيلي السابق شولاميت ألوني من حزب ميرتس، قال حديثا ان دولة إسرائيل، تقترب أكثر فأكثر من صفة التمييز العنصري. ورأت الصحيفة الإسرائيلية ان في هذه الملاحظات هجوما على الدولة العبرية. لكنها قالت ان جيلرمان، لم يكن يهاجم إسرائيل، مثل سواه، وإنما كان يحاول أن يدافع عنها. إلا انها انتقدت بشدة ما قاله جيلرمان، عن ان الفلسطينيين بحاجة إلى رجل مثل مانديلا، بحاجة إلى من كان «إرهابيا» سابقا أن يصبح قادرا على مدّ يد صادقة لأعدائه، معتبرة ان عرفات، ليس ولن يكون مانديلا، ولا إسرائيل هي جنوب افريقيا حيث يوجد تمييز عنصري. وتساءلت الصحيفة الإسرائيلية ما إذا كانت هذه هي الحال في إسرائيل؟ وأشارت إلى ان أعداء إسرائيل، وخصوصا أولئك الموجودين في الدول العربية سيقولون إن في إسرائيل تمييزا عنصريا، متناسين ان العرب الإسرائيليين، يحتلون مقاعد سياسية في الكنيست كما انهم يتناسون ان الفلسطينيين هم من قضوا على عرض قيام دولة خاصة بهم لأنها لم تكن تتناسب مع مطالبهم الكبيرة. ورأت ان أعداء إسرائيل، في الدول العربية يتناسون أيضا ان المجموعات الفلسطينية مثل حماس، هي التي تشن حربا ضدّ المدنيين الإسرائيليين بهدف القضاء على الدولة اليهودية. وختمت «جيروزاليم بوست»، بالقول انه إذا كان جيلرمان، سيمثل إسرائيل، في الأمم المتحدة، فعليه أن يقوم بما هو أفضل من الاقتراح بأن شارون «قد يكون» صورة عن دو كلارك. فليس على شارون، أن يكون دو كلارك، وإنما عليه أن يتماثل مع ديفيد بن غوريون، وغولدا مائير، وغيرهما، ممن يدافعون عن إسرائيل، ضدّ أي اعتداء. ورأت ان الأسوأ في ما قاله جيلرمان، هو عدم قدرته على تقدير حجم الضرر الذي قد تتسبب به ملاحظاته أيا كانت نيته. وأملت أخيرا، أن يتعلّم السفير من خطئه هذا. إذا حمى الانتخابات بحسب زعم إسرائيل وحكومتها اليمينية المصغرة هي التي تؤخر مناقشة «خريطة الطريق» ويشغل الدولة العبرية السباق بين اليمين واليمين (شارون ونتنياهو) الذي يقول كلاهما «لا» للدولة الفلسطينية المؤقتة، ويحاول صرف اهتمام الاميركيين عن الموضوع، إلى أن تلحق الخطة بسابقاتها.

ومع فقدان حزب العمل شعبيته أمام اليمين المتطرف فإن هذه الخطة قد تذهب فعليا إلى النسيان ليس لأن قادة حزب العمل يستعجلون السلام، وهذا ما لاحظته «جيروزاليم بوست»، حين قالت انه فيما يستعد النظام السياسي الإسرائيلي لانتخابات الكنيست الـ 16، الخبر السار هو ان ثمة براعم تتفتح لتشير إلى قيام نقاش عقائدي في إسرائيل. فهناك تغييرات بدأت تظهر عند اليمين كما عند اليسار، فالليكود بدأ يدعم فكرة قيام سياج فاصل مع الفلسطينيين، والعمل يرى ان الوقت لم يحن للتوصل إلى صفقة الأرض مقابل السلام... المشكلة على ما يبدو في مكان آخر، فهذه الخطة الأميركية تأتي في الوقت الضائع في المنطقة إذ تنفخ أميركا في نار الحرب التي أصبحت أكثر من متوقعة على العراق، ولا يدري سوى الله، مصير فلسطين، خلالها، حيث يتنافس الثلاثي شارون ونتانياهو، وموفاز، على الطريقة المثلى لتطبيق نظرية «الترانسفير» خاصتهم... فيما اعتبر المدير السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد» افراييم هاليفي، في حديث إلى «معاريف»، انه ستتم إطاحة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والرئيس العراقي صدام حسين، خلال سنة من الآن. وقد يكون بعيدا عن «خريطة الطريق» والانتخابات الداخلية التي ستؤخر بحسب زئيف شيف في «هآرتس»، مناقشة تقرير مجلس الأمن القومي السنوي في الحكومة وجهاز «الشين بيت»، لفت شيف، إلى ان الانتباه في تقييم الاستخبارات، يتركز عادة على لائحة التهديدات والمخاطر التي تواجه إسرائيل. وهذه السنة، كان التقييم متوازنا بين العناصر «السلبية» والاتجاهات الإيجابية. وأوضح شيف، ان قسم الأبحاث تحدث هذه المرة عن خمسة عوامل قد تشكّل مستقبل المنطقة بأسرها. كما ان أبرز التهديدات التي تواجهها إسرائيل، هي شبكة الصواريخ في الشمال التي وضعها حزب الله، بمساعدة سورية، وإيران، والاتجاهات الديموغرافية والاقتصادية الصعبة وزيادة عدد الصواريخ في المنطقة. وأشار شيف، إلى ان ما كان مختلفا في تقييم هذه السنة كان مقاربة مدير جهاز الاستخبارات العسكرية الجنرال أهارون فركش زئيفي، الذي اختار التركيز على المظاهر الإيجابية. وعرض شيف، 10 مظاهر إيجابية وردت في التقييم، وهي تتعلق بالناحية الاستراتيجية، وأبرزها: ان مصر والأردن، مازالتا تريان في اتفاقات السلام مع إسرائيل، مصدر قوة استراتيجية. وان ما من ائتلاف عسكري يهدد إسرائيل والدول العربية واعية لتفوق إسرائيل العسكري. وان ثمة نزعة باتجاه التغيير في العالم العربي، كما ظهر في مبادرة السلام السعودية، التي اعترفت بحق إسرائيل في الوجود. كما ان ثمة اعتراف متزايد بين الفلسطينيين بأن المواجهة الحالية ليست ثورة شعبية وإنما نزاع مسلح. كما ان ثمة اعترافا بأنهم خسروا وبأنهم مسئولون عن ضرورة إجراء تغيير في الاتجاه الذي يسلكونه. وختم شيف، بالقول انه لا يجب رؤية هذا التقييم وكأنه مهدئ وإنما اعتباره فرصة لاستغلال الاتجاهات الإيجابية... أليس واضحا وكافيا من القراءات العبرية كي نستنتج ان لا «خريطة للطريق» بل هي «أفخاخ» كسابقاتها منصوبة على الطريق وهذه المرة لإرضاء العرب بأن الملف الفلسطيني في البال الأميركي قبل أن يقع الفأس في الرأس العراقي، الفلسطيني، العربي

العدد 74 - الإثنين 18 نوفمبر 2002م الموافق 13 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً