العدد 74 - الإثنين 18 نوفمبر 2002م الموافق 13 رمضان 1423هـ

بن لادن أو من دونه: ليس مهما

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

إنه صوت أسامة بن لادن. هكذا قال خبراء اللغة عن الشريط الذي سربته جهات مجهولة لمحطة معلومة. خبراء اللغة أكدوا انه صوته. وخبراء السياسة قالوا الكثير منذ قرابة سنة عن بن لادن. البعض قال إنه مات، والبعض قال إنه حيٌ يرزق. والبعض الآخر وضع المسألة بين احتمالين.

السياسيون تناقلوا معلومات غير موحدة عن مصيره. وأطلقت آراء متفاوتة عن موضوعه تراوحت بين الموت قتلا تحت الأنقاض مع زميله الملا عمر وبين النجاح في الهروب إلى مرتفعات «تورا بورا» وأحيانا إلى تلك السلسلة من الجبال الفاصلة بين باكستان وأفغانستان وغيرها من الأنباء الباردة أحيانا والساخنة أحيانا أخرى.

والسؤال: هل مصير بن لادن له هذه الأهمية الكبيرة في الاستراتيجية الأميركية من آسيا الوسطى إلى منطقة «الشرق الأوسط»؟ وهل حياة أو موت بن لادن تتمتعان بكل هذه الخطورة لتقرير مصير شعوب وربط مستقبلها بوجود شخص أو عدمه؟

السؤال له صلة بالمصلحة. ما هي مصلحة الولايات المتحدة في الأمر؟ ولماذا لا تكشف واشنطن النبأ الأخير عن مصيره؟ فهل إدارة بوش الابن مستفيدة من تناقض المعلومات أم متضررة؟

أسئلة لها صلة في معنى وجود بن لادن أو عدم وجوده. والأجوبة تساعد على تبيان بعض جوانب الأسئلة الخفية وسرها الحقيقي.

إذا قيل إن بن لادن قتل، هل تتضرر المصالح الأميركية وخطة مثلث الشر (تشيني، رامسفيلد، رايس) في هذه المنطقة الحيوية من العالم. فإعلان موته يعني عمليا انتفاء المبرر الرئيسي للوجود العسكري الأميركي، وبالتالي مطالبة دول المنطقة وشعوبها بخروج القوات ما دام الهدف المطلوب غاب عن الدنيا.

وإذا قيل ان بن لادن لايزال على قيد الحياة هل يعطي الكلام ذريعة لمثلث الشر الاستمرار في البحث عنه في هذه الدولة أو تلك وعلى الحدود المشتركة بين هذا البلد وذاك؟

أيهما أفضل للولايات المتحدة. موت بن لادن وانتهاء مهمة البحث عنه أو إعلان أنباء متعارضة بين فيْنة وأخرى تعيد شحن السياسة الهجومية الأميركية بالمزيد من الوقود بحثا عن مجهول كان السبب في توجيه ضربة قاسية في داخل الولايات المتحدة؟

الأمر سيان بالنسبة إلى واشنطن مع ميل مؤكد نحو القول «انه صوته» أي ان بن لادن لايزال يعيش مع تشكيك بسيط بالأمر. بن لادن على قيد الحياة هو النبأ المفضل عند الإدارة الأميركية. وإذا أثبتت الوقائع عكس الأمر فإن السياسة العامة لن تتأثر لا من قريب ولا من بعيد. فالمصالح الكبرى أقوى من حياة شعوب صغرى فكيف بكون الأمر بالنسبة لحياة شخص واحد قيل انه يرأس تنظيم «القاعدة» الذي لا يعرف أوله من آخره.

الولايات المتحدة خلال السنة الماضية ابتكرت سلسلة بدائل عن بن لادن. أولها «القاعدة» وهو تنظيم عجيب غريب لا مثيل له في التاريخ. فهو بدأ في أفغانستان ولكنه كما تقول معلومات المخابرات الأميركية انه امتد وانتشر وتوزع وتفرع إلى عشرات وربما مئات الهيئات المشابهة له. فكل يوم نسمع بـ «القاعدة» في مكان ما في الكرة الأرضية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها. فالقاعدة هي مجموعة «قواعد» جاهزة وتحت الطلب ويكفي التلفظ باسم التنظيم حتى تكون كل الوسائل والمعدات مستعدة للانقضاض عليه من دون استئذان الأمم المتحدة وبذريعة «الحرب الوقائية» على الارهاب.

ثانيا، إضافة إلى المخلوق العجيب (القاعدة) هناك القرار الدولي الذي صدر عن مجلس الأمن. فالقرار 1441 هو سلاح جديد أضيف إلى «فزاعة» بن لادن يستخدم عند الحاجة وفي اللحظة التي تقررها الولايات المتحدة. فهناك ما يشبه الرابط السحري ما بين «القاعدة» والقرار. والرابط هو ان القاعدة هي قواعد منتشرة في العالم من دون عنوان وربما تكون صحيحة أو كاذبة كأخبار موت بن لادن. بينما القرار 1441 حدد عنوان الرد أو رسم اتجاه المسار العام للجيوش بعد ان بعثرت معلومات «مثلث الشر» مهمات الاستراتيجية الأميركية وأهدافها المقبلة.

بعد صدور القرار 1441 لم يعد مهما بالنسبة للسياسة الأميركية الأنباء المتداولة عن بن لادن وصوته. فالمسألة معنوية فقط بينما الثمن المطلوب لكل تلك الأخبار المتناقضة حدد مكانه وعنوانه وسعره وكلفته... وبقي التوقيت. وساعة التوقيت مربوطة بالقرار الأميركي

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 74 - الإثنين 18 نوفمبر 2002م الموافق 13 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً