العدد 74 - الإثنين 18 نوفمبر 2002م الموافق 13 رمضان 1423هـ

القرقاعون... فرحة تجمع بساطة الماضي بحداثة الحاضر

على رغم ان شهر رمضان المبارك بما يحمله من قيمة دينية وروحية يرتقي بها عن سائر اشهر السنة لكن بعض ليالي هذا الشهر حملت خاصية معينة تميزت بها عن باقي لياليه المباركة، فلقد ارتبطت بدلالات دينية وموروث اجتماعي يعّلق في الذاكرة منذ الطفولة، ومن بين تقاليد كثيرة تعرضت للاندثار، وما زال تقليد القرقاعون صامدا امام تطور الزمن وتغير انماط الحياة في مجتمع البحرين وسائر بلدان العالم.

وعلى رغم من صعوبة التوصل الى اصل تقليد «القرقاعون»، فان الثابت هو ان منتصف شهر رمضان المبارك هو مناسبة لتقاليد كثيرة متشابهة في المجتمعات العربية والاسلامية تختلف في بعض التفاصيل هنا وهناك لكنها متشابهة في احتفائها بمنتصف الشهر المبارك.

«كرنكعوه كركاعوه»... عطونا الله يعطيكم... بيت مكة يوديكم... يا مكة المعمورة... يا ام السلاسل والذهب يا نورة...» بهذه الاهازيج التي تطلق من افواه الاطفال في قرى ومدن البحرين يعلن بدء الاحتفال بليلة النصف من شهر رمضان المبارك او حسب التسمية الشعبية المتعارف عليها (الكرنكعوه او القرقاعون) اذ يخرج الاطفال في على شكل مجموعات يطوفون في «الفرجان» اي الاحياء، ويطرقون ابواب الجيران منشدين الاغنية بأعلى صوتهم، يحملون في ايديهم أكياسا فارغة من القماش ليعودوا الى منازلهم محملين بجميع انواع المكسرات والحلوى.

والقرقاعون هي التسمية الاكثر شيوعا في البلاد وان اختلفت من منطقة الى اخرى، فالبعض يسميها «حق الليلة» او «حق الله» والبعض الآخر يطلق عليها «الطَلْبة»، والكثير في البحرين يسمونها ليلة «الكرنكعوه» او «القرقاعون» او «القريقشون».

ومعناها الصحيح لغويا «قرة العين في هذا الشهر»، فالقرة هي ابتداء الشيء، وبمرور الزمان تحورت الكلمة، وصارت تنطق قرقاعون اما ما هو متعارف عليه باللهجة العامية فالقرقاعون تعني الشيء المخلوط اي ما يخلط من الحلويات والمكسرات التي تقدم للاطفال، وما ان تنتهي فترة الافطار حتى يبدأ الاطفال في التجمع في كل حي والسير في الاحياء وطرق الابواب مرددين اهازيجهم واناشيدهم التي ترتبط بهذه الليلة.

وللاناشيد التي يرددها الاطفال معان جميلة، اذ يدعو الاطفال فيها لأهل البيت الذي يطرقون بابه بان يزيدهم الله في هذا الشهر المبارك من رزقه ويطيل عمر أبنائهم فيقولون:

« كرنكعوه... كركاعوه، عطونا الله يعطيكم... بيت مكة يوديكم، يا مكة يا المعمورة... يا ام السلاسل والذهب يا نورة، عطونا من مال الله... يسلم لكم عبدالله، عطونا دحبة ميزان... يسلك لكم عزيزان، يا بنية يا الحبابة... ابوج مشرع بابه، باب الكرم ما صكه... ولا حط له بوابه».

والبعض الآخر يقول «قريقشون حلاوة... على النبي صلاوة، عطونة من مالكم... سلم الله عيالكم، عطونا من مال الله... سلم الله عبدالله، عطونا من مال النبي... سلم الله عبدالنبي».

والبنات يقولون «قرقاعون... عادت عليكم، اوه يا الصيام، من بين قصير، او يا رمضان... الله يسلم ولدكم، ولدكم يا لحباب، وسيفه يرقع الباب، سنت نخلة ما صكت ولا حطت بوابة، يا البوابة يا البوابة... ومن ثم يعيدون النشيد إلى ان يأتي اهل البيت ويوزعون القرقاعون على الاولاد والبنات.

وترى في هذه الليلة الاطفال وهم في ابهى حللهم، يرتدون الملابس التقليدية الزاهية، فالفتيات يرتدين «الثوب الزري» وهو عبارة عن ثوب زاهي اللون مطرز بخيوط ذهبية، ترتديه الفتيات فوق الملابس، ويضعن «البخنق» وهو ايضا قطعة من القماش تغطي رؤوسهن وتزينها خيوط ذهبية على الاطراف، وعادة يكون لونه اسود، بالاضافة الى التقلد بالحلي التقليدية، اما الاولاد فيرتدون عادة الاثواب الجديدة ويضعون على رؤوسهم «القحفية» وهي عبارة عن طاقية مطرزة يلبسها الاولاد، وقد يرتدون كذلك «السديري» المطرز.

في ليلة القرقاعون يجتمع الأهالي في المنازل يترقبون حضور افواج الاطفال ليملأوا اكياسهم باصناف المكسرات والحلوى، فقد اعتاد الاهالي في هذه الليلة ان يتزاوروا ويتبادلوا التهاني والاكلات الشعبية.

وعلى رغم من البهجة التي تبعثها ليلة الكرنكعوه في نفوس اهل المنطقة، الا ان بعض الحوادث تتكرر احيانا اذا لم يتوخ الحذز هذه الليلة بالذات، والتي يخرج فيها الاطفال مترجلين يطوفون الاحياء في جماعات، ففي السنوات الاخيرة بدأ حرص الاهالي يزداد، فنرى الآن الاطفال غالبا ما ترافقهم الامهات او الاخوات او الخادمات، وفي بعض الاحيان يفضل الاهالي ان يتنقل اطفالهم عبر السيارات لكي يضمنوا لهم السلامة، فالاحياء الآن لم تعد ببساطة تلك الأحياء القديمة.

وعلى رغم البهجة التي تبعثها ليلة الكرنكعوه في نفوس اهل المنطقة، الا ان بعض الحوادث تتكرر احيانا اذ لم يتوخ الجميع الحذر في هذه الليلة بالذات، والتي يخرج فيها الاطفال مترجلين يطوفون الاحياء في جماعات، ففي السنوات الاخيرة بدأ حرص الأهالي يزداد، فنرى الآن الاطفال غالبا ما ترافقهم الامهات او الاخوات او الخادمات، وفي بعض الاحيان يفضل الاهالي ان يتنقل اطفالهم عبر السيارات لكي يضمنوا لهم السلامة، فالاحياء الآن لم تعد ببساطة تلك الاحياء القديمة.

ولا يقتصر الاحتفال على الاطفال في «الفرجان والقرى»، بل تقام الاحتفالات ليلة القرقاعون في بعض الاندية والمجمعات والجمعيات الخيرية اذ توزع الحلويات، وتقام الالعاب الشعبية والمسابقات، وتقدم الاكلات الشعبية، بهدف الحفاظ على هذا التراث الشعبي، كما تحتفل بعض المدارس بهذه المناسبة وتقدم بعض الانشطة في الصباح.

بهذه الصورة العفوية التي باتت تشكل نمطا متعارف عليه في كل سنة كان الاطفال يعودون الى بيوتهم محملين بحصيلة ما جمعوه من حلويات ومكسرات. لكن البعض رأى ادخال الجديد على هذا النمط في أشكاله من الملابس التقليدية التي غابت في كثير من الاحياء وانتهاء بشكل الاكياس التي تجمع بها الحلويات والمكسرات فلم يعد الامر يقتصر على كيس من القماش بل تعداه بكثير.

في ازقة المنامة القديمة التي كانت حاضرة دائما على الكثير من المناسبات الدينية والاجتماعية في البحرين، كان هناك الباعة الذين اخذ القرقاعون حيزا مميزا من تجارتهم على مر السنين، والذين يعرفون باسم «القراشية» وهذه التسمية تعود الى احدى مدن اقليم فارس في الجنوب الايراني ارتبط الكثير من اهلها بهذا النوع من التجارة. البعض منهم يرى ان القرقاعون فقد الكثير من رونقه بفعل الحداثة التي ادخلت الى حياتنا والبعض الآخر يرى ان القرقاعون اسقط من اهتمامات الاهالي بفعل انشغالهم بأمور اخرى ولكن اهل القرى بقوا اكثر تماسكا، لكن على الجانب الآخر من له وجهة نظر مختلفة تماما ويرى ان من يستطيع ان يطور من مقومات تجارته لا يخسر ابدا.

نصر الله قربان حسين صاحب احدى المحلات التجارية او ما يسمى بالقراشية قال: لهذه الليلة بهجة خاصة ما زالت عالقة في اذهاننا لما لها من مكانة دينية مهمة تتمثل في مولد الامام الحسن (ع) وكذلك الموروث الاجتماعي الجميل الذي يحظى الاطفال منه بنصيب الاسد لكن في الوقت الحاضر نرى ان الاقبال على شراء المكسرات والحلويات قد انخفض بصورة كبيرة ولم يعد كما كان عليه، فالكثير من الاهالي الآن يفضل ان يقدم للاطفال مبلغ متواضع من النقود بدل التجهيز للمكسرات والحلويات.

عبدالله حسن يقول: لقد قلّت مظاهر الاحتفال عما كانت عليه منذ زمن في المنامة فلم تعد الصورة ذاتها التي عرفناها نحن كتجار نبيع المواد التنموية فلقد كنا نبيع ما يصل الى 100 كغم من القرقاعون قبل سنوات عدة لكن الآن لا يتعدى معدل بيعنا 10 كغم.

اما خليل علي اكبر لاري فله وجهة نظر مختلفة تماما اذ يقول: لا احد يستطيع ان ينكر ان الحداثة دخلت في كل جوانب حياتنا وحتى في القرقاعون وهذا شيء ليس سلبيا كما يتصور البعض، فمن هذا المنطلق كان لا بد من الارتقاء بالشكل الذي يقدم به القرقاعون من حيث شكل الاكياس القديمة التي تطورت الى سلة او اكياس مزركشة بصورة تأخد شكل دعابي للاطفال واضافة عبارات التهنئة التي تكتب على بطاقات مثل (كل عام وانتم بخير) و(عساكم من عواده) على شكل تهاني باعتبار ان القرقاعون سيتبادل بين الاهالي عن طريق الاطفال.

ويضيف: الأهالي في الوقت الحاضر يبحثون عن عنصر الجودة والمظهر الجميل ولم يعودا يقبلون على شراء القرقاعون من المحلات التي تفرش على الارصفة وهذا أمر طبيعي، ولكن يبقى العنصر المادي عامل مهم في تقييم الاشياء كلها وليس فقط القرقاعون.

اما عن الاقبال فهو جيد ولقد بدأ الاهالي بشراء القرقاعون قبل الناصفة بأيام وهذا يدل على ان هذا الموروث الاجتماعي الذي دأب الاهالي عليه ولن يختفي منا.

في النهاية وبعيدا عن حسابات التجار وتقييم الكبار يبقى للقرقاعون فرحة مهما اختلفت الاشكال، تلك الفرحة يدركها الاطفال اكثر من غيرهم

العدد 74 - الإثنين 18 نوفمبر 2002م الموافق 13 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 7:14 م

      شيئ مو مطلوب

      اول شيئ انا كتبت بـGoogleعبارات قرقاعون ماطلبت تعريف القرقاعون ليش كذا ياخي
      ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
      المهم الموضوع حلو ولاكن انا طالبه شي وانتو جايبين لي موضوع ثاني ... ليييييه؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    • زائر 1 | 1:23 م

      القرقاعون

      موضوع القرقيعان أعجبني وايد الله يخليكم لولادكم انشاء الله

اقرأ ايضاً